حسين الشيخ بديل مرحلي لحل ثنائية عباس وحماس

قطر تسعى لاستبدال حماس بفتح وقطع الطريق على دحلان.
الثلاثاء 2024/03/19
الشيخ مقبول عربيا وأميركيا

الدوحة – تحمل الجولة الخليجية لأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ إلى قطر والبحرين والسعودية إشارة إلى أن الدول العربية قد اقتنعت أخيرا به كشخصية فلسطينية معتدلة وقريبة من مختلف الفصائل لتجاوز الصراع بين حركة حماس والرئيس محمود عباس على غزة في مرحلة ما بعد الحرب.

ويتيح عمل الشيخ داخل السلطة وقربه من الرئيس عباس ودعوته إلى الإصلاح فرصة أمام أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ليكون شخصية مقبولة عربيا وكذلك من الولايات المتحدة التي تضغط من أجل إصلاح السلطة الفلسطينية وتطالب عباس بتفويض بعض صلاحياته لرئيس الحكومة.

ويمكن أن يتم الاعتماد على الشيخ بشكل مرحلي لتأمين الخروج من الحرب على أن يتم تفعيل المؤسسات الفلسطينية في مرحلة أخرى عبر إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية تختار سلطة جديدة.

ويقول محللون إن قطر تسعى لتحقيق هدفين من خلال الرهان على الشيخ؛ يتمثل الأول في استبدال حماس بفتح وقطع الطريق على تشكيل سلطة فلسطينية بقيادة القيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان.

قُرْب الشيخ من عباس ودعوته إلى الإصلاح يتيحان له فرصة أن يكون شخصية مقبولة عربيا ومن الولايات المتحدة

وما يحسب للشيخ انفتاحه على مختلف الأطراف بما في ذلك حماس وإسرائيل، وسبق أن وجه انتقادات لحماس بسبب مغامرة هجوم السابع من أكتوبر الماضي وأخرى لإسرائيل بسبب الهجوم على غزة والمداهمات العسكرية وتوسيع المستوطنات في الضفة، ما أدى إلى إضعاف السلطة الفلسطينية.

ورغم قربه من عباس، ودفاعه عن السلطة الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، فإنه لا يخفي حضه على إصلاحها بدعوته في حوار سابق مع رويترز إلى “ضرورة إعادة تقييم السلطة الفلسطينية لدورها”.

وسبق للشيخ أن دعا إلى “حوار وطني شامل”. وقد تساعده رغبته في التجميع قبل الحرب على لعب دور محوري في رصّ الصف الفلسطيني، ولكن وفق التطورات الجديدة، ومن بينها الاقتناع الإقليمي والدولي بأن مرحلة حكم حماس في غزة قد انتهت، وضرورة أن يكون القطاع والضفة الغربية تحت سلطة واحدة.

ورغم الخلاف مع حماس والاتهامات التي توجه إليه بشأن التنسيق مع إسرائيل، إلا أن تعليق الشيخ على مغامرة هجوم السابع من نوفمبر كان هادئا، حيث قال في إشارة إلى حماس “لا يجوز للبعض أن يعتقد أن طريقته وأسلوبه في إدارة الصراع مع إسرائيل كانا الأمثل والأفضل”. وأضاف أنه بعد سقوط هذا العدد من القتلى وبعد كل ما حدث “ألا يستحق كل ذلك وكل ما يجري أن نجري تقييما جادا وصادقا ومسؤولا لنحمي شعبنا ونحمي قضيتنا”. وتابع متسائلا “ألا يستحق كل ذلك أن نناقش كيف ندير هذا الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي”.

ويرى مراقبون أن الضغوط المختلفة، التي تمارس على حماس بما في ذلك من حلفائها الإقليميين الذين يدفعونها إلى القبول بالتهدئة من أجل تخفيف معاناة المدنيين، قد تدفع حماس إلى وضع يدها في يد الشيخ للبحث عن حل فلسطيني – فلسطيني ولو بشكل انتقالي لتأمين وقف الحرب والتمهيد لمفاوضات حل الدولتين الذي بدا أكثر واقعية بعد الدعم الذي حصل عليه من جهات مختلفة من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل.

