حزب الله يثير غضبا سياسيا وشعبيا بمساءلة الجيش عن حماية الحدود

مجلس الوزراء يقر تطويع 1500 عنصر في الجيش اللبناني.
الخميس 2024/11/07
اللبنانيون يرفضون جر الجيش للمواجهة مع إسرائيل

بيروت - تسابق الحكومة اللبنانية الوقت لتأهيل الجيش وزيادة عديده وعتاده أملا في تنفيذ القرار 1701 ونشره في الجنوب لإيقاف الحرب، غير أن خطاب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الذي شكك بقدرات الجيش وحمله مسؤولية حماية الحدود أثار غضبا شعبيا وسياسيا باعتباره محاولة لضرب المؤسسة العسكرية التي تجمع اللبنانيين.

وأقر مجلس الوزراء اللبناني في جلسته التي انعقدت قبل ظهر الأربعاء البند المتعلق بتطويع 1500 عنصر في جيش البلاد.

وقال وزير الإعلام زياد مكاري بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء إن الأخير أقر في الجلسة البند المتعلق بتطويع 1500 عنصر من الجيش اللبناني، مشيرا إلى أن “الاعتمادات موجودة وليس هناك أي إشكال”. وأوضح أن هذا القرار مهم “سياسيا ودوليا لارتباطه بتطبيق القرار 1701”.

وتم اعتماد القرار 1701 عام 2006، بهدف وقف الأعمال العدائية بين حزب الله وإسرائيل. وأعلنت الحكومة اللبنانية مرارا الالتزام والاستعداد لتطبيق القرار وإرسال الجيش اللبناني إلى جنوب الليطاني فور وقف إطلاق النار.

وما يقلق المعنيين على تنفيذ القرار داخليا ودوليا هو مسألة سلاح حزب الله وترسانة الصواريخ التي يمتلكها، خاصة أن القرار 1701 يشدد على حصرية السلاح بيد الجيش، ومنع امتلاك أي تنظيم للسلاح على الأراضي اللبنانية مع التشدد بمراقبة المعابر الحدودية، بهدف منع إدخال أي نوع من أنواع الأسلحة، بالإضافة إلى منع تصنيع أو تعديل الأسلحة والصواريخ في الداخل اللبناني.

سعيد الأسمر: تهجم قوى الممانعة على الجيش لم يفاجئ اللبنانيين
سعيد الأسمر: تهجم قوى الممانعة على الجيش لم يفاجئ اللبنانيين

ومن الواضح أن هذه الشروط لا تناسب حزب الله الذي لا مصلحة له بنزع سلاحه الذي يعني انتهاء دوره في لبنان، فيما بدا أن كلمة أمينه العام نعيم قاسم في ذكرى أربعينية الأمين السابق حسن نصرالله أثارت غضبا في لبنان بسبب ما تضمنته من تعال على الدولة وانتقاص من الجيش.

ورسم قاسم علامات استفهام حول الدخول الإسرائيلي إلى البترون واختطاف المواطن اللبناني عماد أمهز وقال “أطالب الجيش اللبناني بأن يُعلن موقفه وطبيعة حدث الإنزال في البترون وما هو دور ‘اليونيفيل’؟ عليه أن يُصدر موقفا وبيانا عن سبب حدوث هذا الخرق فليسأل ‘اليونيفيل’ وخصوصا الألمان ما الذي رأوه في تلك الليلة؟”، معتبرا أن هذا الموقف يعكس السيادة الوطنية ومسؤولية الدولة تجاه مواطنيها.

وطالب قاسم الجيش اللبناني باتخاذ خطوات حاسمة لحماية الحدود البحرية بعد اتهامات متكررة له بالضعف، مشددا على أهمية دوره في التصدي لأي تهديدات خارجية تستهدف أمن لبنان.

واستنكر العديد من السياسيين هذا الخطاب باعتبار أن حزب الله هو من أقحم البلاد في حرب لا يريدها الشعب، وهيمن على الدولة بقوة السلاح.

وذكر حزب الكتائب في بيان على موقعه الإلكتروني “في ما يشبه الأمر للجيش اللبناني الذي يحوز على ثقة اللبنانيين، وجه الشيخ نعيم قاسم سهامه باتجاه المؤسسة العسكرية في خطوة جديدة لتدمير ما تبقى من مؤسسات”.

وأضاف موقع الكتائب “لفت الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم إلى أننا وصلنا الآن إلى حرب إسرائيلية عدوانية على لبنان منذ شهر و10 أيام ولم يعد مهما كيف بدأت الحرب وما هي الذرائع التي سبّبتها والمهم أننا أمام عدوان إسرائيلي”.

