حزمة إغراءات مصرية لاستقطاب استثمارات المغتربين

القاهرة تبحث عن نافذة لتدفق الدولار ومنع الهيمنة الأجنبية على الشركات الحكومية.
الخميس 2022/09/22
بمبلغ بسيط يمكنك إطلاق مشروعك

تخطط الحكومة المصرية لاستقطاب المزيد من أموال العاملين بالخارج في ظل استمرار الضبابية بشأن القدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، رغم إجراءات تحرير القطاع الخاص بالإعلان عن وثيقة سياسة ملكية الدولة.

القاهرة - تخوض مصر معركة جديدة لإغراء المغتربين بالاستثمار في بلدهم عبر محفزات تستعد وزارة المالية لتقديمها، وتذليل العراقيل أمامهم في مسعى آخر لتوفير السيولة.

ودعت الحكومة الجالية التي تعيش في الخارج إلى المشاركة في المشاريع القومية، باعتبار أن ذلك يوطد علاقة المغتربين بوطنهم كونهم إحدى أدوات القوى الناعمة التي تروج للاقتصاد خارجيًا.

وأعلنت وزيرة الهجرة سها جندي قبل أيام عن التنسيق والتعاون مع جهات حكومية للبدء في إنشاء شركة مساهمة لاستثمار المصريين بالخارج في المشاريع القومية، وخلق مزايا كبيرة تشجعهم على تحويل مدخراتهم إلى السوق المحلية.

وتأتي الخطوة في ظل أزمة شح العملة، ورغبة في زيادة تدفق كميات أكبر من فئة تعد مضمونة بشكل أيسر من جذب الاستثمارات الأجنبية، علاوة على بيع الكثير من ذويهم الدولار في السوق السوداء، بجانب عشوائية استثمار تلك الأموال.

علي الإدريسي: خطوة تأخرت لكنها تحافظ على ملكية الأصول للمواطنين

وتعد تحويلات المغتربين من أهم مصادر العملة الصعبة ومن وسائل دعم احتياطي النقد الأجنبي في الأعوام الماضية، وتسعى السلطات إلى استقطاب أموالهم لاستثمارها بدلا من التصرف فيها بصورة أخرى، مثل شراء العقارات أو إيداعها بالبنوك.

ويتزامن ذلك مع تطلع الحكومة، وفقا لوثيقة سياسة ملكية الدولة، إلى مضاعفة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد خلال السنوات الثلاث المقبلة، والتخارج من نحو 79 نشاطا.

وتهدف الخطة إلى جمع 40 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة عبر بيع حصص في أصول مملوكة للدولة إلى مستثمرين محليين ودوليين.

ويتوافق هذا الاتجاه مع خطط طرح بعض الأصول المملوكة للدولة التي تجري على قدم وساق، بعد أن أطلق الصندوق السيادي مؤخرا كيانا فرعيا جديدا يتم عبره تجهيز الحصص المقرر طرحها، وعرضها على مستثمرين إستراتيجيين وصناديق سيادية مختلفة قبل الإدراج.

وقالت وزيرة التخطيط ورئيسة الصندوق السيادي هالة السعيد في وقت سابق إن صندوق “ما قبل الطروحات” يعمل على تحديد الشريحة الأولى من حصص الأسهم الإستراتيجية بقيمة تتراوح بين 2.5 و3 مليارات دولار كجزء من برنامج أوسع بقيمة تصل إلى 6 مليارات دولار.

وتمثل الخطوة نافذة للحكومة لبيع حصص من شركاتها للمغتربين عبر الشركة الجديدة التي ستؤسس في الفترة المقبلة بدلا من الهيمنة الأجنبية على تلك المنشآت.

ويمكن للكيان الجديد بعد تدشينه وضخ استثمارات فيه من قبل المصريين بالخارج شراء حصص من المؤسسات المملوكة للدولة والتي تُطرح للبيع.

وأوضح الخبير الاقتصادي علي الإدريسي أن الخطوة إيجابية وتحافظ على نسبة أكبر من الأصول وتظل لمواطنين، وتزيد من تحويلات العاملين بدعم من أوجه الاستثمار المتعددة.

وسجلت تحويلات المغتربين مستوى قياسيا في العام المالي الماضي للسنة الثانية على التوالي، إذ نمت بنسبة 1.6 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى 31.9 مليار دولار، وفقا لبيانات البنك المركزي.

وارتفعت التدفقات بنسبة 2.5 في المئة على أساس سنوي لتسجل 8.3 مليار دولار في الربع الأخير من العام المالي الماضي المنتهي في أواخر يونيو.

