حزب الله يعترف بإسرائيل بشكل كامل مع اتفاق ترسيم الحدود

رئيس حزب القوات اللبنانية يؤكد أن تدخل حسن نصرالله منذ أشهر أخّر إبرام اتفاق الترسيم ولم يسهله.
الخميس 2022/10/13
كيف سيتعاطى نصرالله مع كوادره وجمهوره بعد الآن

بيروت - أكدت أطراف بارزة في المعارضة اللبنانية أن حزب الله اعترف بإسرائيل بشكل كامل بعد إعلان موافقته على اتفاق ترسيم الحدود البحرية.

وأشارت أطراف المعارضة اللبنانية أيضا إلى أن "الحزب الموالي لإيران أدرك تماما أن لبنان بات في الحضيض الاقتصادي، ما أجبره على إيجاد مخرج ما، وهو تسهيل عملية استخراج الغاز والنفط".

وفي لقاء مع الصحافيين الأربعاء، أوضح رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا أن اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان يعبّر عن تغير في موقف حزب الله، الذي حظر المفاوضات مع إسرائيل.

وقال "حزب الله لأول مرة يغير موقفه الثابت، والذي حظر التفاوض مع إسرائيل".

وأكد رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميّل في مقابلة لإحدى القنوات المحلية الأربعاء أن "الأمر الوحيد الذي نحفظه اليوم هو أن حزب الله اعترف بإسرائيل بشكل كامل، فهو أعلن موافقته على الاتفاق وانتقل على الصعيد الأيديولوجي إلى مرحلة جديدة، وسنرى كيف سيتعاطى فيها مع جمهوره وكوادره".

ورأى الجميّل أن حزب الله يدرك جيدا أن الوضع اللبناني معيشيا واقتصاديا كارثي، وأن معالجته باتت الأولوية المطلقة لدى اللبنانيين عموما، ولدى بيئته الحاضنة خصوصا التي تحمّله مسؤولية الانهيار عبر الصمت عما يجري، وتغطيته الفاسدين ودعمهم والتحالف معهم.

وقال رئيس حزب الكتائب "كنا نتمنى أن يحصل الاتفاق منذ زمن، إنما للأسف حصل بتوقيت حزب الله وهو من فاوض وعبر حلفائه، فالحزب مسيطر على الرئاسات الثلاث، وما شهدناه مفاوضات غير مباشرة بين حزب الله وإسرائيل عبر الدولة اللبنانية وهذا يناسب إسرائيل".

وأضاف "نحن مع ترسيم الحدود لأن البداية باستعادة السيادة تكون بترسيم الحدود كي لا تبقى حياة لبنان واللبنانيين معلّقة"، قائلا "من حيث المبدأ نحن مع استعادة حقوق بلادنا، ولبنان يستطيع أن يتفاوض مع كل جيرانه.. مع إسرائيل وسوريا لتأكيد الحدود وترسيمها سواء أكانت البحرية أم البرية".

وكرر الجميّل أن لبنان بحاجة إلى هذه الاتفاقيات من أجل ترسيخ الاستقرار للانتقال إلى مرحلة جديدة، متمنيا أن "تنتقل المفاوضات إلى ترسيم الحدود البرية، والتي تطرح إشكالية كبيرة بين لبنان وإسرائيل وتبرر الحالة الشاذة الموجودة في الجنوب، ونحن أيضا مع ترسيم الحدود مع سوريا لأنها مبهمة وبحاجة إلى تثبيت وتوضيح".

وحول مقاربة حزب الله للترسيم وإعلانه الاصطفاف خلف الدولة، قال سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية في تصريحات تلفزيونية الأربعاء "الحزب اعتمد هذه الخطوة باعتبار أن لها انعكاسات اقتصادية، بعد أن أدرك تماما أن لبنان بات في الحضيض الاقتصادي، وأكثرية الرأي العام يحمّله مسؤولية الانهيار، الأمر الذي أجبره على إيجاد مخرج ما، وهو تسهيل عملية استخراج الغاز والنفط".

