حفتر يستثمر في توتر العلاقات بين مصر والدبيبة

القاهرة تعود إلى الوصفة القديمة بعد فشل تحصيل مكاسب في غرب ليبيا.
الجمعة 2022/10/14
مصر تعيد زخم العلاقات مع حفتر

حملت زيارة رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل إلى بنغازي ولقاؤه الذي استمر لساعات مع قائد الجيش خليفة حفتر دلالات سياسية عميقة، لجهة رغبة القاهرة في استعادة زخم العلاقات مع الشرق، بعد أن اتضح فشل جهودها في تحصيل مكاسب من انفتاحها على غرب ليبيا.

بنغازي (ليبيا) - عمدت مصادر مقربة من الجيش الليبي إلى تسريب زيارة قام بها رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل إلى شرق ليبيا، والتقى خلالها بقائد الجيش المشير خليفة حفتر.

ويرى مراقبون أن تسريب هذه الزيارة، التي ليست الأولى، لم يكن بريئا من حيث توقيته؛ إذ تشهد العلاقة بين القاهرة وحكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها في طرابلس توترا متصاعدا على خلفية توقيع الأخيرة مذكرة تفاهم مع تركيا بشأن التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط.

ويقول المراقبون إن الهدف من التسريب هو تأكيد حفتر أنه لا يزال رقما صعبا في المعادلة الليبية، ومازال يحظى بدعم قوى إقليمية وازنة وفي مقدمتها مصر.

ونقل تلفزيون “المسار” (خاص)، الذي يديره محمود الفرجاني عضو مكتب الإعلام بالجيش الليبي ويبث من الأردن، عن مصادر لم يسمها أن “كامل ووفد مصري رفيع المستوى زارا حفتر في بنغازي”.

زيارة رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل إلى المشير خليفة حفتر ليست الأولى بل تكررت هذا العام

المعلومة ذاتها أوردها أيضا موقع صحيفة “العنوان” المقربة من قائد الجيش. وفي حين لم تفصح وسائل الإعلام تلك عن سبب الزيارة أو فحوى اللقاء ذكر مصدر أمني من مدينة بنغازي أن “الوفد المصري برئاسة رئيس المخابرات العامة غادر مدينة بنغازي عشية الأربعاء بعد لقاء مع حفتر دام لساعات”، دون ذكر تفاصيل إضافية.

كما أورد المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه لكونه غير مخول له تقديم تصريحات للإعلام، أن “زيارة رئيس المخابرات المصرية إلى حفتر ليست الأولى بل تكررت هذا العام”.

وأشار إلى أن “جميع زيارات كامل السابقة كانت غير معلنة، عدا زيارة واحدة كانت في يونيو العام الماضي ظهر فيها مع حفتر في بنغازي بصورة رسمية”.

وتحمل كل زيارة يقوم بها رئيس المخابرات المصرية إلى ليبيا دلالات سياسية وأمنية مختلفة، وفي هذه المرة يبدو أن القاهرة تريد استعادة زخم ورقتها المهمة في الشرق وهي رجل هذه المنطقة القوي قائد الجيش والتي تأثرت كثيرا في الفترة الماضية بفعل التوجهات المصرية نحو إحداث توازن مع الغرب الليبي.

وانفتحت القاهرة في العامين الماضيين كثيرا على القوى السياسية في غرب ليبيا، وأعادت فتح سفارتها، ودفعت نحو تعاون اقتصادي كبير مع المؤسسات الرسمية هناك، لكنها لم تستطع حصد المكاسب التي كانت تتوقعها، حيث تتحكم تركيا في الكثير من مفاتيح الحل والعقد هناك، لكنها استثمرت الانفتاح في الحوارات التي رعتها، وشاركت فيها لجان سياسية واقتصادية وعسكرية. وبدأت القاهرة تشعر بأنها لم تكسب غرب ليبيا، ويمكن أن تخسر الشرق الليبي بعد أن تركت مساحة سياسية فارغة بدأت تتحرك فيها تركيا داخل منطقة النفوذ التقليدية لمصر.

وجاء التغير الحقيقي عقب رفع القاهرة اعترافها بحكومة الدبيبة باعتبارها منتهية الولاية، ما يعني فقدانها القدرة على الحركة السياسية معها، وأرادت إعادة الحيوية للشرق وتعظيم علاقاتها مع قياداته التي شعرت بفتور في التعامل معها مؤخرا.

ويشير لقاء اللواء كامل مع المشير حفتر إلى أن العلاقة بين الأخير والقاهرة يمكن أن تستعيد زخمها، بما يعيدها إلى المنهج السابق الذي يمنح حفتر مساحة كبيرة في التحركات القادمة، إذا تقرر استئناف التسوية السياسية، ويثبت تموضعه بجانب القاهرة.

bb

ويفسر اللقاء أسباب احتفاظ القاهرة بورقة حفتر، وتجنبت على مدار الفترة الماضية تهميش دوره تماما، على الرغم من انتشار معلومات قالت إنه تحول إلى عبء سياسي على كاهلها عندما قررت زيادة وتيرة العلاقات مع حكومة الدبيبة، ما دفعها إلى تخفيف التواصل معه علنا.

ويرى مراقبون أن توجه القاهرة نحو استعادة زخم العلاقة مع حفتر يمكن قراءته أيضا في سياق المواجهة مع حكومة الدبيبة، التي ترى القاهرة أنها تجاوزت جميع الخطوط الحمراء حينما قررت توقيع مذكرة تفاهم جديدة مع تركيا بشأن التنقيب عن النفط والغاز، وذلك استنادا إلى اتفاقية سابقة أبرمها رئيس الوزراء الليبي السابق فايز السراج وتتناول ترسيم الحدود البحرية بين أنقرة وطرابلس في شرق ليبيا.

وكانت مصر ردت بقوة على خطوة حكومة الدبيبة، مشددة على أن ما قامت به الأخيرة لا يحظى بأي مشروعية بحكم انتهاء ولايتها. لكن الأخيرة، وفي رسالة تحد، قالت إنها لا تبالي بالمواقف الصادرة عن مصر أو غيرها من الدول المتحفظة مثل اليونان.
وقبل لقاء المشير حفتر في بنغازي قال المصدر الأمني في بنغازي إن “رئيس المخابرات المصرية كان قد التقى في العاصمة طرابلس التي زارها للمرة الأولى بعبدالحميد الدبيبة (رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية) وكذلك محمد المنفي (رئيس المجلس الرئاسي الليبي)”.

ويعتقد أن زيارة كامل إلى طرابلس هدفها توجيه رسائل مباشرة إلى الدبيبة بشأن خطورة التحركات التي يقوم بها والتي ستنعكس بشكل سلبي على الوضع المتأزم بطبعه في ليبيا.

4