حزب الله ينفذ ردّا أوليا على مقتل شكر بعد ضربات استباقية لإسرائيل

الحزب يشن هجوما واسعا بأكثر من 320 صاروخ وعدد من المسيرات على مواقع وثكنات في شمال إسرائيل، فيما تتوعد الدولة العبرية بقصف أي مكان به تهديد.
الأحد 2024/08/25
إسرائيل تستبق الهجوم بتدمير آلاف منصات إطلاق الصواريخ لحزب الله

بيروت - أعلن حزب الله الأحد أنّ عمليته العسكرية "لهذا اليوم" ضد مواقع وثكنات عسكرية اسرائيلية "قد تمّت وأُنجزت"، نافياً "ادعاءات" اسرائيل إزاء تعطيله هجومه بضربات استباقية.

وأفاد الحزب في بيان بأن أمينه العام حسن نصرالله سيلقي كلمة مساء الأحد "حول التطورات الأخيرة عند الساعة السادسة" (15:00 ت غ).

وقال "تم إطلاق جميع المسيرات الهجومية في الأوقات المحددة لها ومن جميع مرابضها وعبرت الحدود اللبنانية الفلسطينية باتجاه الهدف المنشود ومن مسارات متعددة، وبالتالي تكون عمليتنا العسكرية لهذا اليوم قد تمت وأٌنجزت". وأضاف "إن ادعاءات العدو حول العمل الاستباقي الذي قام به.. وتعطيله لهجوم المقاومة هي إدعاءات فارغة".

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الأحد أن حزب الله اللبناني كان خطّط لـ"هجوم أكبر" تمّ "إحباط جزي كبير منه"، مشيرا الى تدمير "آلاف منصات" إطلاق الصواريخ العائدة للحزب في جنوب لبنان.

وقال الجيش في بيان "قامت نحو 100 طائرة حربية تابعة لسلاح الجو، بتوجيه من القيادة الشمالية وهيئة الاستخبارات، باستهداف وتدمير آلاف المنصات التابعة لحزب الله الإرهابي والتي تم وضعها وزرعها في جنوب لبنان".

وأضاف "كانت موجهة نحو شمال إسرائيل وبعضها نحو وسط البلاد".

وأكد المتحدث باسم الجيش نداف شوشاني لصحافيين أن حزب الله "أطلق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة تجاه شمال إسرائيل"، معظمها بعد بدء إسرائيل هجومها، وفق قوله.

وتابع أن هذا "كان جزءا من هجوم أكبر تمّ التخطيط له وتمكننا من إحباط جزء كبير منه هذا الصباح"، رافضا تحديد أهداف حزب الله.

وقال "ما زلنا في مرحلة تقييم للوضع في أعقاب الهجوم. (...) لا يزال هناك إطلاق نار"، موضحا "لكن يمكنني أن أقول لكم إن الضرر كان بسيطا. (...) أضرار بسيطة للغاية".

وذكر شوشاني أن شركاء إسرائيل بما في ذلك الولايات المتحدة لم يشاركوا في الهجوم على حزب الله، مشيرا الى أن ما حدث في الصباح "كان عملية إسرائيلية".

وفي المقابل، أفاد حزب الله في بيان بأن "عدد صواريخ الكاتيوشا التي أُطلقت حتى الآن تجاوزت 320 صاروخا باتجاه مواقع العدو"، معددا 11 قاعدة وثكنة عسكرية "تم استهدافها وإصابتها" في شمال اسرائيل والجولان السوري المحتل.

وأعلن الحزب "الانتهاء من المرحلة الأولى بنجاح كامل وهي مرحلة استهداف الثكنات والمواقع الاسرائيلية تسهيلاً لعبور المسيرات الهجومية باتجاه هدفها المنشود في عمق الكيان، وقد عبرت المسيرات بحمد الله كما هو مقرر".

