حركة المعتمرين تدب مجددا في مكة المكرمة

مكة المكرمة - شرعت السلطات السعودية في الاستئناف التدريجي لمناسك العمرة، وذلك تنفيذا لأسلوب التعايش الحذر مع الظرف الاستثنائي الناتج عن جائحة كورونا جنبا إلى جنب الحفاظ على السير العادي للحياة، وحماية الدورة الاقتصادية والموارد المالية للدولة التي يمثل الحجّ والعمرة أحد روافدها.
وأدى معتمرون يضعون كمامات، الأحد، العمرة في مكة المكرمة ملتزمين بمسارات تحترم تدابير التباعد الاجتماعي وسط احتياطات صحية مكثفة، وذلك بعد حوالي سبعة أشهر من قرار السلطات السعودية تعليق مناسك العمرة بسبب تفشي وباء كورونا.
ودخل الآلاف من المصلين على دفعات المسجد الحرام للطواف حول الكعبة المشرفة.
الحج والعمرة مصدر دخل إضافي للسعودية يقدر بـ12 مليار دولار سنويا ويدعم جهودها لوقف الارتهان للنفط
وتجذب العمرة، التي يمكن أداؤها في أي وقت طوال العام، الملايين من المسلمين من جميع أنحاء العالم كل عام ولكن تم تعليقها في مارس الماضي في إطار إجراءات احترازية غير مسبوقة اتُخذت للحدّ من تفشّي فايروس كورونا.
وفي الثالث والعشرين من سبتمبر الماضي، أعلنت وزارة الداخلية السعودية أنها ستسمح باستئناف العمرة من خلال ثلاث مراحل تبدأ بالسماح بأداء العمرة للمواطنين والمقيمين في داخل المملكة في 4 أكتوبر، وبعده بشهر للمعتمرين والزوار من خارجها.
وفي خطوة أولى، سيؤدي العمرة 6 آلاف معتمر في اليوم.
والأسبوع الماضي، قال وزير الحج والعمرة محمد بنتن لقناة الإخبارية التلفزيونية السعودية “في المرحلة الأولى سيكون أداء العمرة دقيقا وخلال فترة محددة”، مشيرا إلى أن المعتمرين “سيتم تقسيمهم على مجموعات للدخول إلى المسجد الحرام”.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي اتخذت “العديد من الإجراءات الاحترازية”.
وسيتم تعقيم المسجد الحرام عشر مرات يوميا، وتعقيمه قبل دخول كل فوج وبعد خروجه منه. وسيمنع أيضا الوصول إلى الكعبة والحجر الأسود.
وسيتم أيضا “تجهيز أماكن مخصصة للعزل في حال ظهور أعراض كورونا” على أحد المعتمرين. وسيواكب كل مجموعة من 20 أو 25 معتمرا مرافق صحي وسيتم تخصيص فرق طبية للتدخل إن اقتضى الأمر.
وكتبت وزارة الحج والعمرة على تويتر الأحد “في أجواء إيمانية، وبقلوب مطمئنة.. أول فوج من أفواج المعتمرين يبدأ النسك وفق الإجراءات الاحترازية المتّبعة”.
ونشرت الوزارة مقطع فيديو يظهر معتمرين يضعون كمامات ينتظرون دورهم لدخول المسجد الحرام وآخرين يطوفون حول الكعبة تاركين مسافات كبيرة بينهم. وعادة ما يفيض صحن الكعبة بالمعتمرين الآتين من كل بقاع الأرض.
وفي 18 من أكتوبر الجاري سيُرفع عدد المعتمرين من المواطنين والمقيمين داخل المملكة ليصبح نحو 15 ألف معتمر، وسيسمح بدخول 40 ألف مصل إلى الحرم المكي لأداء الصلاة.
وفي الأول من نوفمبر القادم سيسمح للقادمين من الخارج بالدخول، وسيتم رفع الطاقة الاستيعابية لتصبح 20 ألف معتمر في اليوم ويسمح لـ60 ألف شخص بأداء الصلاة في الحرم.
وستقرر وزارة الصحة السعودية الدول التي يمكن القدوم منها بناء على عدم وجود مخاطر صحية تتعلق بفايروس كورونا المستجد.
وكانت وزارة الداخلية السعودية أوضحت أن القرار اتّخذ “استجابة لتطلّع كثير من المسلمين في الداخل والخارج لأداء مناسك العمرة والزيارة”.
وأكدت الوزارة أن المرحلة الرابعة لن تبدأ سوى “عندما تقرّر الجهة المختصّة زوال مخاطر الجائحة” وحينئذ سترفع النسبة إلى 100 في المئة من الطاقة الاستيعابية الطبيعية للحرمين الشريفين.
وعلَّقت المملكة مؤقتا في مطلع مارس الماضي أداء مناسك العمرة في إطار إجراءات احترازية غير مسبوقة اتّخذتها للحدّ من تفشّي الجائحة.
كما شملت الإجراءات الاحترازية غير المسبوقة فريضة الحج التي اقتصر أداؤها هذا العام على حوالي 10 آلاف حاج، جميعهم من داخل المملكة، في حين شهد العام الماضي أداء حوالي 2.5 مليون حاج الفريضة.
وسجّلت السعودية أكثر من 335 ألف إصابة مؤكدة بالفايروس و4850 وفاة.
وتجني السعودية في العادة المليارات من الدولارات سنويا من السياحة الدينية. وغالبا ما يمثّل هذا الحدث تحديا لوجستيا ضخما حيث تكتظ الحشود الضخمة في الأماكن المقدسة الصغيرة نسبيا، ما يجعل الحاضرين عرضة للعدوى.
والسياحة الدينية حيوية بالنسبة لجهود السعودية في وقف الارتهان للنفط وتطوير مصادر دخل بديلة، كونها تساهم في ضخ 12 مليار دولار في الاقتصاد كل عام، وفقا لأرقام حكومية.
وتسعى رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى وقف اعتماد اقتصاد المملكة، أكبر مصدّر للخام في العالم، كليا على النفط. وتأمل الحكومة السعودية استقبال 30 مليون حاج سنويا بحلول عام 2030.