حزب "العمل والإنجاز": بديل عن النهضة أم واجهة من واجهاتها

هل يتحول حزب "العمل والإنجاز" إلى مأوى بديل لعناصر النهضة في حال تمّ حل الحركة بواسطة القضاء.
الأحد 2024/02/25
القطيعة مع الغنوشي أكثر منها مع النهضة

تونس- عقد حزب “العمل والإنجاز” المنشق عن حركة النهضة الإسلامية، السبت، مؤتمره الأول، بينما قال أمين عام الحزب عبداللطيف المكي إن “المؤتمر يأتي في ظرف سياسي دقيق تمر به البلاد لتأكيد الدور الهام للأحزاب في الحياة السياسية”.

ويطرح تشكل الحزب وعقد مؤتمره تساؤلات حول دوره في المستقبل وعلاقته بحركة النهضة التي تعيش ظروفا صعبة بعد اعتقال رئيسها راشد الغنوشي وعدد من قياداتها في قضايا مختلفة.

ولا يعرف إن كان الحزب سينأى بنفسه عن النهضة ويحدث معها قطيعة تنظيمية وسياسية على اعتبار أن الانشقاق عنها كان بسبب خلافات جوهرية منها ما يتعلق بطريقة القيادة ومعارضة سيطرة راشد الغنوشي على رئاسة الحركة لسنوات طويلة واحتكار القرار وتهميش المؤسسات، وبعضها الآخر يتعلق باتهام الحركة بتهميش البعد الاجتماعي لحساب العمل السياسي وخيار التصعيد مع السلطة وكأنه هدف في حد ذاته.

◙ أعمال المؤتمر الأول للحزب افتتحت بتونس العاصمة، تحت شعار "الثبات والبناء" بحضور رؤساء أحزاب ومنظمات وطنية وممثلي المجتمع المدني، بمشاركة عبر الفيديو من خالد مشعل

لكنّ مقربين من الحزب الجديد يقولون إن القطيعة مع الغنوشي أكثر منها مع النهضة، وإن الحزب يفتح أبواب العضوية لكل المنسحبين من النهضة، وإنهم لا يشترطون في الانتماء موقفا واضحا من النهضة وسياساتها وأخطاء قياداتها، ما يجعل “العمل والإنجاز” أقرب إلى مأوى بديل لعناصر النهضة في حال تمّ حل الحزب بواسطة القضاء، أو في حال مواجهة مع السلطة شبيهة بمواجهة 1991 ليكون الحزب واجهة لقيادات النهضة وأنصارها للتحرك من خلالها.

وعدا تصريحات عامة للأمين العام للحزب الجديد، فإن “العمل والإنجاز” لم ينشر أدبيات تكشف عن مواقفه، وخاصة تضع حدودا بينه وبين النهضة وتفسر أسباب الانشقاق.

وقال المحلل السياسي التونسي منذر ثابت إن “المراجعة الفكرية والنقد الذاتي من أركان العمل السياسي، لكن ما نخشاه هو أن ننزلق في إحدى أمرين، أوّلهما الحكم على النوايا، وثانيا هو الانسياق وراء السيناريوهات التمويهية”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “الأساس هو موقف هذا الحزب من تجربة الإخوان، والفيصل في هذا هو الموقف من تجربة الإسلام السياسي والربيع العربي وفكرة الدولة الإسلامية”.

وتم إعلان تأسيس حزب “العمل والإنجاز” في 28 يونيو 2022، من قبل عدة شخصيات منشقة عن حركة النهضة.

ومن بين هذه الشخصيات قيادات سابقة في النهضة مثل وزير الفلاحة الأسبق محمد بن سالم، ووزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية الأسبق سمير ديلو.

وافتتحت أعمال المؤتمر الأول للحزب بتونس العاصمة، تحت شعار “الثبات والبناء” بحضور رؤساء أحزاب ومنظمات وطنية وممثلي المجتمع المدني، بمشاركة عبر الفيديو من خالد مشعل، رئيس حركة حماس في الخارج.

وفي كلمته، اعتبر المكي أن عقد المؤتمر في هذا التوقيت “يأتي التزاما بمقررات المؤتمر التأسيسي للحزب، الذي أقر أن يتم عقد المؤتمر الأول في غضون 8 أشهر من حصوله على الموافقة، وصدور ذلك بالجريدة الرسمية”.

منذر ثابت: الفيصل في هوية الحزب موقفه من الإسلام السياسي
منذر ثابت: الفيصل في هوية الحزب موقفه من الإسلام السياسي

وحول إمكانية مشاركة حزبه في الانتخابات الرئاسية (من المنتظر أن تنظم في خريف 2024)، قال المكي، إن حزبه “مازال يدرس هذه المسألة”.

وأوضح أن “هناك بدايات مبشرة لحوار جدي داخل مختلف المكونات السياسية بينها جبهة الخلاص الوطني (معارضة) لإيجاد أرضية تمكن من تقديم مرشح توافقي للانتخابات الرئاسية المقبلة”.

وفي 12 فبراير الجاري، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستتم في موعدها (خريف 2024)، مشيرا إلى أن المعارضة التي قاطعت الاستحقاقات السابقة “تُعد العُدة لهذا الموعد”.

ودعا المكي، إلى “ضرورة توفر شروط المنافسة الحرة والنزيهة على السلطة وخروج كل المساجين السياسيين والإعلاميين الموقوفين”
وقال المكي في تصريحات سابقة إن “حزب العمل والإنجاز هو حزب محافظ ديمقراطي اجتماعي ووطني ونعني بكلمة محافظ المحافظة على مكتسبات الأجيال التي سبقتنا بما يخلق فكرا تراكميا ضد فكر القطيع الذي يسود اليوم والمحافظة على القيم التي تبني هوية المجتمع”.

وتابع المكي “لسنا ضد الأيديولوجيا لكننا ضد استعمالها للتعسف على الشعب (..) يجب إبعاد السياسة عن الصراعات الأيديولوجية والصراع حول قضايا تاريخية (..) يجب أن نسير نحو منطق الإنجاز والعمل وهذا الاسم ليس بالبسيط (..) إنه يعكس فلسفة (..) ومن أخلاقيات حزبنا أنه سيمنع نفسه من الخوض في صراعات أيديولوجية ولن نخوض إلا في برامج من أجل الإنجاز والتنمية”.

وشدد المكي على أن “العدالة الاجتماعية ليست عدالة في الفقر وإنما عدالة اجتماعية للرفاه، والرفاه يقتضي خلق الثروة وكل المؤشرات تدل على تدني مستوى خلق الثروة”، مفسرا “المشكلة ليست في ارتفاع كتلة الأجور أو في قيمة التعويض بل في انخفاض إنتاج الثروة”.

وخلال مشاركته في المؤتمر قال خالد مشعل إن موقف تونس الداعم للقضية الفلسطينية “مشرف للغاية”.

وأوضح أن “وقف العدوان على قطاع غزة يحتاج إلى مسارات عدة أهمها ضرورة العودة إلى الشارع كرسالة تضامن وضغط وغضب على الولايات المتحدة والدول الغربية المساندة لإسرائيل”.

وتابع القيادي في حماس “نحتاج إلى دعم مالي وإغاثي بكل الوسائل كي يصل إلى أهل غزة وللمقاومة وللأطفال الطعام والدواء والإيواء”.

1