حركة طالبان تكتب نهاية الإعلام في أفغانستان

أكثر من 250 صحيفة ومحطة إذاعية وتلفزيونية في أفغانستان أغلقت في المئة يوم الأولى من حكم حركة طالبان.
الثلاثاء 2021/11/30
قصة نجاح لم يكتب لها الاستمرار

كابول – “من الآن؛ لا مسلسلات رومانسية، ولا صحافيات على الهواء، ولا إعلام دون رقابة”، هكذا قررت حركة طالبان التي وصلت إلى الحكم قبل أشهر من الآن، بعد صراع مسلح على السلطة دام لسنوات.

وقبل سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، كان قطاع الإعلام في البلاد مزدهرا ويشهد رواجا ونجاحا، حيث كان يُنظر إليه على أنه إحدى قصص النجاح القليلة خلال العقدين الماضيين، ومع وصول القادة الجدد للبلاد، بدأ القطاع يتهاوى، وفق تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية.

وبأمر من حركة طالبان، ألغيت البرامج التي كانت تستضيف النساء ومُنعت الصحافيات من العمل، كما طالبت الحركة بإطلاعها على محتوى كل شيء قبل إذاعته أو نشره.

وبسبب هذه الإجراءات، ليس مستغربا إذا فشل المستمعون الذين اعتادوا على الاستماع إلى راديو “سانغا”، وهي واحدة من أكثر المحطات شعبية في جنوب أفغانستان، في الوصول إليها؛ لأنها، ربما، قد تتوقف عن العمل.

وقال مالك آغا شير مونار مالك إذاعة راديو سانغا إنه فقد ما يقرب من 80 في المئة من مستمعيه البالغ عددهم 1.5 مليون مستمع، وسرح ثلث صحافييه، بمن فيهم الصحافيات.

وكشف مونار، الذي أعلن انتهاء شغفه بالصحافة، أن طالبان طلبت من إدارة المحطة إطلاعها على كل التقارير قبل إذاعتها.

وقال “لقد طلبت منا طالبان مشاركة أي شيء قبل بثه، لذلك نكرر الآن الأخبار التي تم نشرها في المحطات الرسمية. سمعت مؤخرا عن حادثة وقعت في المدينة، ولم أكن مهتما حتى بإرسال أي شخص للتحقق من ذلك “.

وفي أول 100 يوم من حكم طالبان أغلقت أكثر من 250 صحيفة ومحطة إذاعية وتلفزيونية، وفقد حوالي 70 في المئة من الوظائف في القطاع، وفقا لهيئة مراقبة الصحافة الأفغانية.

وهذا يعني أن الأخبار الواردة من أفغانستان ستكون أقل بكثير، فقط عندما تكون البلاد على شفا أزمة إنسانية كارثية.

وقال حبيب الله المصور الصحافي في مدينة مزار الشريف الشمالية، والذي يخطط لأن يباشر في العمل كسائق أجرة بسبب ما وصفه بـ”نهاية وسائل الإعلام”، “عندما أقابل أصدقاء يقولون انتهى الإعلام. إما أن نغادر البلد، أو علينا الحصول على وظيفة أخرى”.

من الآن لا مسلسلات رومانسية، ولا صحافيات على الهواء، ولا إعلام دون رقابة
من الآن لا مسلسلات رومانسية، ولا صحافيات على الهواء، ولا إعلام دون رقابة

وأضاف حبيب الله في حواره مع صحيفة “الغارديان” أن المشكلة الأكبر هي قوانين طالبان التي تجعل العمل كمصور صحافي إخباري أمرا أقرب للمستحيل، إذ في حال وقوع حادث ما، “بدل الذهاب إلى المكان مباشرة، عليك الحصول أولا على موافقة طالبان، وهو ما قد يستغرق من أربع إلى خمس ساعات”.

واستهدفت حركة طالبان المراسلين على مدى سنوات بالاغتيال والاختطاف، لكن المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد وعد بأنه “لن يتم تنفيذ أي تهديد أو انتقام ضد الصحافيين” في ظل حكم طالبان.

ومنحت طالبان حرية أكبر للمراسلين الأجانب في البلاد، لكن جعلت العمل الصحافي أكثر تعقيدا وخطورة لوسائل الإعلام المحلية.

وتطال رقابة طالبان حتى ما ينشره الصحافيون على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويخشى الأفغان الاستماع إلى الموسيقى في سياراتهم خوفا من مسلحي الحركة عند نقاط التفتيش، لذلك توقفت أغلب المحطات عن بث الأغاني.

وكانت للصحافيات الحصة الأكبر من الضرر في ظل طالبان، وكانت زهرة جويا رئيسة تحرير موقع “روشانا ميديا”، وهو موقع إخباري للنساء، قد اختارت ترك البلاد بعد سقوط كابل، وكشفت أن فريق الموقع النسائي لا يزال يعمل من داخل أفغانستان ولكن بهويات مخفية.

وأضافت “أنا لست متفائلة للغاية بشأن مستقبل الصحافيات في أفغانستان. إذا بقيت طالبان في السلطة لفترة طويلة، أعتقد أننا سنفقد الصحافيات، لأنه لن يُسمح لهن بالعمل”.

وكانت حركة طالبان التي اتبعت خلال حكمها السابق من العام 1996 حتى 2001 نهجا متشددا وقمعيا، أكدت بعد عودتها للحكم أنها ستحترم حقوق المرأة “بموجب الشريعة الإسلامية”، لكنها مازالت بعد نحو شهرين تمنع النساء إلى حد كبير من العمل.

وفي كابل في نهاية يوليو الماضي (قبل دخول طالبان لكابل) عملت أكثر من 700 امرأة كصحافيات. وبعد شهر من ذلك، كان هناك بضع عشرات منهن فقط لا يزلن يكتبن أو يبثن، وفقا لتقرير صادر عن مجموعة حرية الصحافة “مراسلون بلا حدود”، ومركز حماية الصحافيات الأفغانيات (CPAWJ).

ووضعت الحكومة مؤخرا مبادئ توجيهية جديدة قاسية منعت أي مسلسل درامي مع ممثلات، ومنعت المراسلات والصحافيات من العمل على الهواء ما لم يلتزمن بمعايير طالبان غير المحددة بشأن “الحجاب”، أو التستر. إذ يرى كثيرون أن مثل هذه الأحكام هي خطوة نحو إخراج النساء من قطاع الإعلام بالكامل.

16