حفتر يلتقي بوتين في موسكو وتعميق التحالف الاستراتيجي يتصدر المباحثات

التعاون بين حفتر وروسيا تجاوز الإطار السياسي إلى العسكري واللوجستي بتوقيع اتفاقيات ونشر مدربين، مما قد يؤثر على السيطرة على الهجرة وموارد الطاقة جنوب ليبيا.
الأحد 2025/05/11
شراكة في طور التوسع

موسكو - التقى القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالعاصمة موسكو التي وصلها مساء الأربعاء في زيارة رسمية التقى خلالها أيضا وزير الدفاع أندريه بيلوسوف وسكرتير مجلس الأمن سيرغي شويغو.

وتعكس هذه الزيارة، التي تزامنت مع احتفالات روسيا بذكرى النصر على النازية، مرحلة جديدة في تعزيز التحالف الاستراتيجي بين الجانبين، وذلك في خضم سياق إقليمي ودولي يشهد تحولات متسارعة.

وأفادت الصفحة الرسمية "للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية" عبر منصة فيسبوك في منشور مساء السبت، بأن حفتر التقى الرئيس الروسي، في مقر الكرملين بالعاصمة موسكو.

ويأتي لقاء حفتر مع بوتين وفق المنشور، ضمن زيارته الرسمية التي بدأها الخميس إلى روسيا.

من جهته أفاد المكتب الإعلامي بالرئاسة الروسية "الكرملين"، في بيان الأحد، بلقاء بوتين وحفتر دون ذكر معلومات حول مضمون اللقاء. ونشر الكرملين 3 صور من اللقاء.

كما التقى حفتر السبت وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف في العاصمة الروسية موسكو.

وتباحث الجانبان حول آخر التطورات الإقليمية، إلى جانب مناقشة سبل تعزيز التعاون العسكري وتنسيق الجهود في عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، وفق منشور للصفحة الرسمية "للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية" عبر منصة فيسبوك، مساء السبت.

وأعرب الوزير بيلوسوف عن "تقديره لدور حفتر، ودعمه المستمر لاستقرار المنطقة وتعزيز الأمن الإقليمي"، وفق المنشور.

وأكد حرص بلاده على "تطوير الشراكة الاستراتيجية بين البلدين بما يخدم مصالحهما المشتركة".

وكان حفتر التقى سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو، الجمعة، ومن ثم حضر العرض العسكري الذي أقيم في الساحة الحمراء بمناسبة يوم النصر على النازية الموافق 9 مايو.

وأوضحت "القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية" في منشور الجمعة، أنه جرى خلال اللقاء مناقشة آخر المستجدات على الساحتين الدولية والإقليمية.

كما بحث الجانبان "سبل تعزيز التعاون في الملفات ذات الاهتمام المشترك، ودعم جهود إرساء الاستقرار في ليبيا وكامل المنطقة"، وفق ذات المصدر.

وأكد الجانبان على عمق العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين، وعلى أهمية استمرار التنسيق بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز الأمن والسلم الإقليمي والدولي.

ووصل حفتر وصل روسيا الأربعاء بناء على دعوة رسمية من الجانب الروسي، عشية احتفالات بالذكرى الثمانين لعيد النصر على النازية، التي نظمها موسكو، وكان في استقباله نائب وزير الدفاع الروسي، الفريق أول يونس بك يفكيروف، وسط مراسم استقبال رسمية، وفق القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية.

وتأتي زيارة حفتر في ظل تقارير غربية تشير إلى أن المباحثات تناولت قضايا محورية مثل التعاون العسكري، وبرامج التدريب المشتركة، وإدارة الوجود الروسي في أفريقيا، وخطط إعادة الإعمار في مناطق سيطرة الجيش الوطني الليبي.

وتجاوز التعاون بين بنغازي وموسكو الإطار السياسي ليشمل الجانب العملياتي، حيث وقّع اللواء خالد حفتر، نجل المشير، اتفاقية استراتيجية مع نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف، تهدف إلى تعزيز القدرات العسكرية لقوات الشرق الليبي عبر الدعم اللوجستي والتدريب والتسليح.

كما كشفت تقارير عن نشر مدربين بيلاروسيين في قاعدة تمنتات الجوية ونقل شحنات معدات إلى قوات الجيش الوطني الليبي، مما يشير إلى امتداد محور موسكو-بنغازي-مينسك ليشمل البعد اللوجستي والإقليمي، مع ما يحمله ذلك من تداعيات محتملة على السيطرة على طرق الهجرة وموارد الطاقة في جنوب ليبيا.

وتأتي زيارة حفتر الدبلوماسية في لحظة حرجة للتوازنات الإقليمية، فقبل توجهه إلى موسكو، قام الجنرال صدام حفتر، قائد القوات البرية للجيش الوطني الليبي، بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة، حيث التقى كبار مسؤولي وزارة الخارجية، وجرى التأكيد على دعم واشنطن لتوحيد المؤسسات العسكرية في ليبيا.

وهذه التحركات المتوازية تعكس سعي الجيش الوطني الليبي إلى تأمين دعم دولي واسع النطاق في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.

وتعكس زيارة حفتر إلى موسكو عمق العلاقات المتنامية بين الطرفين، وتشير إلى توجه نحو تعزيز النفوذ الروسي في ليبيا والقارة الأفريقية بشكل عام. ففي ظل سعي روسيا لترسيخ أقدامها في مناطق جديدة وتوسيع شراكاتها الاستراتيجية، تمثل ليبيا بوابة مهمة لما تملكه من موقع استراتيجي وموارد طبيعية.

من جهة أخرى، يمثل هذا التقارب للمشير حفتر فرصة استراتيجية لتعزيز نفوذه وموقعه في المشهد الليبي المعقد، بما يخدم طموحاته في تحقيق الاستقرار في مناطق نفوذه وتوسيعها، ومع ذلك، يبقى مسار تطور هذه العلاقات وتأثيرها على مستقبل ليبيا والتوازنات الإقليمية رهنا بالتفاعلات الدولية المعقدة وتشابك المصالح الإقليمية والدولية.

وتدعم روسيا ليبيا في عملية النهوض من آثار الحرب التي عاشتها البلاد، بما في ذلك مؤسسات إنفاذ القانون، والقوات المسلحة لمحاربة الإرهاب. كما تدعم موسكو ليبيا على الصعيدين الاقتصادي والتقني.

ولا يعتبر هذا اللقاء الأول لحفتر الذي تربطه علاقات وثيقة بموسكو، إذ سبق أن التقى الرئيس بوتين في سبتمبر 2023.