سلاح حزب الله وترسانة الصواريخ التي يمتلكها يقلق المعنيين على تنفيذ القرار 1701 داخليا ودوليا

من جانبه قال عضو تكتل “الجمهورية القوية” المحسوب على حزب “القوات اللبنانية” النائب سعيد الأسمر “تهجم قوى الممانعة على (قائد الجيش اللبناني) العماد (جوزف) عون لم يفاجئ اللبنانيين. وليست المرة الأولى التي توجه فيها أحزاب وأبواق الممانعة سهامها إلى صدر المؤسسة العسكرية، في محاولة يائسة منها لتسخيف قدراتها العسكرية وإمكانياتها في الدفاع عن لبنان، مقارنة بقدرات وإمكانيات السلاح غير الشرعي، الذي أثبت مؤخرا فشله في ردع العدو الإسرائيلي عن تدمير لبنان، وفي حماية بيئته من الموت والتهجير”.

وأضاف الأسمر في حديث لوسائل الإعلام المحلية “يحاول حزب الله وفريقه في الركب الإيراني الممانع، إيهام الرأي العام بأن الجيش اللبناني غير قادر على الإمساك بالأمن وفرض الاستقرار في الجنوب، وذلك بهدف قطع الطريق على مطالبته بعد انتهاء الحرب بإلقاء سلاحه الإيراني غير الشرعي، أو حتى مناقشة وضعيته بعد انتخاب رئيس للجمهورية. لكن ما فات هذا الفريق أن الكواكب والنجوم أقرب إليه من العودة إلى مشهدية ما قبل الثامن من أكتوبر 2023. وعليه بالتالي أن يعود إلى مفهوم الدولة والتسليم بمعادلة لا سلاح سوى سلاح الشرعية، ولا يحمي لبنان واللبنانيين إلا الجيش اللبناني وحده لا غير”.

من جهته، قال النائب غيّاث يزبك “من المعيب أن يطلب قاسم الحماية من الجيش اللبناني في ما يخصّ حادثة الإنزال في البترون في وقت يقوم الجيش بدور كبير جدّا في تحمّل ما تسبّب به الممانعون”.

قاسم طالب الجيش اللبناني باتخاذ خطوات حاسمة لحماية الحدود البحرية بعد اتهامات متكررة له بالضعف

ويرى الكثير من اللبنانيين أن حزب الله يحاول إقحام الجيش في الحرب مع إسرائيل بينما يعتبر مراقبون أن هناك عدة اعتبارات تدفع الجيش اللبناني إلى عدم الانجرار للمواجهة مع إسرائيل، أولها التباين الواسع في موازين القوى؛ فالجيش الإسرائيلي مجهز تجهيزا قويا ويحظى بدعم أكبر من القوى الغربية سواء على المستوى المالي أو مستوى التسليح، بينما يفتقر الجيش اللبناني إلى المعدات وترسانة الأسلحة اللازمة لمثل هذه المواجهة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ هناك ضغوطا غربية، وأميركية تحديدا، لمنع تزويد الجيش اللبناني بالمعدات القتالية المتطورة، حتى لا يشكل تهديدا مباشرا على إسرائيل.

وتعد الولايات المتحدة المانح الرئيس للجيش اللبناني، وقد أسهمت واشنطن في إمداد الدولة بالرواتب المتواضعة لأفراد الجيش اللبناني لبعض الوقت، مع اشتداد الأزمة المالية والاقتصادية للبنان في السنوات الأخيرة.

وتقتصر المساعدات الأميركية للجيش اللبناني على المركبات ولوازمها والأسلحة الفردية. واستنادا إلى ذلك يقتصر دوره على ضمان الاستقرار الداخلي، وهو اليوم في “وضع حساس” بحسب مراقبين، لاسيما مع اشتداد القصف على الضاحية الجنوبية واضطرار مئات الآلاف من الأهالي إلى النزوح من مناطق تعتبر تقليديا من معاقل “حزب الله” إلى مناطق مناهضة له قد تخلق احتكاكا واضطرابات أمنية يُخشى أن تتطور إلى “حرب أهلية”.

لكن الجيش اللبناني ينتشر في الجنوب بأعداد يقول مراقبون إنها كبيرة، كما أن أي وقف لإطلاق النار في المستقبل من المرجح أن يتضمن انتشارا أكبر للجيش في الجنوب، وهو الأمر الذي ألمح إليه رئيس الوزراء اللبناني.

وفي خطاب مسجل مسبقا، قال قاسم “عندما يقرر العدو وقف العدوان، هناك طريق للمفاوضات حددناه بشكل واضح، هو التفاوض غير المباشر عبر الدولة اللبنانية ورئيس مجلس النواب نبيه بري”.

وتابع “أساس أي تفاوض يبنى على أمرين، أولا وقف العدوان وثانيا السقف للتفاوض هو حماية السيادة اللبنانية بشكل كامل غير منقوص”. ولم يذكر أي تفاصيل.

وتقول إسرائيل إنها تهدف إلى إعادة السكان النازحين من الشمال إلى منازلهم وضمان ألا يشكل حزب الله المدعوم من إيران تهديدا لأمنها.

2