حزب الله يجرّ انتفاضة لبنان إلى خندق العنف الطائفي

بيروت - ارتفع منسوب التوتر في شوارع لبنان في ظل انسداد الأفق السياسي بشأن تشكيل حكومة جديدة، حيث فتح تأجيل رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون المشاورات النيابية الإلزامية الباب أمام أزمة سياسية لا سابق لها في لبنان عززت من مخاوف انحراف المظاهرات في أي لحظة إلى صدامات ذات بعد طائفي.
وشهدت شوارع لبنان صدامات دامية بين قوات الجيش وأنصار جماعة حزب الله وحركة أمل الشيعيتين بعد محاولتهم اقتحام ميدان في بيروت ردا على تسجيل مصور يسيء إلى شخصيات شيعية.
وتجمع مئات الشبان على دراجات نارية في وسط بيروت ملوحين براياتهم الحزبية والدينية ومرددين "شيعة.. شيعة" وأشعلوا النار في إطارات سيارات، وقال الشهود إنهم ألقوا حجارة ومفرقعات على قوات الأمن بالمكان.
وقال مراقبون إن حزب الله دفع بأنصاره إلى الشارع في محاولة لاستفزاز المتظاهرين السلميين وجرهم إلى مربع الفوضى والعنف وتحريف الاحتجاجات إلى صدامات طائفية بعد قطع الطريق على إمكانية تشكيل سعد الحريري لحكومة جديدة من شأنها أن تنقذ البلاد مما هو أسوأ.
ويسعى حزب الله إلى المحافظة على نفوذه، مهددا بسياسة الأرض المحروقة بعد رفض الحريري الانسياق وراء رؤيته فيما يخص الحكومة الجديدة.
وحاول أنصار حزب الله كسر طوق أمني لاقتحام الميدان الذي يخيّم به المتظاهرون في إطار احتجاج مناهض للحكومة قائم منذ أسابيع.
وأظهرت تغطية حية بثتها قنوات تلفزيونية محلية عشرات الشبان وقد أحرقوا إطارات وحطموا مباني إدارية وأضرموا النار في عدد من السيارات في محيط المنطقة القريبة من طريق رئيسي يؤدي إلى الأجزاء الشرقية والغربية من العاصمة.
ومن شأن ارتفاع منسوب التوتر في شوارع لبنان أن يعكس سلبا على المشهد السياسي في بلد يعاني أزمة اقتصادية خانقة تتطلب حلولا عاجلة على رأسها تشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن.
وسبق وأن استهدفت جماعات شيعية المحتجين المعتصمين في الميدان من قبل غضبا من هتافات تنال من زعمائها السياسيين، غير أن أحداث العنف الثلاثاء كانت ذات طبيعة طائفية واضحة.
وتردد أن تسجيل الفيديو الذي ألهب المشاعر في بلد تتغلغل فيه الانقسامات الطائفية أعده لبناني سني من مدينة طرابلس الشمالية يقيم بالخارج وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي مدينة صيدا التي تقطنها غالبية سنية بالجنوب اللبناني، ذكرت قنوات تلفزيونية أن مجموعات من الشبان الملثمين اقتحمت ميدانا رئيسيا وأشعلت النيران في عدد من الخيام التي أقامها المتظاهرون المعتصمون بالموقع منذ أسابيع.

وتجتاح لبنان موجة احتجاجات ضخمة منذ 17 أدت إلى استقالة سعد الحريري من رئاسة الوزراء وسط غضب من إخفاق الحكومة في معالجة أسوأ أزمة اقتصادية بالبلاد منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من عام 1975 إلى 1990.
وبعد مرور أكثر من سبعة أسابيع على استقالة الحريري، ما زال السياسيون عاجزين عن الاتفاق على إدارة جديدة رغم تصاعد الأزمة المالية.
من جانبه، عبر حراك الشارع عن غضبه من الصفقات التي تعقدها أحزاب المنظومة السياسية لإعادة إنتاج نفس المشهد السابق، كما رفضت إعادة تكليف الحريري بتأليف الحكومة الجديدة.
وأكدت شعارات الحراك ضرورة تشكيل حكومة خبراء واختصاصيين من رئيسها إلى وزرائها، مشهود لهم بالنزاهة والاستقلالية عن المنظومة السياسية برمتها.
واتخذت الاحتجاجات منحى عنيفا في مطلع الأسبوع عندما عمّ الغاز المسيل للدموع أجواء بيروت مع اشتباك قوات الأمن مع المحتجين الذين يحمّلون النخبة الحاكمة مسؤولية الفساد وسوء الإدارة.