حظر مواقع إخبارية أجنبية في الأردن لن يمنع وصول "السموم الإعلامية"

ثغرة معلوماتية في الإعلام الأردني تدفع الجمهور إلى المنابر الأجنبية.
الجمعة 2025/05/16
تطوير مستوى الخطاب الإعلامي يغلق الباب على الشائعات

لجأت السلطات الأردنية إلى حجب 12 موقعا إخباريا أجنبيا وعربيا لأنها "تبث السموم الإعلامية وتهاجم رموزه الوطنية،" في خطوة أثارت الجدل بشأن جدواها حيث يرى الكثيرون أن الرهان يجب أن يكون على تطوير الإعلام المحلي وفتح المجال له لتناول القضايا التي تهم الرأي العام.

عمان - قررت هيئة الإعلام الأردنية حجب مجموعة من المواقع الإخبارية العربية والأجنبية التي وُصفت بأنها “تبث السموم الإعلامية وتهاجم الأردن ورموزه الوطنية،” وسط جدل حول جدوى الخطوة في عصر الفضاء المفتوح وإمكانية تجاوز الحظر بسهولة.

وشملت قائمة الحجب 12 موقعاً، من أبرزها: “ميم مرآتنا”، “رصيف 22”، “ميدل إيست.أي”، “الشعوب”، “عربي 21”، “رصد”، “عربي بوست”، و”صوت الأردن”.

وقالت هيئة الإعلام الأردنية إن هذه الخطوة تأتي ضمن إجراءات هيئة الإعلام واستنادا إلى الصلاحيات القانونية الممنوحة لها في إطار “الحفاظ على الأمن الإعلامي الوطني والتصدي لمحاولات التشويش على استقرار الأردن والإساءة لرموزه السياسية والاجتماعية والوطنية.”

ويبدو الاستياء واضحا لدى الأردنيين من الأخبار والمعلومات التي تطال بلادهم، لاسيما التي تتعلق بالدور الأردني في القضية الفلسطينية، إذ أن حجب هذه المواقع لقي تأييدا من بعض المستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي، وجاء في تعليق:

@ehab_aboudi

تستمر الحملات الإعلامية المضللة والمشككة ضد الأردن، والتي تحاول إثارة الشائعات والأحقاد والنزاعات في محاولات لإثارة الفتن والتشكيك بدور الأردن وجلالة الملك المحوري ولربما الوحيد الداعم للقضية الفلسطينية العادلة بإقامة دولتهم المستقلة القابلة للحياة على ترابهم بحدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
لا ننكر بأن العديد من شائعاتهم وسمومهم قد لقيت صداً شعبياً بالسابق ولقيت من يصدق ويردد قصداً أو جهلاً أو تعاطفًا أو حقداً.
لكن الآن، وبعد كشف المستور ممن يعيشون بيننا ويقتاتون من قوتنا ويبثون السموم ويخططون لإيذائنا ونخر صفنا، فلن يصفق لكم أحد ولن نعول على جهل أو استعطاف أو قلة معرفة! فكل من يقف معهم ويروج لهم ولفكرهم وشائعاتهم فهو معهم وقاصد ومتعمد وسيلقى جزاءه دون هوان أو تهاون.

وقال آخر:

@SalehRf21170

هيئة الإعلام #تحجب مجموعة من المواقع الأجنبية التي تبث السموم وتهاجم #الأردن ورموزه شكرا لهيئة الإعلام ولكن يجب حجب بعض #القنوات كمان دائما #الأردن الأجمل #الأردن

ورحب مدون بالخطوة:

@hghghb6767

أصابت القرار هيئة الإعلام في حجبها لِمواقع تُعادي الأردن في نهجها اللامهني: فتُحاربه في سُمعته، وتُحاول فاشِلة في تشويه صورته، وتنتقص من مواقفه الكبيرة؛ وكُل ذلك بثمن مقبوض!

وقال آخر:

@Yassir_Su7imat

هيك الأخبار
هيئة الإعلام تقوم بحجب 12 موقعا كانت سببا في إطلاق الإشاعات والأكاذيب ضد الأردن منها مرآتنا ميم، عربي 21، رصيف 22، ميدل إيست أي. عقبال إغلاق مكاتب الجزيرة وطردها من الأردن.

في المقابل يرى آخرون أن الحجب خطوة رمزية أكثر منها واقعية في ظل سهولة تخطي الحظر ووجود مواقع التواصل الاجتماعي التي تتداول أخبار المواقع المحظورة.

