حزب الله يقدم عرضا "مفخخا" لضرب توافق مسيحي هش على الرئيس المقبل للبنان

الأنظار مصوبة على باسيل بعد دعوة حزب الله لحوار غير مشروط.
الخميس 2023/06/08
حزب الله يلقي الكرة مجددا في ملعب باسيل

قدم حزب الله عرضا مثيرا يقضي بإجراء حوار غير مشروط قبل أيام فقط على الجلسة المنتظرة لانتخاب رئيس للبنان، وبدا أن هذه الدعوة موجهة أساسا إلى التيار الوطني الحر للاتفاق على بديل ثالث، مع إدراك الحزب أن فرص وصول مرشحه سليمان فرنجية تكاد تكون منعدمة، أمام المرشح جهاد أزعور.

بيروت - تقول أوساط سياسية لبنانية إن دعوة حزب الله إلى حوار غير مشروط لحل أزمة الشغور الرئاسي، لا تخلو من مناورة وهي محاولة من قبله لضرب التوافق المسيحي الذي يبقى هشا على مرشح لرئاسة لبنان.

ولا تستبعد الأوساط أن يسارع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى ملاقاة حزب الله في دعوته بالمنتصف، خاصة وأنه حريص على عدم كسر الجرة مع الحزب، وهو ما بدا واضحا من خلال الزيارة التي قام بها الرئيس السابق العماد ميشال عون إلى دمشق، الثلاثاء بعد انقطاع لنحو 14 عاما.

وصدم حزب الله وحركة أمل مؤخرا باتفاق التيار الوطني الحر مع قوى المعارضة الرئيسية، وفي مقدمتها حزبا القوات والكتائب، وكتلة “التغييريين”، على ترشيح الخبير الاقتصادي والوزير السابق جهاد أزعور لمنافسة مرشح الثنائي الشيعي زعيم تيار المردة سليمان فرنجية.

ووفقا للغة الأرقام، فإن أزعور يملك أسبقية مريحة للوصول إلى قصر بعبدا من الدور الثاني للانتخابات، بعدد أصوات تتراوح بين ستين وخمسة وستين صوتا، في المقابل فإن فرنجية لا يستطيع جمع أكثر من اثنين وأربعين صوتا، وبالتالي تكاد تكون حظوظه شبه منعدمة.

نبيل قاووق: حزب الله لا يرضى بأن يفرض عليه أحد
نبيل قاووق: حزب الله لا يرضى بأن يفرض عليه أحد

وتوضح الأوساط أن حزب الله يحاول تجنب الخيار الأسوأ، وهو الاضطرار إلى تعطيل النصاب القانوني لجلسة انتخاب الرئيس المقررة الأسبوع المقبل، والذي قد تكون له تبعات داخلية وخارجية، لاسيما مع وجود تهديدات غربية بفرض عقوبات على المعطلين لإنجاز الاستحقاق.

ودعا عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق، الأربعاء، إلى الحوار غير المشروط لحل مسألة الشغور الرئاسي في لبنان.

وقال قاووق، في كلمة له في احتفال في بلدة جدرا في جبل لبنان، “إن حزب الله لم يفرض رئيسا على أحد ولا يرضى بأن يفرض عليه أحد”، مضيفا في خطاب لا يخلو من تهديد “من لا يرى مصلحة لبنان بالتوافق الوطني يقامر بمصير البلد في أصعب مرحلة من تاريخه”. ‏

ورأى القيادي في الحزب أن “الحل هو بالحوار غير المشروط”، مشيرا إلى أن “حزب الله لا يبحث عن حصص في الوزارات والإدارات ‏وإنما يريد رئيسا يكون عنوانا للتوافق الوطني يقود سفينة الخلاص بمؤازرة الجميع”.‏

وأضاف “لبنان يمر بمرحلة استثنائية تستلزم توافقات واسعة وغير مجتزأة، لأن أي ‏توافقات بخلفية التحدي لا تنتج حلولا وإنما تعمق الأزمة وتؤججها”. ‏

وجاءت تصريحات قاووق بعد يوم على الزيارة اللافتة التي قام بها الرئيس اللبناني السابق إلى سوريا، والتي التقى خلالها بالرئيس بشار الأسد.

وذكرت أوساط أن الزيارة كان الهدف منها على ما يبدو شرح الأسباب التي دفعت التيار الوطني الحر إلى الذهاب في خيار الاصطفاف مع قوى المعارضة في ترشيح أزعور، وأن عون يأمل في تدخل من الأسد لدى حزب الله لتغيير موقفه من دعم فرنجية، وإلا فسيذهب قدما في النهج الذي اختاره.

وانتهت ولاية عون الرئاسية في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي. ودخل لبنان مرحلة الشغور الرئاسي. ولم يتمكن المجلس النيابي من انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد 11 جلسة خصصت لهذا الشأن. ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الجلسة الثانية عشرة في الرابع عشر من يونيو الحالي.

ويدعم كلّ من حزب الله وحركة أمل، التي يترأسها بري، الوزير السابق فرنجية لرئاسة الجمهورية. ولا يحظى فرنجية بدعم الكتل النيابية المسيحية الأساسية في البرلمان.

وأعلنت قوى المعارضة، ورئيس التيار الوطني الحر، السبت الماضي تبنيهما ترشيح الوزير السابق ومدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، لرئاسة الجمهورية. ويعتبر حزب الله أن أزعور هو “مرشح مواجهة وتحدّ“.

ويرى مراقبون أن قوى المعارضة الرئيسية لن تتجاوب مع دعوة حزب الله إلى الحوار، لسببين أساسيين: الأول أنها حسمت موقفها لجهة دعم أزعور. والثاني أنها تدرك أن دعوة الحزب مفخخة، وهي مناورة من قبله لضرب التوافق المسيحي الحاصل على أزعور.

في المقابل، يتوقع المراقبون أن يتجاوب زعيم التيار الوطني الحر مع هذه الدعوة، في ظل شكوك كثيرة بأن دعم باسيل لخيار أزعور كان الغرض الأساس منه زيادة الضغط على حزب الله ودفعه إلى بديل ثالث يجري التوافق بشأنه، ويضمن من خلاله التيار نفوذه داخل قصر بعبدا.

2