حزب الله يثير الجدل بحملة تبرعات على مواقع التواصل لشراء مسيرات

يحاول حزب الله إشراك الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي في حملة تبرعات لشراء مسيرات وصواريخ وإقحامهم في حرب هم أصلا لا يريدون التورط فيها، بتكثيف الدعاية عبر نشر فيديوهات لم تنجح سوى بإثارة السخرية والامتعاض.
بيروت - أثار حزب الله موجة جدل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد إطلاقه حملة إعلامية تطالب المواطنين بالمشاركة في المعركة والتبرع له لشراء صواريخ ومسيّرات لاستكمال المعركة.
وجاءت الحملة تحت عنوان “مسيرة – ميسرة”، تطالب الناس بأن يكونوا جزءا من المعركة لمواجهة إسرائيل، وغرّد الإعلامي حسين مرتضى المحسوب على حزب الله قائلا “أجمل ما في الأمر أن المقاومة فتحت باب المشاركة في صناعة مسيّرة… ساهموا بمشروع ثمن مسيّرة… ارفع رأسك مسيّرة ــ ميسرة وعين الله ترعاك”. وذيلت الحملة بعبارة “هيئة دعم المقاومة”، وهي هيئة رسمية للحزب مع أرقام هاتف ليتصل بها المتبرعون.
ونشرت الهيئة فيديوهات بينها رجل يدل ابنه على مسيّرة للحزب وهي تهاجم مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي مرفقة بالتعليق الآتي “ارفع رأسك لفوق، للسما، وشوف دعمك وين صار، مسيّرة مسيرة، وعين الله ترعاك… ساهم بمشروع ثمن مسيّرة”.
كما نشرت الحملة فيديو آخر لأياد تضع مساهماتها المالية في مجسّم قبة الصخرة مرفقة بتعليق “هيك وهيك دعمكم بيوصل متل هالصاروخ، ساهم بمشروع ثمن صاروخ”، إضافة إلى فيديو لسيدة تتوجّه فيه إلى مقاتل من حزب الله في وضعية قتالية بالقول “رح نكون معك، بكل خطوة منمشي معك، بدنا نكون كل قطعة منك، نشاركك ونحط إيدنا معك، تجهيزك سلاحك رصاصك جعبتك، إنت عم بتدافع عن شرفنا، دمك عكفّك لتبقى عزتنا شامخة متل أرزتنا، الله يحميك ويكون معك”.
وسخر ناشطون من محاولات الحزب الموالي لإيران لإشراك المدنيين في دعمه وتسليحه من أجل إقحامهم في حرب هم أصلا لا يريدون التورط فيها بعد أن ورط البلاد التي تعاني من أزمات على جميع الصعد في جبهة فتحها في جنوب لبنان منذ الثامن من أكتوبر الماضي.
وقال مغرد:
tariqalhomayed@
الخبر يقول إن #حزب_الله يستنهض مناصريه لشراء الطائرات بدون طيار.
تعليقي: سمعنا عن قرض ميسر، لكن “مسيرة – ميسرة” أي طائرة درون، فهذه مسخرة جديدة من مساخر #حزب_الله في #لبنان.
وتراوحت التعليقات وردود الفعل بشأن الحملة بين من اعتبر أنها تعبّر عن ضعف من ادعى امتلاك قوّة عسكرية قادرة على تغيير المعادلات وإزالة إسرائيل من الوجود، وبين من قرأ فيها حملة تعبئة لاختبار تأييد البيئة الشيعية لخياراته.
وكشف ناشط لبناني عن أهداف الحزب من هذه الحملة:
PierreJabbour14@
“مسيّرة_ميسّرة” حملة لدعم استمرار الحرب في الجنوب. أراد حزب الله تمويل حربه من القادرين اللبنانيين وإسهامهم في المجهود الحربي.
يقول إنه يريد إسهام الجميع في حربه ضد إسرائيل. الجميع يعلم أن الحرب مكلفة جدا وأعباءها كبيرة وعملية الاستنزاف الإسرائيلية قد تكون إحدى الخطط “لتنشيف” موارد الحزب.
يبقى السؤال هل إذا قمنا في مناطقنا بمثل هذا الأمر لدعم القوى السيادية ضد الإرهاب الإيراني المتمثل “بحزبه الإلهي” ولدينا من الحجة ما يبرر هذا الأمر، من هجوم 7 أيار على بيروت، واجتياح بعض الجبل، والاغتيالات للرموز الوطنية. ما هو موقف السلطة في مناطقنا؟ سؤال مشروع حول الخيارات الكبرى… تنفيذ 1559 هو الحل وإلا سنخسر الجنوب وستخسر الطائفة الشيعية مكتسباتها التي فرضتها بقوة السلاح ولم تحسب خط الرجعة.
