حسان دياب يوجه سهامه لمصرف لبنان بعد انسحاب ألفاريز ومارسال

لبنان سيدفع رسما جزائيا بنحو 150 ألف دولار لقاء فسخ شركة التدقيق المالي الدولية الاتفاقية.
السبت 2020/11/21
استياء فرنسي بسبب انسحاب شركة التدقيق المالي

بيروت - وجه رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب، السبت، آخر سهامه لمصرف لبنان بعد انسحاب ألفاريز ومارسال التي تتولى التدقيق في ملابسات انهيار النظام المصرفي والمالي الذي تسبب في دمار الاقتصاد.

وقال دياب "أحبطوا التدقيق الجنائي. ربح الفساد جولة جديدة. لن نستسلم لليأس. لا بد أن تنتصر إرادة اللبنانيين".

وأضاف "نحن نعلم أن منظومة الفساد لن تستسلم بسهولة، ونعلم أن هذه المنظومة ستقاتل بشراسة لحماية نفسها. لكنني على يقين بأن هذه المنظومة ستسقط في النهاية.

وكانت رئاسة الجمهورية اللبنانية، قالت في وقت سابق إن شركة "الفاريز ومارسال" الدولية التي تولت قبل شهور مهمة مراجعة حسابات وملفات مصرف لبنان المركزي، انسحبت من المهمة الموكلة إليها.

وبررت الشركة وقف عملها، بعدم حصولها على المعلومات والمستندات المطلوبة، وعدم تيقنها من التوصل إلى هكذا معلومات، رغم حصولها مطلع نوفمبر الجاري على تمديد عملها ثلاثة أشهر لتسلم المستندات المطلوبة.

وقال مصدر رسمي إن الاتصالات جارية لترتيب اجتماع مع ألفاريز ومارسال سعيا لإقناعها بالاستمرار في العقد.

ونقلت وسائل إعلام لبنانية عن مصادرها أن لبنان سيدفع رسما جزائيا بنحو 150 ألف دولار لقاء فسخ شركة "ألفاريز ومارسال" الاتفاقية.

وقوبل انسحاب شركة التدقيق المالي باستياء فرنسي إزاء أداء السلطات اللبنانية، لكون هذا الملف يحتل صدارة أولويات الإصلاح الاقتصادي والمالي المطلوب في الورقة الفرنسية.

وكانت الحكومة اللبنانية المستقيلة، قد أقرت التعاقد مع شركة عالمية للتدقيق الجنائي في حسابات البنك المركزي، على الرغم من وجود شركتين دوليتين تتوليان بشكل منتظم عملية التدقيق في الحسابات، وذلك بعدما اندلع خلاف كبير قبل عدة أشهر بين الحكومة ومصرف لبنان المركزي حول أرقام العجز واحتساب الخسائر المالية، حيث تضاربت الأرقام وتفاوتت بشكل كبير ما بين خطة التعافي المالي والاقتصادي التي وضعتها الحكومة، والأرقام التي قدمها البنك المركزي.

ويشكل التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان أبرز بنود خطة النهوض الاقتصادية التي أقرتها الحكومة قبل أشهر للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، كما ورد ضمن بنود خارطة الطريق التي وضعتها فرنسا لمساعدة لبنان على الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي.

ويعتبر قرار إنهاء عقد التدقيق بمثابة ضربة للبنان في وقت يسعى فيها إلى الخروج من أزمة مالية عميقة تسببت في انهيار عملته وأصابت البنوك بالشلل وأدت إلى تعثر في سداد دين سيادي.

والتدقيق مطلب أساسي للمانحين الأجانب وصندوق النقد الدولي، الذي توقفت محادثاته مع حكومة تصريف الأعمال على خلفية عدم تنفيذ إصلاحات طالما طولب بها ونزاع داخلي بشأن حجم الخسائر.

وفي 3 نوفمبر، طالب دياب المصرف المركزي بتسليم كافة المستندات لشركة التدقيق، معتبرا أي محاولة لعرقلة التدقيق، يصنف أنه شراكة في المسؤولية عن التسبّب بمعاناة اللبنانيين على المستويات المالية والاقتصادية والمعيشية.

كان البنك المركزي، الذي يواجه تدقيقا مكثفا منذ بدء الأزمة المالية في أكتوبر 2019، قال في السابق إنه قدم حساباته الخاصة للتدقيق، وإنه يتعين على الحكومة تقديم كامل حسابات الدولة كي تجنب البنك المركزي مخالفة قوانين السرية المصرفية الملزمة قانونا.

وطرحت كتلة برلمانية هذا الشهر قانونا مقترحا لرفع قانون السرية المصرفية مؤقتا من أجل التدقيق فقط. ولم يتحدد موعد جلسة بشأن القانون المقترح.

ويسود التوتر الشديد العلاقة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، حيث سبق لـ"دياب" أن هاجم سلامة مُحملا البنك المركزي -في أكثر من مناسبة وبصورة علانية- المسؤولية عن التدهور النقدي والمالي الذي تشهده البلاد، واتهمه بتمويل ودعم السياسات المالية للحكومات المتعاقبة، والتي كانت تقوم على إهدار أموال الدولة والمودعين في القطاع المصرفي.

ويخوض دياب المعركة ضد مصرف لبنان نيابة عن حزب الله، الذي سعى في الأشهر الأخيرة إلى إلقاء مسؤولية تدهور الوضع المالي على المصرف وحاكمه رياض سلامة.

وكان حزب الله قد حاول إزاحة سلامة عن حاكمية المصرف معتبرا أنه يمثل السياسة الأميركية في إدارة الدفّة النقدية، والمسؤول المباشر عن تطبيق العقوبات الاقتصادية التي طالت الحزب وكيانات وأفرادا على علاقة به، لكن الضغوط الدولية حالت دون ذلك.

ويسعى رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، والذي جرى تكليفه الشهر الماضي، إلى تشكيل حكومة في ظل النظام السياسي الطائفي الذي يحكم البلاد لتنفيذ إصلاحات تعالج أسوأ أزمة يمر بها لبنان منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990، والتي شهدت تفشيا للفقر.

وقال منسق الأمم المتحدة الخاص في لبنان يان كوبيس على تويتر إن اجتماعا لمجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان في بيروت، السبت، ناقش أزمة البلاد المتشعبة "بقلق بالغ".

وأكد أن المجموعة، والتي تضم الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، استنكرت "عدم إحراز تقدم في تشكيل الحكومة وعدم وجود إجراءات أكثر تصميما من قبل مؤسسات الدولة والمؤسسات المالية".