حركة النهضة تسعى لعزل قيس سعيد من الحوار الوطني

سامي الطاهري: الحوار الوطني "بمن حضر" تآمر ويخفي نيّة غير بريئة.
الخميس 2021/05/13
تآمر النهضة على قيس سعيد مستمر

تونس - انتقد الاتحاد العام التونسي للشغل الأربعاء محاولة حركة النهضة الإسلامية عزل الرئيس التونسي قيس سعيد، من الحوار الوطني بحجة تعطيله تفعيل مبادرة الاتحاد.

ووصف سامي الطاهري الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل، المركزية النقابية ذات النفوذ الواسع في البلاد، في تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك الحوار الوطني دون رئاسة الجمهورية بـ"الفتنة".

واعتبر الطاهري في نفس التدوينة أن الحوار الوطني "بمن حضر تآمر ويخفي نيّة غير بريئة".

وتأتي تدوينة الطاهري كرد على دعوة القيادي في حركة النهضة الإسلامية عبداللطيف المكي في تصريح لإذاعة "موزاييك" المحلية اتحاد الشغل إلى تفعيل الحوار الوطني بمن حضر.

وقال المكي "لابد أن يكون هناك حوار ويجب أن يشارك فيه الجميع ولو تمسكت جهة بعدم المشاركة يتم بمن حضر والمسك بالملفات الأساسية".

وأضاف المكي "أصبحنا اليوم نتراشق عبر الإعلام وجلوس رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة مع بعضهم أصبح أمنية بالنسبة للجميع".

ويرى متابعون أن النهضة ترفض أن يكون لسعيد اليد العليا في هذا الحوار، لذلك تكررت تصريحات قياداتها بأن المكان الطبيعي للحوار هو في البرلمان تمهيدا لقيادة راشد الغنوشي المبادرة، في خطوة تستهدف مساعي إقصائها أو إضعاف نفوذها في المشهد.

ويريد الاتحاد، من خلال حرصه على إشراف الرئيس سعيد على الحوار الوطني كونه الشخصية الجامعة ورئيس جميع التونسيين حسب الدستور، لقطع الطريق أمام بعض الأحزاب الراديكالية، على رأسها حركة النهضة وحليفيها (ائتلاف الكرامة وحزب قلب تونس)، والتي تخوض صراعا حول الصلاحيات مع قرطاج وتحاول تحجيم نفوذ الرئيس، فيما يزداد المشهد تعقيدا في ظل معارك ومشاحنات النواب المستمرة.

وكان الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي أكد في 26 مارس الماضي، أن الرئيس سعيد لم يتخل عن مبادرة الاتحاد، "خلافا لما راج في الآونة الأخيرة"، مبرزا أن "مبادرة الاتحاد هي ذاتها مبادرة الرئيس سعيد للحوار مع تحسين بعض النقاط فيها وتشريك الشباب".

ويعول كثيرون على مبادرة اتحاد الشغل كحل أخير للتهدئة والوساطة بين الفرقاء السياسيين في ظل احتدام الخلاف بين الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة، رئاسة البرلمان).

وتشهد تونس أزمة سياسية غير مسبوقة  بسبب رفض الرئيس سعيد تعديل وزاري أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي استهدف فيه إقالة وزراء محسوبين على الرئيس، وهو ما عمّق هوة الخلاف بين رئاسة الجمهورية من جهة ورئيسي الحكومة والبرلمان من جهة أخرى.

وسبق أن أعلن الأمين العام لاتحاد الشغل في ديسمبر الماضي، عن مبادرة لإطلاق حوار سياسي واجتماعي واقتصادي شامل، قدمها لرئيس الجمهورية، من أهم بنودها إرساء “هيئة حكماء” تقودها شخصيات وطنية مستقلّة للخروج من الأزمة.

ولزم بعدها الرئيس سعيد الصمت لأشهر، ليعبر بعد ذلك عن قبوله “المشروط” لرعاية مبادرة اتحاد الشغل باستقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي المسنود بحزام قوي تقوده حركة النهضة الإسلامية، وفقا لما أورده الطبوبي في وقت سابق.

ويؤكد المتابعون أن نجاح الحوار يبقى رهين إرادة سياسية لإحداث التغيير المنشود، خاصة في ظل الإخفاقات على المستوى الاقتصادي والسياسي، حيث وصلت الأمور إلى الانسداد منذ فترة ما أعاد إلى الواجهة المطالبات بإعادة النظر في نظام الحكم.

ورغم تعدد المبادرات لإطلاق الحوار، تراهن الأوساط السياسية على مبادرة الاتحاد لدوره الوازن في المشهد التونسي، وسبق أن نجح في لعب دور الوسيط، وساهم في تقريب وجهات النظر بين الأحزاب وتخفيف حالة الاحتقان في أزمات سابقة.

ويعتقد متابعون أن كافة الأطراف السياسية ستكون مرغمة على إتباع المسار الذي يختار اتحاد الشغل والرئاسة انتهاجه، خاصة وأنه سبق للاتحاد أن لعب أدوارا بارزة في سياق تهدئة اجتماعية أو الحوار الوطني الذي رعاه عام 2013، ما يجعله مؤهلا أكثر من غيره للتوسط ورعاية حوار جديد يخفف من حدة التوترات بين مكونات المشهد السياسي.

وكان اتحاد الشغل لعب دورا محوريا بمعية عدد آخر من المنظمات الوطنية، في الحوار الوطني لعام 2013، والذي جنب البلاد صراعا حادا بين الفرقاء السياسيين عبر وضع حكومة مستقلة وهي حكومة مهدي جمعة التي مهدت لإجراء انتخابات 2014.