حرية العبادة مضمونة: خطاب جزائري ناعم في مخاطبة الغرب

الجزائر – أكد وزير الشؤون الدينية الجزائري يوسف بلمهدي الثلاثاء أن حرية العبادة “مضمونة” في الجزائر. جاء هذا التصريح في ندوة حضرها سفراء ودبلوماسيون أجانب، ما يظهر أن الهدف منه هو توجيه خطاب ناعم إلى الغرب للإيحاء بأن صورة الجزائر ليست كما يرسمها الإعلام الخارجي دولة تتسم بالعدوانية ومتحفزة للصراعات.
ويشعر المسؤولون الجزائريون بأن صراعاتهم السياسية الخارجية قد أثرت على صورة البلاد، لتبدو كما لو أنها في عداء مع الجميع، إقليميا ودوليا، ما جلب إليها الكثير من الأزمات وقاد إلى عزلتها.
ويقلل مراقبون من أهمية التصريحات ومن قدرة الندوة على تغيير صورة الجزائر، لاسيما أن الوزير نفسه عاد إلى ترديد ما يكرره الخطاب السياسي الرسمي من حديث عن الاستعمار ومعارك الذاكرة وإثارة الخلافات حول التاريخ، وهو ما يغذي الكراهية بدلا من السعي إلى تجاوزها، وتضخيم الذات بدلا من البحث عن المشترك الإنساني.
بلمهدي، الذي مدح الحريات الدينية في الجزائر، تجنب الإشارة إلى الحريات الدينية التي يتمتع بها الجزائريون المسلمون في بلاد المهجر
وذكر الوزير أن الشعب الجزائري “يعرف جيدا معنى الاستعمار والاحتلال الذي يذكره بالإبادة وانتهاكات حقوق الإنسان، الحرق والتدمير والقهر،” مضيفا أنه “بفضل الثورة التحريرية المجيدة اعتمدت هيئة الأمم المتحدة قرار حق تقرير المصير لفائدة الشعوب المستعمرة.”
وما يثير الاستغراب أن بلمهدي، الذي بالغ في مدح الحريات الدينية في الجزائر، تجنب الإشارة إلى الحريات الدينية التي يتمتع بها الجزائريون المسلمون في بلاد المهجر، وخصوصا في أوروبا، وهذا بدوره يثير التساؤل عن الحاجة إلى ندوة تتبناها الدولة للحديث عن حرية التعبير وحرية المعتقد، فيما يفترض أن ذلك من الأساسيات الدستورية في الجزائر.
وقال بلمهدي في كلمة ألقاها خلال إشرافه على افتتاح أشغال ندوة حول “الحرية الدينية، الحماية والضمانات” تحت شعار “حماية حقوق الإنسان والتحديات المشتركة”، والتي شهدت حضور سفراء دول وممثلي الهيئات الدبلوماسية المعتمدة بالجزائر، إن “بلادنا احتضنت مختلف الديانات والثقافات” وتجسيدا لذلك فإن “الجزائر تعتبر ممارسة حرية العبادة في أماكنها المخصصة مظهرا من مظاهر الممارسة الدستورية للحقوق والحريات الأساسية التي يكفلها الدستور لكل مقيم على أرض الجزائر.”
وصنفت الولايات المتحدة مطلع العام الحالي خمس دول، من بينها الجزائر، في قائمة الدول التي تتوجب مراقبتها بسبب “ارتكاب أو السماح بانتهاك حرية العبادة،” في ظل مخاوف من الانتهاكات التي يمكن أن تقع بحق مقابر غير المسلمين أو دور العبادة بعد قرار السلطات تجميع مقابر المسيحيين في مقبرة واحدة، وما أثارته الخطوة من ردود فعل غاضبة بسبب عدم مراعاة حرمة الموتى.
كما أن الجزائر لا تتصدى بما فيه الكفاية لفتاوى التكفير التي تصدر في حق من يختلفون مع الدين الرسمي للدولة، وهو ما تعكسه الصراعات الدينية والمذهبية بين التيارات والفرق الإسلامية التي يحتمي بعضها بالسلطة.
وينص الدستور الجزائري على أن “الإسلام دين الدولة”، لكن الدستور يضمن حرية العبادة شرط الحصول على ترخيص من السلطات لفتح مكان للعبادة.
وشارك في الندوة رئيس أساقفة الجزائر جون بول فيسكو الذي رقاه البابا إلى مركز كاردينال، وسفيرة الولايات المتحدة إليزابيث مور أوبن.
واعتبر الكاردينال جون بول فيسكو، الفرنسي الذي يحمل الجنسية الجزائرية منذ فبراير 2023، أن “من الجيد الاجتماع من أجل التفكير معا في هذا الموضوع هنا في الجزائر،” مشيرا إلى أن “الحرية الدينية تندرج ضمن حقوق الإنسان.”
من جهته اعتبر يحي صاري، عضو اللجنة الوزارية للفتوى، “أن الإسلام أمرنا باحترام الآخر، وعدم المساس بالمقدسات ونهانا عن سب الآخرين وشتمهم، والاعتداء عليهم.”
اقرأ أيضا:
• الحكومة الجزائرية تقدم تنازلات جزئية لاحتواء احتجاجات طلبة الطب