وكان الحزب أعلن في بيان أول الأحد إنه "في إطار الرد الأولي على العدوان الصهيوني الغاشم.. الذي أدى الى استشهاد القائد الجهادي الكبير السيد فؤاد شكر وعدد من أهلنا الكرام من نساء وأطفال، بدأ مجاهدو المقاومة الإسلامية هجوما جويا بعدد كبير من المُسيّرات نحو العمق الصهيوني وتجاه هدف عسكري إسرائيلي نوعي سيعلن عنه لاحقا".

وقال إنه "بالتزامن" مع ذلك، استهدف مقاتلوه "عدد من مواقع وثكنات العدو ومنصات القبة الحديدية في شمال فلسطين المحتلة بعدد كبير من الصواريخ" معلنا أن "العمليات العسكرية ستأخذ بعض الوقت للانتهاء".

وأكد حزب الله الذي يتبادل القصف مع اسرائيل منذ بدء الحرب في غزة في السابع من أكتوبر، أن "المقاومة الإسلامية في لبنان الآن وفي هذه اللحظات هي في أعلى جهوزيتها وستقف بقوة وبالمرصاد لأي تجاوز أو اعتداء صهيوني وبالأخص اذا تم المس بالمدنيين، فسيكون العقاب شديدا وقاسيا جدا".

وهنّا المتمردون اليمنيون الأحد حزب الله على "هجومه الكبير والشجاع" على إسرائيل، معتبرين في بيان أن "هذا الردّ القوي والفاعل" على اغتيال القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر "لا يزال مفتوحا".

وأكّد البيان "من جديد أن الردّ اليمني آت آت حتماً والأيام والليالي والميدان هي ما سيثبت ذلك"، في إشارة الى توعّد الحوثيين المدعومين من إيران بالردّ على قصف إسرائيل لميناء الحديدة اليمني الشهر الماضي.

وأشادت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الأحد بالهجوم الذي نفذه حزب الله على إسرائيل ردّا على اغتيال شكر، واعتبرت أنه يشكّل "صفعة" في وجه الدولة العبرية.

وقالت الحركة في بيان "نشيد ونبارك" بـ"الردّ النوعي والكبير الذي نفّذه مجاهدو حزب الله صباح اليوم ضد عدة أهداف حيوية واستراتيجية في عمق الكيان الصهيوني"، مضيفا أنه "يعدّ صفعة في وجه حكومة الاحتلال الفاشية". وندّد البيان أيضا بمواصلة إسرائيل "قصفها الوحشي والإجرامي ضدّ الأراضي والمدنيين في لبنان"، معتبرا أنه "انتهاك صارخ لكل المواثيق والأعراف الدولية".

وجاء ذلك في وقت دعت الأمم المتحدة في لبنان الأحد الأطراف المعنية إلى "وقف إطلاق النار"، فيما شدد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بعد اجتماع حكومي طارئ، على ضرورة "وقف العدوان الإسرائيلي".

وفي بيان مشترك، دعا مكتب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان وقوة يونيفيل "الجميع إلى وقف إطلاق النار والامتناع عن المزيد من التصعيد" على ضوء "التطورات المقلقة على طول الخط الأزرق" الفاصل بين لبنان وإسرائيل.

وقال الطرفان "سنواصل اتصالاتنا لحثّ الجميع بقوة على خفض التصعيد". وأكدا أن "العودة إلى وقف الأعمال العدائية، يليه تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701، هو السبيل الوحيد المستدام للمضي قدما".

وأرسى القرار الدولي الذي وضع حدا لحرب تموز/يوليو 2006، وقفا للأعمال القتالية بين إسرائيل وحزب الله وعزز انتشار قوة يونيفيل في جنوب لبنان. وبموجبه، انتشر الجيش اللبناني للمرة الأولى منذ عقود على الحدود مع إسرائيل بهدف منع أي وجود عسكري "غير شرعي" عليها.

وفي سياق متصل، قال ميقاتي إن "المطلوب هو وقف العدوان الاسرائيلي أولا، وتطبيق القرار 1701"، مشيرا الى أنه يجري "سلسلة من الاتصالات مع أصدقاء لبنان لوقف التصعيد".

