حزب الله يستبق هدنة وفق شروط إسرائيل بالبحث عن أدوار ثانوية للتخفيف من وقع الهزيمة

بنيامين نتنياهو: نحتفظ بحرية كاملة في مهاجمة حزب الله إذا أعاد تسليح نفسه.
الأربعاء 2024/11/27
أرجوان مناع، من عرب 48 في إسرائيل، قتلها قصف لحزب الله لقرية مجد الكروم: على أي طرف تحسب أرجوان؟

بيروت – استبق حزب الله الرضا بالهدنة وفق شروط إسرائيلية بالحديث عن المساهمة بإعادة الإعمار ومساعدة النازحين في محاولة للتخفيف من وقع أقرب ما يكون في تاريخ حزب الله إلى هزيمة كبيرة أمام إسرائيل، في وقت قال فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن بلاده تحتفظ بحرية كاملة في مهاجمة حزب الله إذا أعاد تسليح نفسه أو أقام بنية عسكرية قرب الحدود.

وأعلن نتنياهو في كلمة متلفزة أن المجلس الوزاري المصغر وافق على وقف إطلاق النار في لبنان، لكنه شدد على أن استمرار الالتزام به مرتبط بما يحدث في لبنان.

وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار يعني أننا سنركز على التهديد الإيراني الآن.

وقال حسن فضل الله، النائب في مجلس النواب اللبناني والقيادي في حزب الله إن الحزب، بعد انتهاء الحرب، سيستمر في القيام بأدوار منها مساعدة النازحين اللبنانيين في العودة إلى قراهم وإعادة إعمار المناطق التي دمرتها الهجمات الإسرائيلية.

حزب الله يخشى وجود مناخ سياسي جديد ينتظر أن يناقش دور الحزب وسلاحه ورهن البلد لأجندات إيران وخوض الحروب بالوكالة

وستكون عملية إعادة الإعمار هذه المرة مختلفة بشكل كبير لاعتبارات تخص عدم قدرة إيران على توفير سيولة كافية نظرا إلى مشاكلها الاقتصادية، بالإضافة إلى تغيرات المزاج العام في المنطقة، فأيّ مراقب مهما كان تأييده لحزب الله سيسأل لماذا دخلتم المعركة ولماذا خرجتم منها الآن؟

ومن خلال البحث عن أدوار ثانوية، يسعى الحزب إلى الظهور في الواجهة، كما لو أنه لم يتعرض إلى هزيمة، لكن الوقائع على الأرض من الصعب القفز عليها، فاللبنانيون، بمن في ذلك الذين يصنّفون بأنهم بيئة الحزب، لا يمكن أن يتجاوزوا مخلفات هذه الحرب التي قادت إلى تدمير الضاحية الجنوبية، وأفقدت الناس الكثير من أقاربهم بين قتلى وجرحى وهدّمت بيوتهم وذهبت بأموالهم وأعمالهم، ودفعت الآلاف إلى النزوح ومواجهة ظروف قاسية من دون أن يجدوا أيّ أثر لوعود الحزب بحمايتهم، أو بمساعدتهم على تأمين المأوى والطعام.

وقال فضل الله “تشكيلات حزب الله الاجتماعية والصحية والإنمائية في أعلى درجات الاستعداد لليوم التالي من أجل المساهمة في مساعدة الناس على العودة إلى قراهم بالتعاون مع المؤسسات الحكومية الرسمية… الأولوية ستكون بعد وقف العدوان الإسرائيلي على بلدنا هي للناس، لإيوائهم، لرفع الأنقاض، لتوديع الشهداء، للعودة إلى القرى وأيضا في المرحلة اللاحقة لإعادة الإعمار هذا موضوع أساسي بالنسبة إلى حزب الله.”

ويسعى حزب الله لتلافي تأثيرات خسائره في الحرب على صورته لدى اللبنانيين، واتساع الانتقادات لقادته، وخاصة وجود مناخ سياسي جديد ينتظر أن يناقش دور الحزب وسلاحه ورهن البلد لأجندات إيران وخوض الحروب بالوكالة كما جرى في سوريا، في وقت يقول فيه مراقبون إن لبنان ما بعد حرب “إسناد غزة” لن يكون كما قبلها، وإن تغييرات كثيرة ستحصل في البلد باتجاه ضمان حياده واستقراره على المدى البعيد.

ويمكن أن يكون هدف حزب الله من البحث عن أدوار ثانوية هو توفير الوقت من أجل إعادة هيكلة مؤسساته وأنشطته. لكن إسرائيل التي تتحسّب لمثل هذه الإستراتيجيات تمسكت بشرط حرية الحركة في سماء لبنان لاستهداف أيّ أنشطة للحزب في مراحل لاحقة.

pp

وتوعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء، بـ”إحباط” أيّ محاولة لتهريب أسلحة إلى لبنان و”القضاء” على أيّ تهديد لقواته أو لإسرائيليين.

