حزب جونسون يواجه تحدي التخلص من رهاب الإسلام

تنامي المشاعر المعادية للسامية في بريطانيا على خلفية التصعيد الأخير بين إسرائيل وحماس غذى الجدل بشأن إمكانية ارتفاع جرائم الكراهية ضد المسلمين.
الخميس 2021/05/27
حزب جونسون ساهم بشكل كبير في جعل كراهية المسلمين ظاهرة مقبولة

لندن- وجد حزب المحافظين البريطاني نفسه في موقف دفاعي بعد الانتقادات التي طالته هذا الأسبوع والتي من المرجح أن تجبره على إعادة ضبط سياساته لمسح الصورة النمطية المتجذرة تجاهه كونه أحد مغذي نزعة الكراهية للمسلمين باعتبار وأن تفشي مشاعر الإسلاموفوبيا من بين أكثر المشكلات التي قد تفتك بوحدة المجتمع.

ويقول مراقبون إن تنامي المشاعر المعادية للسامية في المملكة المتحدة مؤخرا على خلفية التصعيد الأخير بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة غذى الجدل بشأن إمكانية ارتفاع جرائم الكراهية ضد المسلمين.

ساجد جاويد: على حزب المحافظين الأخذ سريعا بتوصيات تقرير سينغ

وتأتي المخاوف بعد أن ذكر تقرير مستقل عن التمييز داخل حزب رئيس الوزراء بوريس جونسون أن “حزب المحافظين يعاني رهاب الإسلام، وهي مشكلة مترسخة لديه على المستوى المحلي أو الفردي ولكنها ليست مؤسساتية”.

وما يعزز هذا الموقف هو ما قاله وزير الداخلية السابق ساجد جويد، وهو سياسي من أصول باكستانية ينشط في حزب المحافظين في مقال نشرته صحيفة “التايمز” البريطانية الأربعاء، إن مسؤولين في الحزب منعوه من الترشح في إحدى الدوائر المضمونة للمحافظين على أساس أن ناخبيها لن يصوتوا لمسلم.

ودعا جاويد، الذي بات أول وزير للداخلية من الأقليات في بريطانيا، بعد تعيينه خلفا للمستقيلة أمبر راد، حزبه إلى الإسراع في تنفيذ توصيات تقرير سواران سينغ المفوض السابق في لجنة المساواة وحقوق الإنسان، والذي قال “لا تزال المشاعر المعادية للمسلمين مشكلة داخل الحزب. إنها تضر بالحزب وتحرمه من شريحة كبيرة من المجتمع”.

وكان حزب المحافظين الحاكم قد واجه طيلة السنوات الأخيرة انتقادات على خلفية تورط عدد متزايد من مسؤوليه في وقائع متعلقة بظاهرة الإسلاموفوبيا.

وأشارت العديد من التقارير والإحصائيات طيلة السنوات الأخيرة إلى أن جونسون وحزبه ساهما بشكل كبير في جعل كراهية المسلمين ظاهرة مقبولة اجتماعيا حيث أصبحت أكثر انتشارا من معاداة السامية.

ودرس تقرير سينغ ما مجموعه 1418 شكوى حول التمييز تم تقديمها للمحافظين بين عامي 2015 و2020، بينها 727 حادثة يتعلق ثلثاها بالمسلمين.

وبحسب الوثيقة التي تشير مع ذلك إلى أنها لم ترصد “عنصرية مؤسساتية” في التعامل مع الشكاوى، سُجلت هذه المشاعر المعادية للمسلمين على المستوى المحلي أو الفردي.

ولا يبدو أن مسألة الاعتذار التي قدمتها الرئيسة المشاركة للحزب أماندا ميلينغ بالنيابة عن حزب المحافظين، حينما قالت عقب نشر تقرير سينغ “أود أن أعرب عن اعتذاري لجميع أولئك الذين شعروا بالإساءة جراء التصرف التمييزي أو الذين خاب أملهم من نظامنا”، كافية حتى تطمئن الأقلية المسلمة والمقدر عددها بنحو 4.1 مليون مسلم، أي ما نسبته 6.3 في المئة من مجموع السكان البالغ عددهم نحو 66 مليونا.

أماندا ميلينغ: الحزب مصمم على العمل بجدية أكبر من أجل القضاء على جميع أشكال التمييز

وقد أقرت النائبة بوجود “ثغرات” في التعامل مع الشكاوى، لكنها أكدت أن الحزب “مصمم على تصحيح هذه الأخطاء” و”العمل بجدية أكبر من أجل القضاء على جميع أشكال التمييز”.

ووعدت بأن يتبنى المحافظون كافة التوصيات الواردة في التقرير وتقديم خطتهم لتنفيذها “في غضون ستة أسابيع”.

ويدعو التقرير بشكل خاص إلى إصلاح نظام إدارة الشكاوى والمزيد من الشفافية في طريقة التعامل معها ووضع قواعد سلوك واضحة لجميع الأعضاء والتدريب ومراجعة معايير وسائل التواصل الاجتماعي.

وكان الحزب الحاكم، المتهم بالتسامح مع انتشار الإسلاموفوبيا في صفوفه، قد طلب في ديسمبر 2019 من سينغ إعداد هذه الدراسة حول التمييز داخل صفوفه.

وتم اتهام جونسون نفسه لكتابته مقالا في عام 2018 عندما كان وزيرا للخارجية، وصف فيه المسلمات اللواتي يرتدين النقاب بـ”صناديق البريد” أو “لصوص المصارف”، واعتبر التقرير أن ذلك يعطي الانطباع بأن “الحزب وقيادته لا يحترمان الجاليات المسلمة”.

وأعرب جونسون عن “أسفه” ورد في التقرير قائلا “هل سأستخدم بعض الكلمات التي أساءت في مقالاتي السابقة الآن؟ كلا، ليس الآن بعد أن أصبحت رئيسا للوزراء”.

وبدأت الحكومة البريطانية منذ سنوات باتخاذ خطوات عملية لمكافحة جرائم الكراهية كان من بينها إطلاق مجموعات عمل مناهضة لجرائم الكراهية ضد المسلمين عام 2012، بالتعاون مع المجتمع المدني، لتشكّل منصة للمسلمين الضحايا لهذا النوع من الجرائم للحديث مع هيئات حكومية تتولى مسؤولية معالجة هذه القضايا.

وأطلقت وزارة الداخلية في 2016 خطة عمل تتعلق بمكافحة جرائم الكراهية ومنها جرائم الكراهية ضد المسلمين وكيفية مساعدة الضحايا، كما قدمت الحكومة في ذلك العام قرابة 2.4 مليون جنيه إسترليني كدعم لأفراد الأمن في أماكن العبادة ومنها مساجد تعرضت أيضا لجرائم الكراهية.

5