 وزادت توقعات التصعيد بين الجانبين منذ أن أدى هجوم صاروخي على هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل الشهر الماضي إلى مقتل 12 طفلا وفتى وكذلك رد الجيش الإسرائيلي على ذلك باغتيال شكر في بيروت.

وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد "القيام بكل شيء" لاستعادة الأمن في شمال الدولة العبرية بعد إعلان الجيش شنّ ضربات في لبنان لمنع "هجوم كبير" من حزب الله.

وقال نتنياهو في بيان نشره مكتبه "نحن مصممون على القيام بكل شيء لحماية بلادنا وإعادة سكان الشمال بأمان إلى منازلهم، ومواصلة اتباع قاعدة بسيطة: من يؤذينا، نؤذيه".

ومن جانبه، قال وزير الخارجية يسرائيل كاتس إن إسرائيل ستتصرف وفقا للتطورات على الأرض لكنها لا تسعى لحرب شاملة. فيما أكد وزير الدفاع يوآف غالانت أن إسرائيل ستفعل كل ما يلزم للدفاع عن نفسها.

وقال غالانت في بيان "نفذنا ضربات دقيقة في لبنان من أجل إحباط تهديد وشيك يستهدف مواطني إسرائيل. نتابع عن كثب التطورات في بيروت، وعازمون على استخدام كل الوسائل المتاحة لنا من أجل الدفاع عن مواطنينا".

وأشار متحدث عسكري إسرائيلي إلى أن معظم الضربات الإسرائيلية أصابت أهدافا في جنوب لبنان لكن الجيش كان مستعدا للضرب في أي مكان يوجد فيه تهديد.

ويثير التصعيد بين إسرائيل وحزب الله مخاوف من اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقا، قد يشمل الولايات المتحدة وإيران. وقال البيت الأبيض إن الرئيس جو بايدن يتابع الأحداث عن كثب.

وبعيد إعلان الجيش الإسرائيلي أكدت الولايات المتحدة أنها "ستواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي شون سافيت في بيان إنه بتوجيه من الرئيس جو بايدن "يتواصل المسؤولون الأميركيون الكبار بشكل مستمر مع نظرائهم الإسرائيليين"، مضيفا "سنواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وسنواصل العمل للحفاظ على الاستقرار الإقليمي".

الى ذلك، أكدت وزارة الدفاع الأميركية أنها "مستعدة لدعم" الدولة العبرية.

وقال متحدث باسم البنتاغون "نواصل مراقبة الوضع عن كثب وسبق أن كنا واضحين للغاية بأن الولايات المتحدة مستعدة لدعم الدفاع عن إسرائيل".

وكانت واشنطن عززت في الأسابيع الماضية انتشارها العسكري في منطقة الشرق الأوسط، مع تصاعد المخاوف من تصعيد إقليمي في أعقاب توعد إيران وحزب الله بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران في عملية نسبت لإسرائيل، واغتيال القيادي العسكري البارز في حزب الله فؤاد شكر بضربة إسرائيلية قرب بيروت.

وتأتي الضربات في الوقت الذي يجتمع فيه المفاوضون في القاهرة في محاولة للتوصل إلى وقف للقتال في غزة وإعادة الرهائن الإسرائيليين والأجانب مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين.

وأطلق حزب الله صواريخ على إسرائيل مباشرة عقب الهجمات التي شنها مسلحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر. ومنذ ذلك الحين، يتبادل حزب الله وإسرائيل إطلاق النار باستمرار، مع تجنب أي تصعيد كبير مع احتدام الحرب في غزة.

لكن يبدو أن هذا التوازن الهش قد شهد تحولا بعد الضربة على هضبة الجولان، والتي نفى حزب الله مسؤوليته عنها، وبعد اغتيال شكر، أحد أكبر القادة العسكريين لحزب الله في بيروت في وقت لاحق.

وسرعان ما أعقب مقتل شكر في غارة جوية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، الأمر الذي دفع إيران إلى التعهد بالثأر من إسرائيل.