حزمة كبيرة من القوانين المصرية تحتاج إلى برلمان "خارق" لاحتوائها

تحديات كبرى تنتظر البرلمان المصري الجديد الذي من المنتظر أن ينعقد منتصف الشهر الحالي وأبرزها ضرورة مناقشة المئات من القوانين التي تنتظره قبل نهاية العام تفاديا للوقوع في أزمة دستورية حادة.
الخميس 2015/12/03
انتهاء أربع سنوات من الطوابير

القاهرة - انتهت، أمس الأربعاء، الجولة الأخيرة من انتخابات البرلمان المصري، حيث تشي خارطة أعضاء مجلس النواب الجديد بأن تركيبته ستشمل العديد من الأطياف والألوان السياسية، ولا توجد كتلة أو تيار أو حزب يمكن القول إنه يحظى بأغلبية.

ويقول مراقبون إن المرحلة المقبلة حافلة بالاستحقاقات والتفاصيل، التي جرى تأجيلها لعدم وجود برلمان، وأهمها موافقة أو عدم موافقة البرلمان الجديد على القوانين التي صدرت في غيابه خلال الأعوام الماضية.

فالبرلمان الجديد، المنتظر أن يعقد أولى جلساته رسميا منتصف ديسمبر الجاري، أصبح على موعد مع رزمة كبيرة من القوانين.

وتتلخص ملامح الأزمة في أن الأعضاء الجدد سيتعين عليهم مناقشة 507 من القرارات في القانون، صدرت منذ حل البرلمان السابق منتصف يونيو 2012 وخلال مدة لا تتجاوز 15 يوميا من بدء انعقاده، ما يعني عمليا ضرورة مناقشة 34 قانونا أو قرار قانون يوميا.

ويعود سبب الأزمة إلى المادة 156 من دستور 2014، والتي تلزم مجلس النواب باستعراض ومناقشة وإقرار أو رفض التشريعات الصادرة بمراسيم وقرارات رئاسية في غيبة البرلمان، في مدى زمني أقصاه 15 يوما من بدء انعقاده.

وشدد فقهاء الدستور على أن إنفاذ تلك المادة وجوبيا، لمنع زوال أثر تلك التشريعات وعدم تعريض البلاد لأزمة دستورية.

وبعملية حسابية بسيطة، فإن مجلس النواب في حال عمل أعضاؤه 15 ساعة يوميا، سيكون مطالبا بمناقشة قانون واتخاذ قرار بشأنه كل نصف ساعة، بما يعني أن المادة الواحدة تناقش وتقر في دقيقة تقريبا، حال كان متوسط عدد مواد القانون 30 مادة، الأمر الذي يؤكد الخبراء استحالته، باحثين في ما بينهم عن حلول للخروج من هذا المأزق.

وفي الوقت الذي يُحمّل فيه خبراء دستوريون لجنة الخمسين، التي صاغت التعديلات الدستورية الجديدة، مسؤولية هذه الأزمة، دافع ضياء رشوان عضو اللجنة ومدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن زملائه في تصريحات لـ”العرب”، وقال إن المادة 156 لم تستحدثها اللجنة وإنما هي مستنسخة وموجودة بكافة الدساتير المصرية منذ دستور مارس 1952.

وأوضح أن فلسفتها حماية سلطة البرلمان في التشريع، ففي حال اضطرار الرئيس بصفته رئيس السلطة التنفيذية لإصدار تشريعات في غيبة البرلمان، فإن تلك التشريعات تعرض علىالبرلمان فور انعقاده لاتخاذ قرار بشأنها.

507 من القوانين بحاجة لموافقة مجلس النواب الجديد خلال الـ15 يوما لانعقاده

وأضاف رشوان أنه كان من المتوقع أن تجرى الانتخابات خلال 6 أشهر من إقرار الدستور، لكنها تأخرت بسبب عدم صياغة التشريعات المنظمة لها مبكرا، كما أن متطلبات الفترة الانتقالية استدعت صدور العديد من التشريعات الصادرة بقرارات رئاسية، وهو ما أوصل البلاد إلى الوضع الحرج الراهن.

وعن رؤيته للخروج من المأزق الدستوري قال: القرارات بقوانين التي أصدرها رئيس الجمهورية في غياب المجلس، إذا لم تُعرض وتُناقش خلال 15 يوما من انعقاد المجلس الجديد، أو عُرضت ولم يقرها المجلس، زال ما كان لها من قوة القانون بأثر رجعي.

ما يعني أن المصلحة العليا للبلاد تتطلب تفاهما بين أعضاء البرلمان من خلال لقاءات مع ممثلي القوى، يتم بمقتضاها تقسيم القوانين إلى مجموعة لا خلاف عليها، وأخرى تشهد بعض موادها خلافات وهي لا تتجاوز 10 قوانين، مثل تنظيم التظاهر وقانون الضريبة. أما تلك التي لا يوجد خلاف حولها فيجب الاتفاق على عرضها وإقرارها، فيما يستكمل الاتفاق بأن تقر الخلافية مع تقديم عدد من النواب الرافضين لبعض موادها مقترحات بتعديل المواد التي يتحفظون عليها، على أن يقوم المجلس بنظر تعديلها في موعد لاحق.

لكن شوقي السيد أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، أصر على أن مدة الـ15 يوما تنظيمية وغير إلزامية. وقال لـ”العرب”، إن المقصود بالمادة 156 هو الإسراع في مراجعة التشريعات الصادرة في غيبة البرلمان.

وأشار إلى أنه من القواعد الأصولية المقررة أنه “لا تكليف بمستحيل”، ومن ثمة فإن مواجهة الكم الهائل من القرارات بالقوانين التي صدرت خلال تلك المدة الطويلة التي غاب فيها مجلس النواب يستحيل معه العرض والمناقشة والإقرار خلال 15 يوما.

وفي تقدير الخبير القانوني أن التطبيق الحرفي للمادة مستحيل، والصواب هو البحث في الأهداف والغايات، فالأصل أنه موعد تنظيمي لا يترتب على مخالفته البطلان، ومقصود النص حث المجلس على عدم التباطؤ والهمة في ممارسة سلطاته.

من جهته، أكد المستشار حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق لـ“العرب”، أن جميع الدساتير السابقة في مصر نصت على مراجعة البرلمان لما صدر في غيبته من قوانين، كذلك الدستور الفرنسي ومعظم دساتير العالم، إلا أن الدساتير المصرية السابقة، لم تكن تلزم البرلمان بسقف زمني معين ومن ثمة فإن تلك المادة شابها خطأ فادح في الصياغة.

ولفت عدد من النواب الفائزين في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية إلى أنهم سيعملون على إقرار التشريعات جملة واحدة لتطبيق النص الدستوري، في ما يمكن تعديل أيّ من نصوص تلك القوانين في وقت لاحق.

لكن هذه الالتفاتة تخيف بعض المراقبين خشية أن يسير البرلمان على خطى برلمانات الحزب الوطني المنحل التي كانت “تبصم للحكومة على بياض” وتشتهر بعبارة “موافقة” دون مناقشة. بينما يقلل آخرون من تلك المخاوف كون الموافقة تتعلق بحالة استثنائية لن تتكرر.

2