حزب الله يدخل على خط الوساطة للإفراج عن الحكومة اللبنانية

تعديل وزاري محتمل على حكومة تصريف الأعمال لتجاوز عقبات التشكيل.
الأربعاء 2022/09/21
حزب الله أمام اختبار التحكم في خيوط اللعبة السياسية

يسعى حزب الله إلى تجنب دخول لبنان في مرحلة فراغ دستوري (رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية) قد توظف الفوضى السياسية الناتجة عنه ضده. ولأجل تفادي ذلك ألقى الحزب بثقله في تقريب وجهات النظر بين بعبدا والسرايا، إلا أن وساطته تبقى رهينة حسابات الربح والخسارة بين الأفرقاء السياسيين.

بيروت – يعكس لقاء المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل بكل من رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون، دخول الحزب على خط الوساطة بين بعبدا و السرايا، لتذليل العقد والعقبات التي لا تزال تؤخر اتفاقهما بشأن تركيبة الحكومة اللبنانية الجديدة.

ويقول مراقبون إن حزب الله بعد أن اكتفى بالمراقبة طوال الفترة الماضية، قد انطلق في تزخيم حراكه السياسي من مبدأ أن تشكيل الحكومة، ولو على قاعدة تعويم تصريف الأعمال الحالية، هو أمر ملح وإلزامي يجنب البلاد فراغا دستوريا يخشاه الحزب أكثر من بقية الفرقاء السياسيين.

حزب الله يضغط من أجل تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات تحوطا لاحتمال فراغ رئاسي قد يستخدم ضده

ويشير المراقبون إلى أن لبنان ماض نحو فراغ رئاسي بات في حكم المؤكد، بعد انطلاق المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد مطلع سبتمبر الجاري دون توافق القوى المسيحية على مرشح.

ويؤكد هؤلاء أن في ظل عدم حسم حزب الله خياره الرئاسي، وعدم تبلور الموقف الموحّد للمعارضة وتبنيها لمرشح واحد بعدُ، يدفع بالحزب إلى الضغط من أجل تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات استباقا وتحوّطا لاحتمال الفراغ الرئاسي.

ويعارض الرئيس عون فتوى دستورية يروجها مقربون من ميقاتي ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، تجيز لحكومة تصريف الأعمال الحالية القيام بمهام رئاسة الجمهورية في صورة تعذر انتخاب رئيس جديد خلال المهلة الدستورية، بينما يرفض عون الفرضية ويؤكد أنها غير دستورية ولا يقبل بها، ملوحا عبر مقربين منه بإجراء مضاد يتمثل في تعيين رئيس حكومة انتقالية قبل مغادرته في الحادي والثلاثين من أكتوبر القادم، لتصبح بذلك حكومة أمر واقع يتردد أنه سيسند تشكيلها لصهره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

ووفق حسابات حزب الله، فإن تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية ولاية عون يعتبر ورقة بديلة في إطار سعيه لإرضاء حليفه العهد، إذ انتقد الرئيس عون مؤخرا حزب الله قائلا إنه “تخلى عنه”.

واستاء الرئيس عون من حزب الله على خلفية تكليفه الرئيس نجيب ميقاتي من دون انتزاع تعهّد منه بتأليف حكومة، خصوصا أن العهد في حاجة إلى حكومة في الأسابيع الأخيرة قبل انتهاء ولايته، تُتيح له الدخول إلى الاستحقاق الرئاسي من موقع متقدم ويحافظ فيها على مواقع قوته السلطوية.

ويرى حزب الله أنّ إرضاء العهد بحكومة يبقى أقل كلفة من خطوة غير دستورية قد يقدم عليها رئيس الجمهورية عشيّة مغادرته القصر الجمهوري، وتُدخل البلاد في فوضى دستورية تضاف إلى عامل الفراغ المتمادي.

ويلبي تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية ولاية عون تعويض النائب جبران باسيل حكوميا في حال استحال انتخابه رئاسيا، خصوصا أنّ دخوله إلى الحكومة بعد خروجه منها على وقع ثورة السابع عشر من تشرين يعني، بالنسبة إليه، انتصارا هو في حاجة إليه، وتمهيدا متقدّما لمعركته الرئاسية.

ويقول محللون إن حزب الله لا يهتم بانتخاب رئيس للجمهورية من عدمه، إنما همّه يتركّز حول ثلاثة أمور أساسية، أولها مواصلة إمساكه بمفاصل السلطة عبر رئيس للجمهورية أو الحكومة، لأنّ همه الأساسي أن تبقى الدولة تحت سيطرته، منعا لانكشافه ولاستخدام بعض مؤسساتها بتهديد خصومه السياسيين.

م

وثانيا تجنب الفوضى الدستورية التي قد تُستخدم ضده بفرض البحث في نظام سياسي جديد برعاية دولية، يفقد معه قدرته على السيطرة على القرار السياسي اللبناني. وأما الثالث فهو الحفاظ على وحدة صفه السياسي، كونه لا يحتمل بعد خسارته الانتخابات النيابية خسارته لتحالفاته السياسية.

وقالت مصادر لبنانية مطلعة إن مشاورات بدأت بين ميقاتي وعون بوساطة حزب الله على قاعدة استبدال 4 وزارء ضمن الكابينة الحكومية لحكومة تصريف الأعمال الحالية، على قاعدة 6 و6 مكرر (أي أن التغييرات ستطول الطوائف والمذاهب كافة).

تأثير باسيل بعد 31 أكتوبر سيكون مختلفا عن المرحلة التي سبقت. لذلك يرفض خصومه منحه ورقة الإمساك بالحكومة

ووفق هذه الصيغة، سيعمد رئيس حركة أمل ومجلس النواب نبيه بري إلى تغيير وزير المال الشيعي، كما سيسمي رئيس الجمهورية بديلا عن وزير المهجرين الدرزي، شرط ألا يكون اسما يستفز رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، على أن يسمي ميقاتي وزير الاقتصاد السني وأن يتولى التيار الوطني الحر تغيير أحد الوزراء المسيحيين من دون أن يتضح أي وزارة سيطول التغيير.

وقال ميقاتي مؤخرا عقب لقائه عون في قصر بعبدا إنه منفتح على تعديل في الحقائب الوزارية، وهو أمر طالب به عون قبل أن يرفع سقف مطالبه من خلال إضافة الدعوة إلى إضافة 6 وزراء دولة إلى التركيبة الحكومية المقترحة.

وخيار الذهاب إلى حكومة من ثلاثين وزيرا من خلال إضافة 6 وزراء دولة رفضته الأطراف المناوئة لعون، وعلى رأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومعه الرئيس نجيب ميقاتي وزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.

لأنه ووفقا للثلاثي الرافض، فإن تعيين 6 وزراء دولة سيعطي رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الثلث المعطّل في الحكومة التي ستدير الفراغ الرئاسي، كونه الجهة التي ستسمّي الوزراء المسيحيين الثلاثة، لذا فإنّ هذه التسميات ستكون سياسية بامتياز، وتنتمي مباشرة إلى القوى السياسية المعنية.

وهو ما يعني إعادة إحياء حضور باسيل المباشر من خلال تياره، في وقت من المفترض أن يشكّل خروج عون من القصر الجمهوري عامل إفقاد باسيل كثيرا من عناصر قوته.

وتأثير باسيل بعد الحادي والثلاثين من أكتوبر سيكون مختلفا عن المرحلة التي سبقت. لأجل ذلك يرفض خصومه منحه ورقة الإمساك بالحكومة .

2