حظر البنزين الروسي يدفع الأسواق إلى البحث عن بدائل

موسكو - فرضت روسيا حظرا لمدة ستة أشهر على صادرات البنزين اعتبارا من يوم الجمعة المقبل للحفاظ على استقرار الأسعار، في ظل تزايد طلب المستهلكين والمزارعين وكذلك لإتاحة الفرصة لصيانة المصافي في ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم.
وسرعان ما طفت على السطح مخاوف من تداعيات القرار على أسواق الوقود العالمية بالتزامن مع استمرار أزمة التوترات في البحر الأحمر، وبحث أوروبا عن بدائل للوقود الروسي في دول أخرى، مثل السعودية والهند.
وكان مجلس الأعمال الروسي أول من أعلن عن الحظر، الذي أكده متحدث باسم نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، وهو مساعد الرئيس فلاديمير بوتين لقطاع الطاقة.
ونقل المجلس عن المصدر، لم يكشف عنه، قوله إن “رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين وافق على الحظر الذي اقترحه نوفاك في خطاب بتاريخ الحادي والعشرين من فبراير” الحالي.
وقال نوفاك في المقترح إنه “من أجل معادلة الطلب الزائد على المنتجات البترولية، فإنه من الضروري اتخاذ إجراءات تساعد على استقرار الأسعار في السوق المحلية”.
◙ القيود التي تستمر ستة أشهر بداية من مارس تستثني الاتحاد الأوراسي ومنغوليا وأوزبكستان وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية
وذكرت صحيفة آر.بي.سي اليومية المحلية الثلاثاء نقلا عن مصدرين مطلعين أن الحظر المؤقت لا ينطبق على كميات الإمدادات المتفق عليها إلى دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومنغوليا وأوزبكستان وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.
ويقول محللون في الصناعة إن بقية المستوردين سيتعين عليهم الآن العثور على بائعين بدلاء حتى تتمكن روسيا من تجديد مخزونها، لكنهم يجادلون بشأن تأثر الأسعار العالمية بهذه الخطوة.
ويتزامن القرار مع خطط المصافي الأوروبية لموسم الصيانة الدوري خلال الربيع، ما يرجح انخفاض كميات البنزين التي تنتجها لدول الاتحاد أو تلك التي ستصدرها إلى السوق الأميركية.
ولطالما ركز تطوير صناعة تكرير النفط في روسيا على الصادرات. وينتج البلد نحو 15 في المئة من البنزين أكثر مما تحتاجه البلاد، بينما يباع 56 في المئة من الديزل المنتج بروسيا في الخارج.
وتمتلك روسيا سعة تخزين تشغيلية فقط للوقود، وتعمل كمخازن في سلسلة التوريد، ولكن لا يوجد تخزين إستراتيجي.
وثمة إجماع على أن سوق الوقود في روسيا، التي تقود مع السعودية تحالف أوبك+، تضررت بسبب مجموعة من العوامل، بما في ذلك أعمال صيانة المصافي مثل مصفاة لوك أويل وضعف قيمة الروبل.
وحاولت موسكو معالجة النقص في الديزل والبنزين على مدار أشهر طويلة، لكنها لجأت إلى فرض قيود على التصدير لمنع حدوث أزمة وقود.
ويواجه الاقتصاد الروسي حزما من العقوبات الغربية على خلفية الهجوم على أوكرانيا منذ عامين، وتسبب ذلك في تدهور سعر صرف العملة المحلية لأكثر من 100 روبل مقابل الدولار مرات عدة في الأشهر الأخيرة وهو مستقر الآن عند 91.9 روبل لكل دولار.
ويبدو هذا الوضع محرجا للكرملين مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المزمعة في مارس المقبل، خاصة وأن المسؤولين يحاولون اتباع إستراتيجية للتأقلم مع الأوضاع الداخلية والخارجية بالتزامن مع استمرار الحرب في أوكرانيا.
وفي سبتمبر الماضي فرضت روسيا حظرا على صادرات الوقود، باستثناء بيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقيرغيزستان، من أجل معالجة مشكلة الأسعار المحلية المرتفعة ونقص الوقود. وقد تمت إزالة جميع القيود تقريبًا بحلول نوفمبر.
وصادرات روسيا من النفط والمنتجات النفطية تشغل النصيب الأكبر من الصادرات الروسية وهي أيضا مصدر رئيسي لإيراداتها من العملة الأجنبية للاقتصاد الروسي الذي يقدر حجمه بحوالي 1.9 تريليون دولار.
وتعمل روسيا مع السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، للإبقاء على الأسعار مرتفعة في إطار مجموعة أوبك+ الأوسع والتي تشمل منظمة البلدان المصدرة للبترول بالإضافة إلى حلفائها الرئيسيين.
وتخفض موسكو بالفعل صادراتها من النفط والوقود طواعية بمقدار 500 ألف برميل يوميا في الربع الأول من العام الحالي كجزء من جهود أوبك+ لتعزيز الأسعار.
◙ روسيا تعمل مع السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم للإبقاء على الأسعار مرتفعة في إطار مجموعة أوبك+
وأنتجت روسيا العام الماضي نحو 43.9 مليون طن من البنزين وصدرت حوالي 5.76 مليون طن أو ما يقدر بـ13 في المئة من إنتاجها.
وبحسب بيانات تتبع الشحنات التي تتابع شركات عالمية مثل كابلر فإن الدول الأفريقية هي أكبر مستوردي البنزين الروسي، من بينها نيجيريا وليبيا وتونس.
وعلى مدى سنوات حاولت موسكو الحفاظ على سوق حرة ظاهريا للمنتجات البترولية وتنظيم الأسعار بطريقة تضمن استقلالها عن الاقتصاد العالمي. والهدف هو منع أسعار البنزين من الارتفاع وإبقاء المستهلكين الروس سعداء.
ومع ذلك، فقد تسببت الأسعار المنخفضة بشكل مصطنع في بقاء استهلاك الطاقة مرتفعا وبات الحفاظ عليها صعبا ومكلفا بشكل متزايد، ومن المحتمل أن تجعل الاقتصاد عرضة لتقلبات أسعار الوقود، عندما تضطر الحكومة إلى التخلي عن ضوابط الأسعار.
واختبرت قوى السوق هذا النظام عدة مرات، الأمر الذي أجبر السلطات على البحث عن حلول سريعة. ففي 2022 نجت روسيا من تقلبات العملة وارتفاع أسعار النفط العالمية لأن العقوبات الغربية تعني أن شركات النفط الروسية تواجه صعوبات في التصدير.
كما ساعد في ذلك قرار الحكومة حساب ضريبة استخراج المعادن، بما يتماشى مع عروض أسعار النفط الرسمية التي لا علاقة لها بالواقع.