حركة النهضة تحذر قيس سعيّد من العودة إلى الحكم الفردي

النهضة تواصل التجييش ضد الرئيس التونسي وتتهمه بتعطيل الدولة وتهديد الديمقراطية.
الاثنين 2021/04/26
خطاب تصعيدي ضد قيس سعيّد

تونس - حمل بيان مجلس شورى حركة النهضة الإسلامية قطيعة مع الرئيس التونسي قيس سعيّد، بعد خطاب التصعيد ضده، بتحذيره من العودة إلى الحكم الفردي وتعطيله التعديل الحكومي وتحميله مسؤولية الفشل في التعاطي مع وباء كورونا وعدم تأمين التلاقيح والأزمة الاقتصادية.

وجاء بيان مجلس شورى النهضة الذي انعقد السبت والأحد مشحونا ضد قيس سعيّد بشكل لا يقبل الالتفاف عليه لاحقا، أو اللعب على غموض الكلمات والإشارات.

وقال البيان "نحذر من كل عمل فيه تراجع عن مكتسبات الثورة من حرية وديمقراطية، ويعتبر أن أيّ عودة إلى الحكم الفردي مرفوض من الشعب التونسي ولن يسمح به".

ويأتي هذا التحذير على خلفية إعلان قيس سعيّد نفسه قائدا للقوات الحاملة للسلاح التي تشمل أيضا قوات الأمن الداخلي، وهو ما اعتبرته النهضة خرقا للدستور وقوانين البلاد وتعديا على النظام السياسي.

وينص الفصل الـ77 من الدستور الصادر في 2014 بأن يتولى رئيس الجمهورية القيادة العليا للقوات المسلحة.

واعتبر أسامة عويدات عضو المكتب السياسي لحركة الشعب أن الرئيس قيس سعيّد قرأ الدستور قراءة حرفية بأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، موضحا أنه لا داعي للضوضاء التي تثيرها بعض الأطراف السياسية التي تدور في فلك حركة النهضة ضد سعيّد.

وقال عويدات "حركة النهضة لا ترغب في أن يكون الرئيس سعيّد هو القائد الأعلى للقوات المسلحة لأنها تريد إخفاء أشياء كثيرة".

وأضاف أن "القوى السياسية في السابق كانت تروج إلى أن الإسلام في خطر، واليوم تنادي بأن الديمقراطية في خطر، وهو شعار أجوف يراد منه إخفاء أشياء والتمكن من مفاصل الدولة والتفرد بوزارة الداخلية، ووضع اليد عليها من خلال مجموعة من التعيينات وجعلها أداة لتنفيذ أجندتها السياسية والحزبية، فقطع الرئيس سعيّد الطريق عليها من خلال خطابه الأخير".

وأظهر بيان الحركة الإسلامية تخليها عن المحاذير في علاقتها بقيس سعيّد، حيث اتهمته مباشرة بـ"تعطيله التعديل الوزاري" وفشله في التعامل مع وباء كورونا ومحاولة تقسيم التونسيين من خلال تأويل الدستور.

وقالت حركة النهضة إن "تعطيل رئيس الدولة للتعديل الوزاري أضر كثيرا بالأداء الحكومي، وعطل مصالح ودواليب الدولة"، داعية إياه إلى "اعتبار الوضع الصحي والاقتصادي على رأس سلم أولويات الدولة وتجنب كل ما من شأنه تقسيم التونسيين أو اعتماد تأويلات فردية للدستور تعطّل مصالح الدولة والمجتمع".

ومنذ وصوله إلى رئاسة تونس يخوض الرئيس سعيّد مواجهة مع حركة النهضة والبرلمان، حيث رفض تعديلا وزاريا أجراه المشيشي بضغط من النهضة استهدف نفوذه في حكومة هشام المشيشي.

ومؤخرا نجح الرئيس سعيّد في التصدي لتركيز محكمة دستورية لم يتردد في القول إنها كانت ستكون لتصفية الحسابات، موجها أصابع الاتهام إلى الحزام السياسي والبرلماني الداعم للحكومة.

وقال سعيّد إن البرلمان تجاوز المهلة الزمنية لتشكيل المحكمة الدستورية وإنه غير مستعد لخرق الدستور مثله، في إشارة إلى أنه قد يرفض الموافقة على المحكمة في حال تشكيلها، في خطوة يتوقع أن تزيد من تعقيد الأزمة السياسية.

ويستغرب محللون ومراقبون تحميل الرئيس سعيّد مسؤولية الفشل في التعامل مع الوضع الوبائي، خاصة وأن مهمة توفير اللقاحات والأوكسجين من مشمولات رئاسة الحكومة التي رفضت دعوات العديد من أعضاء اللجنة العلمية إلى فرض الحجر الصحي الشامل لاحتواء انتشار فايروس كورونا، بحجة أنه غير مجد علميا واقتصاديا.

ويرى مراقبون أن تصعيد حركة النهضة لموقفها وأسلوبها وسقف إدارة المعركة يعود إلى زيارة قيس سعيّد إلى مصر، وما حف بها من تأويلات بشأن انضمامه إلى حلف إقليمي معاد للإسلام السياسي، وأنه سيعمل على مواجهة التطرف بكل راديكالية وشموله "كل أشكال الإرهاب".

وتخشى النهضة من "السيناريو المصري" الذي هربت منه وقدمت لأجله كل التنازلات الممكنة (التخلي عن الحكم في 2013، إسقاط مطالب تتعلق بالشريعة، تحالفات حكومية بأدوار رمزية)، لكن النتيجة تظهر أمامها فجأة وبأكثر حدة، ومن شخصية تتسم بالتحدي والعناد.

ومعركة الصلاحيات هي أساس الأزمة الحالية التي تعيشها تونس، وكل حديث سواه عن اختلاف البدائل والوسائل والتحالفات الداخلية والخارجية، يصب في خدمتها.