حزب العمال الكردستاني يرسخ نفوذه رغم مساعي تطويقه

محلل أميركي: معاقبة حزب العمال الكردستاني من قبل واشنطن وأنقرة "لن تنجح في نزع الشرعية عنه".
الأحد 2021/02/07
قوة الأمر الواقع

واشنطن - نجح حزب العمال الكردستاني، الذي تحاربه تركيا منذ أكثر من أربعين عاما، في تثبيت نفوذه السياسي والعسكري في مناطق انتشاره في شمال العراق، على الرغم من محاولات عديدة لمحاربته وتصنيفه منظمة إرهابية.

ووقعت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان اتفاقية أمنية مشتركة في التاسع من أكتوبر الماضي، تهدف بالأساس إلى "استعادة الاستقرار وتطبيع الوضع في سنجار"، وهي منطقة جبلية متنازع عليها في شمال غربي العراق، وتسكنها بشكل كبير الأقلية الإيزيدية.

وشكل دعم الولايات المتحدة والأمم المتحدة للاتفاقية الأمنية بين بغداد وأربيل وسيلة لهما لقطع الطريق أمام حزب العمال الكردستاني، الذي صنفته إدارة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون منظمة إرهابية عام 1997، على خلفية بيع أسلحة لتركيا.

ويقول مراقبون إن الإقصاء الدبلوماسي والتصنيف الإرهابي للحزب، الذي أسسه عبدالله أوجلان عام 1978، لم ينزعا عن الحزب "شرعيته" ونجح في ترسيخ أقدامه في مناطق انتشاره السياسي والعسكري.

وقال مايكل روبين، الباحث المقيم في معهد أميركان إنتربرايز، "إن الحاجة الملحة إلى إبرام الاتفاق بين بغداد وأربيل والدعم الأميركي والأممي لهذا الاتفاق "لم تكن لهما علاقة كبيرة بوضع سنجار كأرض متنازع عليها بين الحكومتين، بقدر ما كانت لهما علاقة بالرغبة في سد الطريق أمام حزب العمال الكردستاني".

وأضاف روبين، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأميركية، أن "الولايات المتحدة تسلك نفس طريق تركيا التي تعتبر حزب العمال جماعة إرهابية، وتسعى على نحو متزايد إلى نزع الشرعية عن شبكة متنامية من السياسيين والمنظمات السياسية الكردية، بسبب صلات مفترضة بالحزب".

وأوضح أنه رغم "أن دولا عديدة من بينها بلجيكا أعادت النظر في الأدلة التي تربط حزب العمال الكردستاني بالإرهاب، يستمر القصور في السياسات والعداء من اللوبي التركي الضارب بجذوره في وزارة الخارجية الأميركية، في منع أي إعادة نظر من جانب الولايات المتحدة في تلك الأدلة، رغم الشراكة الأميركية مع وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، والتي تعتبرها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور".

واعتبر الباحث الأميركي أن معاقبة حزب العمال الكردستاني من قبل واشنطن وأنقرة "لن تنجح في نزع الشرعية عنه، خاصة أنه رسخ أقدامه في المنطقة، وأن معظم الإيزيديين يعتقدون أن الحزب الديمقراطي الكردستاني" الذي يتزعمه مسعود بارزاني قد خانهم في المنطقة وأخضعهم لتنظيم الدولة الإسلامية.

وتوجه انتقادات واتهامات واسعة النطاق ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه بارزاني. ووصل الأمر مؤخرا إلى اتهامات مباشرة بالفساد لعائلة بارزاني.

ويرى روبين أن هناك "عوامل بدأت تفقد الحزب الديمقراطي الكردستاني شرعيته حتى في معاقله التقليدية، في ظل تفشي الفساد داخل أسرة بارزاني الحاكمة، وفتحت المجال أمام حزب العمال الكردستاني الذي استطاع أن يبرز في إطار معاكس ويحافظ على صورة نظيفة".

وقال إن الحزب الديمقراطي الكردستاني يواصل فقد الشرعية الشعبية، نظرا لعدم وجود أحزاب معارضة حيوية لا تعاني من نفس علة الديناميكيات العائلية، بينما يستمر حزب العمال الكردستاني في النمو من حيث القوة والشعبية في سوريا والعراق، رغم حملات تركيا التي تقوم بتلقين مواطنيها بأن حزب العمال الكردستاني إرهابي، إلا أنه بالنسبة لمعظم الأكراد، فإن الحزب يعد البديل الوحيد الملائم للتخلص من نظام سياسي يتغلغل فيه الفساد.

ويرى روبين أنه يتعين على واشنطن اعتماد سياسة أكثر ذكاء وواقعية، بربط صلات مع حزب العمال الكردستاني والتعامل معه باعتباره قوة يفرضها الأمر الواقع، بهدف تحسين قدراتها ونهجها الديمقراطي.

وقال "ببساطة لن تنجح سياسة إقصاء واستبعاد حزب العمال الكردستاني وتصنيفه كحركة إرهابية"، داعيا في الوقت ذاته إلى "أن تتوقف الولايات المتحدة عن صياغة سياساتها بشأن الأكراد من منظور تركيا أو أسرة حاكمة تتزايد عدم شرعيتها في أعين ناخبيها، وبدلا من ذلك يتعين عليها أن تتعاون مع الحركات التي أسست شرعية شعبية حقيقية".