حركة السفر عبر مطارات المغرب تستعيد زخمها

تزايد تفاؤل أوساط قطاع السفر في المغرب بعودة الانتعاش والطلب على الرحلات الجوية بشكل أكبر هذا العام مع تسجيل قفزة في حركة المسافرين عبر مطارات البلاد خلال 2022 رغم التحديات التي لا تزال قائمة بسبب الحرب في أوكرانيا.
الرباط – كشف المكتب الوطني للمطارات، وهو الشركة الحكومية المسؤولة عن إدارة وتشغيل الموانئ الجوية في البلاد، عن نتائج حركة المسافرين للعام الماضي، والتي جاءت مشجعة مما يبث التفاؤل بشأن استعادة زخمها كما كانت قبل جائحة كورونا.
وأظهر الطلب العالمي على قطاع السفر تسارعا في النمو خلال الآونة الماضية مع عودة حركة النقل الجوي بشكل ملحوظ، وذلك عقب تخفيف قيود الإغلاق، ورغم ارتفاع التكاليف بالنسبة إلى الشركات والمستهلكين.
وبحسب بيانات المكتب، التي نشرتها وكالة الأنباء المغربية الرسمية، استقبلت مطارات البلاد في نهاية العام الماضي حوالي 20.5 مليون مسافر، وهو ما يمثل استرجاعا لعدد المسافرين بنسبة 82 في المئة مقارنة بالسنة المرجعية 2019.
وكانت الحركة الجوية بالبلاد قد شهدت في العام الذي سبق تفشي جائحة كورونا حركة 25 مليون مسافر عبر كافة المطارات، وإثر انتشار الجائحة تم إغلاق الحدود وشل حركة السياحة عبر العالم.
وينظر المسؤولون إلى 2023 على أنه عام استرجاع حركة السفر إلى وتيرتها المعتادة كما كانت قبل الجائحة، وربما تجاوز أرقام سنة 2019.
ويضم المغرب 25 مطارا منها 19 مطارا دوليا، تصل طاقتها الإجمالية إلى أربعين مليون مسافر سنويا، وتعمل الحكومة على مشاريع توسعة في عدد من المطارات لمواكبة الطلب المتوقع أن يرتفع خلال العقد المقبل.
وحقق مطار تطوان سانية الرمل الدولي خلال عام 2022 أعلى معدل استرجاع لحركة السفر بنسبة 470 في المئة، مقارنة مع عام 2019، وقياسا ببقية مطارات البلاد.
وأفادت معطيات المكتب بأن عدد المسافرين الذين استعملوا مطار تطوان بلغ أكثر من 187.7 ألف مسافر مقابل قرابة أربعين ألف مسافر في عام 2019.
وبهذا الأداء يوجد مطار تطوان في مقدمة المعابر الجوية محليا من حيث معدل الاسترجاع، متبوعا بمطار وجدة بواقع 122 في المئة ومطار الناظور بنحو 108 في المئة، ثم مطار طنجة بحوالي 106 في المئة.
أما أكبر مطارات البلاد، محمد الخامس الواقع في الدار البيضاء، فقد استقبل 7.6 مليون مسافر خلال العام الماضي، مقابل 10.3 مليون مسافر عام 2019، ما يمثل نسبة استرجاع تقدر بـ74 في المئة.
ومثّلت الحركة الجوية الدولية حصة الأسد بواقع 90 في المئة من إجمالي عدد المسافرين عبر مطارات البلاد من خلال نحو 18.4 مليون مسافر، بنسبة استرجاع بلغت 84 في المئة مقارنة بما قبل كورونا.
وتأتي أوروبا في صدارة الوجهات الدولية بواقع 15.2 مليون مسافر، تليها وجهة منطقة الشرق الأوسط وآسيا بنحو 1.2 مليون مسافر، ثم أفريقيا في المرتبة الثالثة بمليون مسافر.
كما سجلت حركة الشحن الجوي هي الأخرى انتعاشا خلال العام الماضي عبر نقل نحو 70 ألف طن من البضائع، مقابل حوالي 96 ألف طن عام 2019، بنسبة استرجاع بلغت 73 في المئة قياسا بمستويات العام الذي سبق ظهور فايروس كورونا.