ويقول هؤلاء إن على الحكومة المراهنة على الإعلام المحلي وتطويره ومنحه مساحة أوسع من الحرية ليكون قادرا على تناول القضايا التي تشغل الرأي العام ومعالجتها بطريقة مقنعة بدلا من التعتيم عليها ما يجعل الجمهور يتجه إلى منصات عربية وأجنبية.

وفي الكثير من الأحيان تستخدم الحكومة الأردنيّة سياسة حجب المعلومات عن الصحافة، بينما الإعلام الرسمي غالبا ما يكتفي بالبيانات والتصريحات الرسمية لتنشأ ثغرة معلوماتية لدى الجمهور الذي يتجه إلى مواقع التواصل والمنابر الأجنبية لإيجاد ما يبحث عنه، وساهم كلُّ ذلك في انتشار الأخبار الكاذبة وغير الدقيقة، حتى باتت مشكلة تُطرح لها مشاريع للحلّ من الحكومة ومن منظمات المجتمع المدني التي راحت تضع مشاريع لحل هذه المشكلة، كان آخرها إضافة منهجٍ دراسيّ حول التربية الإعلاميّة، في الجامعات والمدارس.

وفي عصر الإنترنت والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي لم يعد مقبولا استمرار العمل الإعلامي بشكله التقليدي دون تطوير مضمونه ورسالته، فالتطور في الإعلام مرتبط بتطور مستوى الخطاب الإعلامي الموجه إلى الجمهور المحلي.

وبالتوازي مع سياسية حظر المواقع الإخبارية كثيرا ما تلجأ الحكومة إلى فرض قرار بحظر النشر حول القضايا التي تثير اهتمام الرأي العام في الأردن. وفي السنوات الماضية زادت هذه القرارات بشكل كبير في أوقات الأزمات، سواء الأمنية أو السياسية أو حتى الكوارث الطبيعية. ويؤكد صحافيون أن “القرارات لم تلاحظ فيها فائدة حقيقية لخدمة العدالة أو خدمة الحقيقة للجمهور الأردني.”

المادة 15 من الدستور الأردني تنص على أن الدولة تكفل حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ألا يتجاوز حدود القانون

وتساءل مراقبون عن قيمة قرار حظر النشر في الإعلام الأردني ومواقع التواصل إذا كان هناك الكثير من الحسابات التي تتداول القصص المحظور الحديث عنها بينما يزيد الغموض من إمكانية نشر الأخبار الكاذبة حولها.

ووجه مراقبون انتقادات للأجهزة الرسمية التي تنتهج في كل قضية سياسة عدم النشر بحجج واهية لتشتكي لاحقا من انتشار الشائعات والأخبار المضللة. كما وجه الإعلاميون أنفسهم انتقادات للإعلام في بلادهم متسائلين “كيف نكون سلطة رقابية ونحن نتحرك بالريموت كنترول؟” خاصة أن الإعلام الخارجي يتلقف القصص المهمة وينشر كل ما يتعلق بها دون ضوابط ومحددات، غير تلك التي يختارها هو لنفسه.

وأكد صحافيون أنه على الأجهزة الرسمية أن تدرك حجم الضرر الذي تتسبب به إذا ما قررت أن تستمر في تقييد الإعلام وتدجينه.

وعندما لا يواكب الأداء الإعلامي المحلي تطورات الأحداث على مستوى تطلعات الأردنيين، فإن حظر النشر في قضايا تهم الرأي العام يؤدي إلى زيادة الغموض وخلق مساحات واسعة لمروجي الإشاعات، وذلك على الرغم من أن القانون الأردني يضمن حق الحصول على المعلومة الذي صدر عام 2007، وهو من أوائل الدول العربية التي أقرت القانون، لكن المشرع الأردني لم يعرّف المقصود بحق الحصول على المعلومة، وترك أمر تعريفها للفقه القانوني.

وتستند قرارات “حظر النشر” على المادة 224 من قانون العقوبات الأردني، والتي تنص على أن “كل من نشر أخبارا أو معلومات أو انتقادات من شأنها أن تؤثر على أيّ قاض أو شاهد، أو تمنع أيّ شخص من الإفضاء بما لديه من المعلومات لأولي الأمر، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز مئتي دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.”

كما تنص المادة 225 من القانون نفسه على أنه “يعاقب بالغرامة من 5 دنانير إلى 25 دينارا من ينشر وثيقة من وثائق التحقيق الجنائي أو الجنحي قبل تلاوتها في جلسة علنية، أو محاكمات الجلسات السرية، أو المحاكمات في دعوى السب، أو كل محاكمة منعت المحكمة نشرها.”

في المقابل تنص المادة 15 من الدستور الأردني على أن “الدولة تكفل حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ألا يتجاوز حدود القانون” و”تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام ضمن حدود القانون.”

5