اليوم البعض معكم خوفا أو توددا ويتركونكم على أول مفترق طرق عندما تنتفي الحاجة إليكم.
وعبّر ناشطون عن سخرية مريرة نتيجة ممارسات حزب الله وإقحامهم في حروب لصالح إيران راح ضحيتها أحباؤهم دون أن تكون هناك أي نتيجة، وجاء في تعليق:
ayoubygilda@
عم ينعرض فيديو لـ#حزب_الله تمويلي، فيه رجّال عم بيقول لابنو:
_ارفع راسك للسما وشوف دعمك وين صار.
الـ#مسيرة… #ميسرة عين الله ترعاكي.
_بس ما قلو تطلع (انظر) شمال ويمين كيف بيوتنا #مكسرة فدى #إيران
ما قلو ما تعيط (تنادي) لخيك وابن عمك، ما عادوا موجودين فدى #إيران.
وتزامنت مع إعلان رئيس مجلس النواب نبيه برّي، أنه فتح قنوات اتصال مع البنك الدولي ومع الدول الصديقة والشقيقة، لـ”المساهمة بإعادة إعمار جنوب لبنان وما دمرته إسرائيل خلال هذه الحرب”. واستغرب النائب السابق فارس سعيد هذه “الازدواجية بين ما يطلبه حزب الله، وبين ما يتطلّع إليه نبيه برّي”، مؤكدا أن “هذه الازدواجية مزعجة جدا، لأن هناك من يستجدي العالم لإعمار الجنوب، وبين من يطلب تبرّعات للاستمرار بالحرب، والمضيّ بعملية الهدم”.
ورأى البعض أن الحملة جزء من تعبئة إعلامية لإشراك الناس بالمجهود الحربي إذ إن الحزب مدعوم وممول من إيران، وربما تكون محاولة لإشعار المواطنين بأنهم معنيون بالمواجهة، وأنهم يؤيدون خيارات الحزب، وإثبات الدعم الشعبي له في هذه المرحلة.
وأقرّت حكومة تصريف الأعمال مؤخرا مبلغ 93 مليارا و600 مليون ليرة فقط، ما يوازي مليون دولار تقريبا لذوي الشهداء والنازحين من الجنوب، لكن الكثير من المواطنين والناشطين انتقدوا الحكومة “بسبب صرف المال من جيوب اللبنانيين على حرب لم يقرروها؟”، وخلصت التعليقات إلى التساؤل “هل كتب على اللبنانيين أن يدفعوا دائما ثمن مغامرات غير محسوبة لمحور الممانعة؟”.
ناشطون يعبرون عن سخرية مريرة نتيجة إقحامهم في حروب لصالح إيران راح ضحيتها أحباؤهم دون نتيجة
وتساءل آخرون “هل يُعقل أن من يخوض حربا ويقول إنه قادر على الردع وتغيير المعادلات أن يستجدي تبرعات من أبناء الجنوب لمواصلة حربه؟ وهل تكفي هذه التبرعات لشراء صواريخ وأسلحة جديدة؟”.
وكان حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله، قد أعلن في خطاب ألقاه في شهر فبراير 2022، أن الحزب “بدأ تصنيع الطائرات المسيّرة في لبنان، وباتت لديه قدرة على تحويل صواريخه الموجودة بالآلاف إلى صواريخ دقيقة”. وقال يومها “من أراد شراء المسيّرات فليقدّم طلبا لذلك”.
وفي ظل الصمت الرسمي وعدم اجتماع الحكومة اللبنانية بوضع إستراتيجية لمواكبة الحدث الأمني وارتداداته على لبنان، باستثناء تصريح خجول لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي يؤكد فيه رفض الانزلاق إلى الحرب، إلا أن المواقف لمعظم القوى السياسية اللبنانية تبدو رافضة لتدخل حزب الله في المعركة، وسجل لأول مرة شبه إجماع بين الأحزاب الفاعلة في البلاد على مطالبة الحزب بمراعاة الظروف السياسية التي يمر بها لبنان وعدم قدرته على تحمل مواجهة عسكرية شاملة مع إسرائيل.
ويجمع المحللون على أن اتساع المواقف الرافضة في لبنان لأي مغامرة عسكرية قد يقدم عليها حزب الله تقلقه، لاسيما أنه لم يسبق أن وجد نفسه في “عزلة” سياسية كالتي يواجهها في هذا الظرف، في ظل غياب حد أدنى من التأييد من الطوائف اللبنانية.
وكان لافتا موقف الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي طالب حزب الله بضبط الجنوب أكثر من أي وقت مضى، منتقدا تصريحات قادة الحزب بأنه “آن الأوان لزوال إسرائيل”، وقبله كان هناك مواقف واضحة من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي رفض “توريط اللبنانيين بتحمل ما ليس بطاقتهم، بعد كل الأوضاع الصعبة التي يعيشونها”.