20.5
مليون مسافر استقبلتهم مطارات البلاد في 2022، ما يمثل 82 في المئة من مستوى 2019
وقررت السلطات في الصيف الماضي استئناف رحلات الطيران، وذلك بناء على المؤشرات الإيجابية للحالة الوبائية في البلاد، خصوصا عقب توسيع حملة التطعيمات في كافة المناطق.
وتعول الرباط على الزوار الأجانب لتحريك عجلات السياحة التي تعرضت إلى انتكاسة خلال عامي الجائحة، مما حدا بالحكومة إلى تقديم حزم تحفيز للفنادق ووكالات الأسفار وباقي المرافق المرتبطة بالقطاع لحثها على النهوض مجددا.
وسبق أن قالت نادية فتاح العلوي وزيرة السياحة إن الوزارة عن طريق مكتب السياحة وضعت مجموعة من التدابير “لتسريع وتيرة إنعاش السياحة عبر إستراتيجية متكاملة ومتنوعة”.
وتساهم السياحة بنحو 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويلعب القطاع دورا كبيرا في رفد اقتصاد البلاد بالعملة الصعبة.
وتجاوزت إيرادات القطاع 8 مليارات دولار في 2019، عندما استقبلت المملكة حينها 13 مليون سائح، لكنها تقهقرت إلى 3.5 مليار دولار في 2021 قبل أن تعود في نهاية نوفمبر الماضي إلى ثمانية مليارات دولار.
ويطمح المغرب لمضاعفة عدد السياح إلى 26 مليون سائح بحلول نهاية العقد الحالي من خلال تقوية المعروض من سعة النقل الجوي، وتعزيز الطاقة الاستيعابية للفنادق، وملاءمة المُنتج السياحي مع الطلب المحلي والدولي.
ويتوقع العاملون بالقطاع أن تكون السوق المغربية إحدى الوجهات الجاذبة هذا الموسم بعد تحسن نشاط السفر العالمي، خاصة إثر قيام الحكومة بتجديد برامج وخطط لأجل إنعاش السياحة الداخلية.
75
في المئة من الاتفاقيات البالغ عددها 64 اتفاقية عملت المغرب على التفاوض من أجل تجديدها
ولتخفيف آثار الأزمة، التي احتدت جراء تعليق تام للرحلات الجوية بين نهاية 2021 وبداية 2022، خصصت الحكومة دعما بقرابة مئتي مليون دولار، وهو عبارة عن إعانات شهرية للموظفين. لكنه لم يشمل سوى النظاميين منهم.
وخصصت أيضا دعما بمئة مليون دولار لأصحاب الفنادق مع تأجيل سداد القروض البنكية لمدة عام لفائدتهم وشركات النقل السياحي مع الإعفاء من الضريبة المستحقة لعامي 2020 و2021.
وتراهن معظم الفنادق المغربية، التي تعرضت لخسائر، على ذروة موسم صيف هذا العام من أجل استعادة توازنها المالي وبما يبعدها عن خسائر الجائحة.
وتقول وزارة النقل إن لدى الحكومة مخططا لتطوير النقل الجوي هو عبارة عن امتداد لسلسلة من الإصلاحات السابقة تمت منذ سنوات.
وبذل المغرب بين عامي 2004 و2011 جهودا كبيرة لتحرير اتفاقيات النقل الجوي، إذ أجرى مفاوضات متعددة لإحداث أو تجديد أكثر من 75 في المئة من الاتفاقيات البالغ عددها 64 اتفاقية، والتي تربطه حاليا بـ95 بلدا.
وأثمرت الاتفاقيات نتائج ظهرت على مستوى ارتفاع وتيرة تحرير الخدمات وجعلها أكثر انفتاحا، ما كان له تأثير قوي على تطوير حركة النقل الجوي. ومن أهم هذه الاتفاقيات اتفاقية “الأجواء المفتوحة” التي وقعها المغرب مع الاتحاد الأوروبي في منتصف ديسمبر 2006.