حسابات انتخابية خلف فتح جماعة الإخوان في الأردن باب الاشتباك السياسي مبكرا مع الحكومة

رسائل تحذير من "عبث العابثين" ومطالبات بضمانات لوقف التضييقات الأمنية.
الجمعة 2024/06/14
مراد العضايلة: يجب أن تكون الحركة الإسلامية جزءا من التحديث السياسي

تخشى جماعة الإخوان المسلمين، المسكونة بهاجس المؤامرة، من تدخل السلطة الأردنية في الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في سبتمبر المقبل، وهو ما دفعها للتحرك وإيصال رسائل تحذيرية، متحدثة عن تضييقات أمنية تتعرض لها ذراعها السياسية وأعضاؤها.

عمان - فتحت جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي مبكرا باب الاشتباك السياسي مع الحكومة الأردنية، من خلال توجيه رسائل مباشرة وغير مباشرة تتضمن تحذيرات من مغبة التدخل في العملية الانتخابية.

ويرى متابعون أن مسلك الإخوان في الأردن ليس مفاجئا لاسيما مع أهمية الاستحقاق التشريعي المقبل، والذي تراهن عليه الجماعة لتعزيز تموقعها في المشهد العام، وفرض نفسها رقما صعبا في المعادلة النيابية، بعد التغييرات التي طالت المنظومة السياسية.

ويقول المتابعون إنه من غير المرجح أن ترد الحكومة على تلك الرسائل لإدراكها بأن الجماعة تعمد إلى جرها إلى هذا الخندق، وأنها قد تترك الأمر لشخصيات سياسية قريبة منها.

وقال المراقب العام الجديد لجماعة الإخوان المسلمين مراد العضايلة إن “الانتخابات المقبلة هي عتبة مهمة لإنجاح كل مشاريع التحديث، فإن نجحت مضت مشاريع التحديث التي أطلقتها قيادة البلد، وإذا لم تمض أو تركت للعابثين ليعبثوا بها تحت تقديرات واهمة أو خاطئة، فنحن سنكون قطعنا الطريق على مسار التحديث الذي أطلقته قيادة البلد”.

وأضاف العضايلة في حوار مع وكالة بوصلة، القريبة من الجماعة، “هذا سيدفع المجتمع للإحباط، في ظل الحاجة لنقلة تعيد الأمل والثقة للمجتمع الأردني، الثقة بنفسه والثقة بمستقبله والثقة بدولته“.

وائل السقا: نطالب باتخاذ إجراءات ضامنة لإيقاف سياسة التضييق
وائل السقا: نطالب باتخاذ إجراءات ضامنة لإيقاف سياسة التضييق

وقال العضايلة المحسوب على شق “الصقور“ داخل الجماعة “يفترض أنه لا حاجة للتدخل اليوم، وإن حصل فسيكون تدخلا عابثًا باستقرار الدولة وعابثا بمسار التحديث وعابثا في الرؤية التي أرادتها قيادة الأردن، والأردنيون أذكياء ومسيسون ولديهم فهم ويعرفون حدودهم فيما يتعلق باستقرار دولتهم ويجب أن نساعدهم للخروج في يوم الانتخابات للاقتراع بالملايين وليس بالآلاف ولا بمئات الآلاف، اليوم يجب أن تكون هناك نسبة عالية من التصويت”.

وأوضح أن الانتخابات “محطة مهمة جدًا وأن التحديث خرج بعد مهمة ليست سهلة على مدار أشهر من العمل حتى حصل التوافق على قانون انتخابي وقائمة وطنية وقائمة محلية والعتبة، والتعديلات التي جرت على قانون الانتخاب، وهي راعت الخصوصية الأردنية، في قضية التوافقات والتدرج ومعاييرنا الداخلية”.

ويستعد الأردنيون في العاشر من سبتمبر المقبل  لإجراء انتخابات تشريعية هي الأولى بعد إدخال تعديلات على المنظومة السياسية شملت قانوني الأحزاب والانتخابات.

وعززت التعديلات من حصة الأحزاب في البرلمان على حساب مكونات أخرى على غرار العشائر، حيث باتت للأحزاب الأردنية إمكانية الهيمنة على المجلس عبر تحالفات وأيضا عبر الدفع بمستقلين موالين، وهو تحديث يستهدف الوصول بالبلاد إلى حكومات برلمانية.

ولئن منح القائمون على التعديلات الأحزاب فرصة لتعزيز حضورها البرلماني، لكنهم حرصوا في الآن ذاته  على عدم حصول حزب معين على الأغلبية، لضمان قدر من التوازن، وإن كانت قيادات الإخوان تنظر إلى المسألة على أنها استهداف للحركة الإسلامية، ومحاولة لتحجيمها، باعتبارها المكون السياسي الأكثر قدرة نظريا على الفوز بمقاعد في مجلس النواب.

وقال العضايلة إن القانون لم يحدد حصة لكل حزب ولكنه ترك مساحة للأحزاب أن تتنافس، ووضع عتبة بحيث تبذل جهدًا واسعًا لكي تدخل غمار الحياة السياسية والبرلمانية.

وأضاف “أعتقد أن القانون الحالي لا يسمح بأغلبية نيابية، ولذلك علام التخوف ولماذا يندفع الناس لهذا؟ ثم الولادة الطبيعية للحياة السياسية وخصوصًا (الحزبية) أفضل من الولادة المصطنعة، لأنها عند أول محطة ستظهر هشاشة المنتج، وستظهر ضعفه، والعمل الاصطناعي سيترك أثرًا سلبيا على الأحزاب”.