وأعاد جعجع التذكير بأن "تدخل حزب الله منذ أشهر أخّر إبرام اتفاق الترسيم ولم يسهله، كما يصوّره البعض، لأن الإنجاز الفعلي هو الخط 23 بعد أن كانت إسرائيل تطالب بالخط 1، وهذا الخلاف قد حسم منذ سنة تقريبا ولا فضل للحزب بذلك"، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الوطنية للإعلام.

ورأى أن "عدم اتخاذ الحزب بعدها أي موقف في هذا الاتجاه واكتفائه بالوقوف خلف الدولة اللبنانية خير دليل على صوابية هذا الكلام، ولو أن تدخلاته كانت محاولة ردع فعلا، لكان استعملها من أجل مزارع شبعا".

وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله قد أطل بابتسامة عريضة مساء الثلاثاء، متحدثا حول ملف ترسيم الحدود البحرية باعتباره "عرسا وطنيا"، واضعا خطاب "رمي إسرائيل في البحر" وراءه.

وقال "نحن يجب أن نحتاط، لأن هناك من يمكن أن يغير رأيه في كل لحظة.. من البداية قلنا نقف خلف الدولة في موضوع المطالب اللبنانية، ودائما كنت أقول نحن بدنا ناكل عنب واستخراج النفط".

وأضاف "عندما يقول المسؤولون اللبنانيون ويعلن فخامة الرئيس الموقف الرسمي المؤيد للتفاهم، بالنسبة للمقاومة تكون الأمور قد إنجزت وإلى ذلك الحين يجب أن نبقى يقظين".

ويقول مراقبون إن الجميع في لبنان يدرك أن ما كان للاتفاق أن يبرم دون موافقة حزب الله، وأن الحزب الذي أفرج عن الاتفاق يدرك جيدا أن توقيته يخدم أجنداته السياسية الداخلية والإقليمية، ويمثل انفراجة يعمل عليها الحزب منذ تراجع نتائجه في الانتخابات التشريعية.

ودفع حزب الله إلى توقيع الاتفاق بهدف امتلاك مصدر للتمويل يواصل به السيطرة على لبنان والتحكم في مختلف مفاصله الأمنية والسياسية، في حين يشعر اللبنانيون بأن الحزب صاحب الفضل في حصول البلد على الغاز من خلال تهديداته باستهداف الشركات العاملة في التنقيب، وهو ما يجعل الجميع مستقبلا يسكتون ولا يطالبون بمعرفة أين تنفق عائدات الغاز.

وباتت مسألة التمويل ملحة بالنسبة إلى حزب الله وقيادته، في ظل مؤشرات على أن إيران لن تقدر في المستقبل على تأمين حاجيات الحزب وسلاحه، وتقديم التمويل الذي يستطيع بواسطته شراء المواقف السياسية وتثبيت تحالفاته داخل البيت المسيحي والحفاظ على الدعم الشعبي في مناطق سيطرته، وهي عناصر بدأت تهتزّ إثر نشوب الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان وتعالي الأصوات التي تحمّله مسؤولية ذلك.

وكانت إسرائيل قد قدمت نظرة إيجابية حول نتائج ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، حيث أكد رئيس وزرائها يائير لابيد أنها خطوة تدعم الاستقرار وأمن الطاقة وتُبعد شبح الحرب.

وصادق مجلس الوزراء الإسرائيلي الأربعاء على اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية مع لبنان، مما يمهد الطريق لمراجعة برلمانية محتملة ومحتدمة لمدة أسبوعين، قبل أن تدخل حيز التنفيذ.

وإذا تم إقرار الاتفاق، فإن الاتفاق، الذي أشادت به الأطراف الثلاثة المعنية باعتباره إنجازا تاريخيا، سيمثل نقطة تحول هائلة بعد عقود من الحرب والعداء، كما أنه يفتح الباب أمام التنقيب عن الطاقة قبالة سواحل البلدين.