وقال الإدريسي لـ"العرب" إن "القاهرة أدركت أهمية تحويلات المغتربين وقدرتها على توفير العملة الصعبة، لذلك توفر لها استثمارا آمنا يحفز من زيادتها".

ولكنه لفت إلى أنها خطوة تأخرت ومن شأنها تعويض الفرص التي ضاعت على المصريين في شركات كبرى رابحة، مثل أبوقير الأسمدة وفوري.

وتكمن أهمية الشركة الجديدة في أنها تعد كيانا قانونيا يسمح باستثمارات العاملين بالخارج، فهي ستكون وسيطًا بين الإدارة والمصريين في الخارج، ويمكن القول إنها بمثابة صندوق استثمار يجمع مدخرات هؤلاء المغتربين.

ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة استهداف مكاتب التمثيل التجاري والبعثات الترويجية الخاصة بالاستثمار وممثلي وزارة الهجرة والمصريين بالخارج بشكل أكبر وربما يفوق ذلك التركيز على الأجانب.

عبدالنبي عبدالمطلب: تحرك إيجابي يضمن الاستثمار الآمن لأموال المغتربين

وأعلن رئيس البورصة رامي الدكاني أن سوق المال مستمرة في التعاون مع وزارة الهجرة لاستكمال برامج رفع مستويات وعي ومعرفة المغتربين بأساسيات الاستثمار والادخار من خلال سوق الأوراق المالية وتعريفهم بمتطلبات فتح الحساب وبدء الاستثمار.

وتعد الشركة الجديدة بمثابة توحيد الجهة التي تستقبل استثمارات العاملين بالخارج بشكل أكبر، سواء للاستثمار في المشروعات القومية أو الاستثمار في البورصة، لتكون جهة رسمية أكثر أمانًا تسهل الاستثمار في البورصة خلال الفترة المقبلة.

وأعلن وزير المالية محمد معيط أن الحكومة حريصة على تلبية احتياجات المغتربين وربطهم بوطنهم وتذليل العقبات التي تواجههم، بما يسهم في تعميق انتمائهم الوطني، باعتبارها من الأدوات التي تساعد في الترويج للاقتصاد.

ومن وسائل الدعم أيضا لاستقطاب المغتربين ما تسعى إليه وزارة الهجرة حاليا من إعداد تطبيق إلكتروني بالهواتف الذكية لتيسير تقديم الخدمات المجمعة لهم.

وذكر الخبير الاقتصادي عبدالنبي عبدالمطلب أن مساعي الحكومة إيجابية لأن الشركة الجديدة بمثابة استثمار أموال المصريين في الخارج تحت رعاية الدولة، وهي خطوة طال انتظارها وطالب بها العديد من الخبراء منذ سنوات.

وأشار لـ”العرب” إلى أن جذب تلك الفئة ونجاح استثماراتها وتحقيق الربح المأمول من ورائها أفضل ترويج للاقتصاد المصري.

وقال إن المغتربين “لديهم القدرة على جذب آخرين أجانب، وزيادة تدفقات الدولار حال كسب الثقة في المشاريع القومية، كما يعزز من الحصول على تمويلات لأخرى جديدة خلال الفترة المقبلة”.

ومن أهم العوامل التي تعزز نجاح خطوة السلطات، اختيار مشاريع منتقاة في القطاعين الصناعي والزراعي وشراء الشركة الجديدة حصصا في الكيانات المطروح بيع حصص منها.

في المقابل فإنه في حال جذبهم للاستثمار في البورصة ستعد خطوة غير ناجحة وسط تردي أوضاع الأسواق وتأثرها بارتفاع أسعار الفائدة بالبنوك.

وتعد الخطوة التي تقدم عليها الحكومة بديلا عن شهادات ادخار المغتربين التي لم تشهد نجاحا في الفترة الماضية، إذ تقدم عائدا سنويا يصرف شهريًا أو كل ستة أشهر مقابل شراء قيمتها بالدولار للاستفادة منها.

وتقدم البنوك الحكومية ممثلة في الأهلي ومصر والقاهرة، طرح شهادات “بلادي” منذ ست سنوات بنفس الشروط لإتاحة الفرصة لاستثمار أموالهم بعائد ثابت وجذب البنوك مدخرات بالعملة الأجنبية، كما يطرح بنك أتش.أس.بي.سي الشهادة ذاتها بعائد 13.5 في المئة سنويا.

11