من غير المرجح أن ترد الحكومة على تلك الرسائل لإدراكها بأن الجماعة تعمد إلى جرها إلى هذا الخندق

ودعا المراقب العام لجماعة الإخوان “الجهات المعنية أن تتوقف عن الضغوطات والممارسات والتصريحات، لأنّه في النهاية الحركة الإسلامية ليست لديها نية المغالبة، وليست لديها نية أن تهيمن على البرلمان ولا ترى في ذلك مصلحة لها ولا للدولة الأردنية“.

وأضاف موجها كلامه للجهات المعنية التي لم يسمها “لذلك وفروا جهدكم، فليس لدينا هذه الرغبة في ذلك، ونحن نعتقد ورغبتنا في اجتماع الأردنيين على كلمة سواء، بحيث نواجه الضغوط الخارجية التي لا تريد خيرًا لبلادنا ولا لمجتمعاتنا وتريد تمزيق وحدة صفنا، وتمزيق مجتمعاتنا”.

وجاء حوار العضايلة، الذي تم انتخابه مؤخرا مراقبا عاما، بعد ساعات من مذكرة أرسلها الأمين العام الجديد لحزب جبهة العمل الإسلامي وائل السقا إلى رئيس الحكومة بشر الخصاونة، يحتج فيها على ما اعتبره تضييقا على الحزب وأعضائه.

ويقول مراقبون إنه كان من المفترض أن توجه تلك المذكرة إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات باعتبارها المعنية بالإشراف على العملية الانتخابية وإدارتها، وليست إلى الحكومة التي لا تملك تأثيرا قويا على الاستحقاق.

ويشير المراقبون إلى أن اختيار إرسال المذكرة لرئيس الوزراء لا تخلو من رسائل سياسية، وهدفها استيلاد المظلومية، مجددا وهو دأب لطالما سلكته الجماعة مع اقتراب كل استحقاق انتخابي. وطالب السقا في المذكرة  بـ”اتخاذ الإجراءات الضامنة لإيقاف سياسة التضييق والضغط على الحزب وأعضائه لاسيما المضايقات المرتبطة بالانتخابات النيابية في ظل الحديث عن تمكين العمل السياسي والحزبي وتجريم الاعتداء على الأعضاء الحزبيين كما نص القانون خصوصا ونحن وأن الأردن على استحقاق دستوري يتطلب إشاعة بيئة مطمئنة للأحزاب والمواطنين وضامنة لنزاهة العملية الانتخابية”.

اختيار إرسال المذكرة لرئيس الوزراء لا تخلو من رسائل سياسية، وهدفها استيلاد المظلومية

وتحدث الأمين العام للحزب في المذكرة عن استمرار سياسة التضييق التي تمارسها الأجهزة الأمنية ومقايضة أعضاء الحزب للاستقالة من عضويته مقابل تحصيل حقوق أقاربهم في الوظائف أو التهديد بالملاحقة في مصالحهم ومؤسساتهم وأعمالهم وكانت آخرها استقالة تقدم بها أحد أعضاء الحزب وتم قبولها في جلسة المكتب التنفيذي رقم 122/2445 بتاريخ 4/6/2024، بالإضافة إلى الأشكال الأخرى من التضييق المرسلة لكل من الحكومة والهيئة المستقلة للانتخابات والمركز الوطني لحقوق الإنسان ووزارة الشؤون السياسية في رسائل سابقة. كما هناك بحسب الجماعةمضايقات مرتبطة بالانتخابات النيابية والطلب من بعض الأعضاء الترشح على قوائم محلية أخرى وتهديد البعض بعدم الترشح في قوائم الحزب الانتخابية.

ويرى مراقبون أن جماعة الإخوان في الأردن مسكونة بهاجس تحجيمها، وعادة ما تغلف أي هزيمة لها بنظرية المؤامرة، على غرار ما جد في انتخابات مجالس الطلبة التي أجريت الشهر الماضي.

ويستدرك المراقبون إلى أن هذا لا يعني أن هناك بعض الجهات العليا وصاحبة النفوذ لا تريد أن تكون للحركة الإسلامية اليد الطولى في مجلس النواب، لأن ذلك قد يفضي إلى حالة من عدم الاستقرار.

وعلق المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين على العلاقة بينهم والدولة الأردنية قائلا إنها “لم تُفقد تماما طوال السنوات الماضية حتى في ذروة الاختلافات، والتواصل لا ينقطع بين الدولة والحركة، وآخرها كان مع طوفان الأقصى وقبل أسابيع قليلة”.

وتابع العضايلة في حواره مع “بوصلة” “هذه العلاقة يجب أن تعود لحالة الاستقرار، وحالة حماية مصالح الدولة الأردنية، وهذا يتطلب حوارًا ناجزًا، وحوارًا عاقلاً، وحوارا يبني ويستعيد نهضة الدولة الأردنية ومسارها الإصلاحي، وخصوصًا أنّها اختارت ثلاثة عناوين أساسية للإصلاح خلال السنتين الماضيتين في موضوع التحديث السياسي والتحديث الإداري، ومشروع التحديث الاقتصادي، وهذه العناوين الثلاثة أساسية”.

وشدد على الحركة الإسلامية بأن “أن تكون جزءًا من التحديث السياسي، وأي مشروع نهضة ما الجدوى منه إذا لم تكن كل مكونات المجتمع جزءًا فيه”.

2