ولا يستبعد أن يكون وجوده في الدوحة على هامش مفاوضات التهدئة بين حماس وإسرائيل برعاية قطرية وأميركية على صلة بالدور الذي يفترض أن يلعبه كبديل فلسطيني واقعي، خاصة أنه لا يمكن مناقشة ما بعد التهدئة دون مشاركة السلطة الفلسطينية.

قطع الطريق على دحلان
قطع الطريق على دحلان

ومن شأن وجود القيادة السياسية لحماس في الدوحة أن يفتح أمام الشيخ فرصة استكشاف مدى استعداد الحركة للدخول في مسار التفاوض الفلسطيني – الفلسطيني للوصول إلى توافق بشأن مرحلة ما بعد الحرب وكيفية إدارة التفاوض مع الأميركيين باعتبارهم الوسيط الفعلي لتنفيذ التفاهمات وإلزام إسرائيل بها.

وذكر بيان صدر عن مكتب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن “الشيخ وصل الاثنين إلى العاصمة القطرية الدوحة في زيارة رسمية” لتقديم رد تل أبيب على مقترح حماس بشأن صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.

ويُرتقب أن يعقد لقاء يجمع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ورئيس الموساد ديفيد برنيع ومسؤولين مصريين لبحث هدنة محتملة واتفاق تبادل رهائن في غزة.

ونقلت القناة “12” الإسرائيلية (خاصة) عن مسؤول إسرائيلي لم تسمه قوله إن “العملية ستكون طويلة ومعقدة، المفاوضات تتجه لتكون مع (زعيم حماس في غزة يحيى) السنوار”، في إشارة إلى أنه هو مَن يتخذ القرار. وتابع المسؤول “حتى لو كانت (بعض قيادات) حماس في الخارج، فليس لديها أي تفويض لاتخاذ القرارات. كل فاصلة وكل نقطة (في الاتفاق المرتقب) ستستغرقان ما بين 24 إلى 36 ساعة. ستكون عملية معقدة”.

الضغوط المختلفة، التي تمارس على حماس، قد تدفع الحركة إلى وضع يدها في يد الشيخ للبحث عن حل فلسطيني – فلسطيني ولو بشكل انتقالي لتأمين وقف الحرب

وقال بيان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إن الشيخ “سيزور بعدها العاصمة البحرينية المنامة ومن ثمة مدينة جدة السعودية لإجراء مشاورات ثنائية ومطولة حول مختلف القضايا المستجدة”.

ويعتقد المراقبون أن زيارة السعودية مؤشر على أن الرهان على الشيخ كبديل مقبول محليا وإقليميا بات أمر واردا، خاصة أنه سبق أن زار الإمارات وحظي باستقبال من وزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان.

يأتي ذلك وسط تصاعد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية المدمرة، ووسط جهود تبذلها قطر للوصول إلى صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل.

وفي وقت سابق ذكرت تقارير إعلامية عبرية أن وفدا إسرائيليا سيغادر الاثنين (أمس) إلى الدوحة، لتقديم رد تل أبيب على مقترح حركة حماس بشأن صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتُجرى في الدوحة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس، بوساطة قطر ومصر وبمشاركة الولايات المتحدة، في ظل استمرار إسرائيل في شن حرب مدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر 2023.

ومنذ 7 أكتوبر تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة، خلَّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، بحسب بيانات فلسطينية وأممية؛ ما أدى إلى مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب “إبادة جماعية”.

 

اقرأ أيضا:

        • وضع غذائي كارثي لنصف سكان غزة وسط تحذيرات من مجاعة وشيكة

        • من أجل ضحايا الحروب المنسية

        • القضية الفلسطينية والحسابات الإيرانية

1