حكام تونس الجدد يقودون البلاد دون تأييد شعبي

تونس- ألقت الأزمة السياسية بين قصري الرئاسة بقرطاج والحكومة بالقصبة بظلالها السلبية على نسبة تأييد اتجاهات الرأي العام لحكام تونس الجدد.
أظهرت أحدث عملية سبر للآراء أن نسبة رضا التونسيين على أداء الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي لا تتجاوز 45.9 بالمئة وتناهز نحو 46.2 بالمئة بالنسبة إلى رئيس الحكومة فيما تقارب 30.3 بالمئة بالنسبة إلى رئيس البرلمان محمد الناصر.
وأوضحت عملية سبر للآراء أجرتها مؤسسة “إيمرود” بالتعاون مع “دار الصباح” شملت عينة ممثلة لمختلف الفئات العمرية والفئات الاجتماعية تنحدر من كل محافظات تونس، أن نسبة تأييد اتجاهات الرأي العام شهدت انزلاقا خطيرا لحكام تونس الجدد وخاصة منذ إطلاق الرئيس التونسي لمبادرته بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
وتظهر القراءة في نتائج عملية سبر الآراء أن مبادرة حكومة الوحدة الوطنية التي بدت ضبابية وملتبسة بالنسبة إلى غالبية التونسيين، زادت في تعميق تعقيدات الأزمة السياسية وقادت إلى تجريد حكام تونس الجدد من الإسناد الشعبي اللازم.
ويقول 63 بالمئة من التونسيين إنه ليس لهم أدنى فكرة عن حكومة الوحدة فيما يرى 44 بالمئة أن الحكومة المرتقبة تمثل أملا جيدا.
ويبدو أن الخاسر الأول والوحيد من المبادرة التي تاهت بين ثنايا المناورات السياسية والحسابات الحزبية، هو الرئيس السبسي نفسه على خلاف ما كان يتوقع، إذ تدحرجت نسبة رضا اتجاهات الرأي العام عن أدائه من 51.3 بالمئة خلال شهر أبريل الماضي إلى 45.9 بالمئة خلال شهر يوليو الحالي.
وعلى الرغم من أن تمسك رئيس الوزراء الحبيب الصيد بعدم استقالته والاحتكام للبرلمان، بدا انتصارا لحقه الدستوري، وهو من يحظى بتأييد جزء هام من التونسيين، فإن الأزمة التي يعد هو طرفها الثاني قادت إلى تراجع نسبة رضا التونسيين عن أدائه من 51.7 بالمئة في شهر مايو الماضي إلى 46.2 بالمئة.
وتقول المعارضة إن الصيد لا يعد سوى رئيس وزراء للأحزاب الحاكمة أكثر مما هو رئيس حكومة يمتلك من الشجاعة ما يجعله قادرا على تحرير القرار الحكومي من سطوة الأحزاب.
وقال أحمد الدريسي، الأخصائي في العلوم السياسية، إن “غالبية من التونسيين رفعوا الغطاء السياسي والشعبي على حكام تونس الجدد في ظل فشل واضح في الاستجابة لتطلعات التونسيين المشروعة خاصة في ما يتعلق بالقضاء على الجهاديين وتوفير التنمية والتشغيل”.
ويضيف الدريسي أن “التونسيين تعودوا على رجل دولة قوي يقود البلاد في إطار نظام رئاسي يمتلك من الشجاعة ما يجعله قادرا على الحسم في أي ملف دون تردد، أما حكام تونس الجدد فهم بالنسبة إلى غالبية التونسيين سياسيون ضعفاء يقودون البلاد في إطار نظام لا هو بالرئاسي ولا هو بالبرلماني”.
وتلتقي قراءة الدريسي مع قراءات الخبراء في القانون الدستوري الذين يشددون على أن “نظام شبه شبه” وهو نظام غريب عن الثقافة السياسية التونسية، إضافة إلى أنه لم يحدد بوضوح صلاحيات رأسي السلطة التنفيذية، ما أدى إلى أزمة سياسية.
ويؤشر تراجع الثقة في رئيس البرلمان على تدني الثقة في أداء الكتل الانتخابية وفي مقدمتها كتلتي النداء والنهضة صاحبتي الأغلبية البرلمانية، إذ ترى القوى الديمقراطية أن تحالف الحزبين الكبيرين لم يقد سوى إلى حالة من الاستقطاب السياسي الخطير بين النداء والنهضة الحاكمين من جهة وبقية القوى الديمقراطية من جهة أخرى.