حزب القوات اللبنانية يرفع لاءات ثلاثا في وجه حزب الله

ظل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وفيا لشعارات حزبه الانتخابية بعيدا عن حسابات مصالح التموضع والتوافق، حينما أعلن أنه لن يدعم أي مرشح رئاسي يدعمه حزب الله وأنه سيرفض أي متحالف معه لرئاسة الوزراء وسيقاطع الحكومة إن تشكلت توافقية.
بيروت - رفع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي حقق مكاسب انتخابية، لاءات ثلاثا في وجه حزب الله وحلفائه، ما يؤشر على الأرجح التأخر في التوافق على قوانين الإصلاح اللازمة لإخراج لبنان من الأزمة، وأيضا خلق فراغ في المناصب القيادية العليا.
وقال جعجع إنه سيكون “ضد أي مرشح رئاسي يدعمه حزب الله، وسنرفض أي متحالف معه لرئاسة الوزراء وسنقاطع الحكومة إن تشكلت توافقية”.
ويؤكد موقف جعجع من الاستحقاقات الدستورية المرتقبة، ما ذهب إليه محللون بأن لبنان مقبل على شلل سياسي تتعطل معه تركيز المؤسسات السيادية (رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية)، وهو ما ستكون له تداعيات وخيمة على الإصلاحات الاقتصادية التي يطالب بها شركاء لبنان الدوليون لدعمه.
وفي حين حصل حزب القوات اللبنانية والنواب المستقلون الجدد على المزيد من المقاعد في انتخابات الشهر الماضي، إلا أنهم فشلوا في حرمان نبيه بري حليف حزب الله من نيل رئاسة البرلمان للمرة السابعة في جلسته الأولى منذ انتخابه الثلاثاء.
سمير جعجع ووليد جنبلاط يسعيان لتشكيل جبهة سياسية جديدة بمعية النواب المستقلين أشبه بجبهة 14 آذار
وقال جعجع “عليهم ألا ينبسطوا كثيرا (حزب الله)”، مضيفا أن الانقسامات في البرلمان ستؤدي إلى “مواجهة كبيرة” بين حزب الله المدعوم من إيران وحلفائه من جهة، وحزب القوات اللبنانية من جهة ثانية. وكانت جلسة الثلاثاء هي الأولى منذ انتخاب البرلمان الجديد في الخامس عشر من مايو الجاري، في أول انتخابات تعقد منذ الانهيار الاقتصادي في لبنان وتفجير مرفأ بيروت عام 2020، الذي أودى بحياة أكثر من 215 شخصا.
وتأسس حزب القوات اللبنانية كحركة مسلحة خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت رحاها في الفترة من 1975 – 1990، لكنه ألقى السلاح رسميا بعد الصراع.
وشارك حزب القوات اللبنانية في البرلمان والحكومة، لكنه اختار الانسحاب من الأخيرة منذ عام 2019، عندما اندلعت احتجاجات واسعة النطاق مناهضة للحكومة في بيروت.
ويتطلب نظام الحكم في لبنان الآن من الرئيس ميشال عون، حليف حزب الله وخصم القوات اللبنانية، التشاور مع نواب البرلمان بشأن اختياراتهم لمنصب رئيس الوزراء.
ورفض جعجع الإفصاح عما إذا كان حزب القوات اللبنانية سيدعم فترة ولاية جديدة لرئيس الوزراء الحالي والمرشح الأوفر حظا نجيب ميقاتي، أو أن حزبه سيدعم اسما مختلفا.
وقالت مصادر سياسية لبنانية إن سيناريو تعويم رئيس الوزراء الحالي نجيب ميقاتي وارد بقوة في حال تعذر التوافق على رئيس حكومة جديد. وأشارت ذات المصادر إلى أن حزب الله وعون لا يرفضان ذلك ضمن سيناريوهات تفادي الشلل السياسي.
وتستمر الحكومة الجديدة بضعة أشهر فقط، حيث من المقرر أن ينتخب البرلمان خليفة لعون الذي تنتهي فترته الرئاسية في الحادي والثلاثين من أكتوبر. وبعد ذلك سيعين الرئيس التالي رئيسا جديدا للوزراء.
ووصل عون إلى السلطة كرئيس في 2016 بدعم من حزب القوات اللبنانية، بعد عقود من التنافس الشديد بين الاثنين. لكن جعجع قال إن حزبه سيستخدم حق النقض ضد أي مرشح رئاسي يدعمه حزب الله هذه المرة.
وذكرت مصادر لبنانية مطلعة أن عون سيدعو الأسبوع المقبل على الأرجح إلى الاستشارات النيابية الملزمة، لتسمية الشخصية المكلفة برئاسة الحكومة.
وأكدت المصادر أن الجهد من قبل حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل سينصب على استثمار ما خرج عن جلسة الثلاثاء الماضي من أجل الاستحقاق الحكومي، ومن هنا تبدأ المشاورات مع عدد من النواب المستقلين لترتيب الموقف، في حين لم تبرز معطيات عن توجهات الكتل الأخرى.
وأشارت المصادر إلى أن الأسماء لتولي الحكومة الجديدة ليست محصورة بميقاتي، بل هناك جس نبض يشمل نواف سلام ومصطفى أديب، بالإضافة إلى سمير الخطيب وعبدالرحمن البزري.
ورفض النواب المستقلون أدوار حزب القوات اللبنانية في الحرب اللبنانية، لكن جعجع قال إن النواب الجدد “لن يكون لهم تأثير يذكر إذا لم يتحالفوا مع حزبه”. وأضاف “نحن بحاجة إلى بضعنا كي نقوم بعملية التغيير والإنقاذ المطلوبة”.
وقالت مصادر لبنانية مطلعة إن حزب القوات اللبنانية بالتنسيق مع الحزب الاشتراكي التقدمي بقيادة وليد جنبلاط، يسعيان لتشكيل جبهة سياسية بمعية النواب المستقلين أشبه بـ”14 آذار”.
وعبّر عن ذلك صراحة جنبلاط عندما اعتبر أن “الهزيمة في جلسة انتخاب نائب رئيس البرلمان” تعود إلى سوء التنسيق، الأمر الذي يتطلب صياغة برنامج مشترك يتجاوز التناقضات الثانوية، من أجل مواجهة جبهة قوى الثامن من آذار.
ويلتقي النواب المستقلون (التغييريون) مع القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي على قاعدة التغيير ومحاربة الفساد، في وجه حزب الله وحلفائه.
ويرى مراقبون أن الأهداف المشتركة لكل من خصوم حزب الله تؤهلهم لتشكيل كتلة برلمانية وازنة، حتى وإن كانت هناك خلافات بشأن عدد من المسائل.