وقال كاتس خلال لقاء مع مبعوثة الأمم المتحدة إلى لبنان جينين هينيس بلاسخارت “سنعمل ضد أيّ تهديد، في أيّ وقت وأيّ مكان، ونطالب (قوة الأمم المتحدة) اليونيفيل بالتنفيذ الفعال، سيتم تدمير كل منزل في جنوب لبنان تتم إعادة بنائه أو يتم إنشاء قاعدة إرهابية فيه.”

وأضاف “سيتم إحباط أيّ محاولة لتهريب الأسلحة، وسيتم القضاء على أيّ تهديد لقواتنا أو مواطني إسرائيل على الفور.”

ولا يريد الإسرائيليون أن يقف اتفاق وقف إطلاق النار عند إعلان لبنان قبوله بالقرار الأممي 1701 فهذا أمر تم تجاوزه، بل يريدون الحصول على ضمانات ميدانية بشأن تفكيك أسلحة حزب الله ومنعه من إعادة بناء قدراته وتهريب الأسلحة.

ويقول مسؤولون لبنانيون إن اتفاق وفق إطلاق النار ينص على انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وانتشار قوات الجيش اللبناني في المنطقة، وهي معقل لحزب الله، في غضون 60 يوما وألا يكون للحزب وجود على الحدود جنوبي نهر الليطاني.

وقال وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب إن الجيش اللبناني مستعد لنشر خمسة آلاف جندي على الأقل في جنوب لبنان مع انسحاب القوات الإسرائيلية، وإن الولايات المتحدة قد تلعب دورا في إعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها الغارات الإسرائيلية.

وذكر المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر لرويترز أن الاتفاق مع لبنان سيحافظ على حرية إسرائيل في العمل هناك للدفاع عن نفسها وإزالة التهديدات التي تشكلها جماعة حزب الله وتمكين السكان النازحين من العودة بأمان إلى منازلهم في شمال إسرائيل.

وركزت الجهود الدبلوماسية بشأن لبنان على وقف إطلاق النار بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي اعتمدته الأمم المتحدة في عام 2006 وأفضى إلى إنهاء آخر حرب كبيرة بين حزب الله وإسرائيل من خلال فرض وقف لإطلاق النار.

وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون الاثنين إن إسرائيل ستحتفظ بالقدرة على ضرب جنوب لبنان في أيّ اتفاق. واعترض لبنان في السابق على حصول إسرائيل على مثل هذا الحق، وقال مسؤولون لبنانيون إن مسودة الاقتراح لا تشمل مثل هذه الصيغة.

وقال مسؤولان إسرائيليان لرويترز إن إسرائيل لديها اتفاق جانبي مع الولايات المتحدة يسمح لها بالتحرك في لبنان ضد “التهديدات الوشيكة”. وفوض حزب الله حليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري للتفاوض.

وقالت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي شارين هسكل إنه في حين أن هناك مهام أخرى يمكن لإسرائيل القيام بها في لبنان لتفكيك حزب الله، فإنها تفضل الحل الدبلوماسي إذا كان ذلك ممكنا.

pp

وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن الهجمات الإسرائيلية على مدار العام الماضي أسفرت عن مقتل أكثر من 3750 شخصا وأُجبرت أكثر من مليون على النزوح. ولا تُفرق بيانات الوزارة بين المدنيين والمسلحين.

وسلط الدمار الواسع الذي خلفته الغارات الجوية الإسرائيلية الضوء على تكلفة إعادة الإعمار الضخمة التي تنتظر لبنان الذي يعاني من ضائقة مالية، وبات العديد من سكانه بلا مأوى مع اقتراب فصل الشتاء.

وتسبّبت هجمات حزب الله في مقتل 45 مدنيا في شمال إسرائيل وهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل. وقُتل ما لا يقل عن 73 جنديا إسرائيليا في شمال إسرائيل وهضبة الجولان وفي المواجهات في جنوب لبنان، وفقا للسلطات الإسرائيلية.

ومن شأن وقف إطلاق النار أن يمهد الطريق أمام عودة 60 ألف شخص إلى منازلهم في شمال إسرائيل بعد أن تركوها عندما بدأ حزب الله إطلاق الصواريخ دعما لحليفته حماس في غزة.

وتقول إسرائيل إنها تستهدف القدرات العسكرية في لبنان وغزة وتتخذ خطوات لتقليل خطر تعرض المدنيين للأذى. وتتهم حزب الله وحماس بالاختباء بين المدنيين، وهو ما تنفيه الجماعة اللبنانية والحركة الفلسطينية.

 

اقرأ أيضا:

        • سكان مجد الكروم العربية الإسرائيلية ينشدون انتهاء الحرب

        • هل حلت إسرائيل أزمة لبنان؟

        • إلى أي هاوية أو فردوس نذهب؟

1