حركة التغيير تدشن مسار إنقاذ بعد عثرتها في انتخابات كردستان العراق

الصراعات الحادة داخل حركة التغيير تشكّل مؤشّرا سلبيا بشأن إمكانية نجاح المؤتمر المرتقب في جمع شتاتها وإعادتها إلى سالف مكانتها.
الخميس 2024/10/31
شعارات التغيير لم تعد تغري الجمهور

السليمانية (العراق)- تستعد حركة التغيير للدخول في مسار إنقاذ بعد طي صفحة الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان العراق التي مثلت نتيجتها إنذارا شديدا لها بملامسة جماهيريتها مستوى القاع واقترابها من حافة التفكّك والاندثار، بعد أن كانت قد مثلّت في سنوات سابقة قوّة سياسية صاعدة بسرعة نحو منافسة الحزبين الكبيرين في الإقليم الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتّحاد الوطني.

وأعلنت الحركة المسماة “كوران” باللغة الكردية، الأربعاء، عن استعدادها لعقد مؤتمرها الثالث في مدينة السليمانية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مؤكّدة في بيان أنّه “سيشكل محطة رئيسية نحو التغيير الجذري ومراجعة شاملة للأداء، حيث سيتيح الفرصة لبحث التحديات ومراجعة الآليات التنظيمية، إلى جانب تقييم شفاف يهدف إلى تعزيز التكاتف بين مؤسسات الحركة”.

ولم تستطع حركة التغيير الحصول سوى على مقعد برلماني واحد في انتخابات الإقليم التي أجريت في العشرين من أكتوبر الجاري وذلك في انعكاس للأوضاع بالغة التعقيد التي تمرّ بها بسبب الصراعات الداخلية الحادّة التي تشهدها منذ رحيل مؤسسها السياسي الكردي نوشيروان مصطفى قبل أكثر من سبع سنوات، والتي تسببت في تراجع حاد في مكانتها السياسية بالإقليم وتمثيلها تحت قبّة برلمانه من 24 مقعدا بعد انتخابات سنة 2013 إلى 12 سنة 2018 إلى مقعد وحيد في الانتخابات الأخيرة.

◄ الصراعات قادت إلى شلل قيادي في حركة التغيير التي تعذّر اختيار قيادة لها متوافق عليها من قبل جميع الأطراف المتصارعة

وتأمل الحركة أن تتمكّن من خلال مؤتمرها في وقف مسار الانحدار واستعادة البعض ممّا خسرته من شعبيتها والابتعاد عن سيناريو الانقراض من الساحة السياسية والذي يقول مطلعون على طبيعة الصراعات داخل “كوران” إنّه لن يكون مستبعدا في حال تمادت الأجنحة المتصارعة في التمسك بمواقفها ولم تقدّم بعض التنازلات لخصومها ومنافسيها.

وعلى هذه الخلفية وجهت الحركة دعوة إلى جميع أعضائها والشخصيات المؤثرة فيها والداعمين لها للمشاركة الفعالة في المؤتمر الذي “سيتم خلاله طرح مشاريع وأفكار جديدة تسعى إلى إثراء مسيرة الحركة”، بحسب البيان.

ولم تكن النتيجة الهزيلة التي حققتها حركة التغيير في الانتخابات مفاجأة لقيادتها التي استبقت الاستحقاق بحجز مكان لها في المعارضة بإعلانها الانسحاب من حكومة الإقليم ومن الحكومة المحلية في السليمانية إضافة إلى سحب الموظفين التابعين لها من إدارات عدد من الأقضية والنواحي.

وكان الصعود السريع لحركة التغيير منذ تأسيسها في سنة 2009 قد أوحى بميلاد طرف ثالث قوي في معادلة الحكم في إقليم كردستان العراق التي ظلت لفترة طويلة أسيرة ثنائية حزبي بارزاني – طالباني، حيث تمكنت الحركة من التقدّم إلى مرتبة القوة السياسية الثانية في الإقليم بعد الحزب الديمقراطي وعلى حساب الاتحاد الوطني الذي انشّق عنه زعيمها ومؤسسها، فضلا عن مشاركتها في انتخابات البرلمان العراقي وحصولها على تمثيل جيّد داخله.

وبعد مشاركة حركة التغيير لعدّة سنوات في حكومة الإقليم وإدارة مؤسساته بما في ذلك ترؤسها لبرلمانه رأت قيادات الحركة مؤخرا في سحب أعضائها من مؤسسات الإقليم والركون إلى المعارضة حلا مناسبا لأوضاعها المستجدّة وما يميزها من صراعات حادّة بين أجنحتها لم تقتصر على الإرث السياسي لنوشيروان بل شملت أيضا إرثه المادي حيث كان لاكتشاف قيامه قبل وفاته بتوزيع ممتلكات الحركة التي تمثل ثروة طائلة وتحتوي على عقارات ومعامل وشركات تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار أسوأ الأثر على سمعة الحركة ومصداقيتها لدى جماهيرها.

وقادت الصراعات إلى شلل قيادي في حركة التغيير التي تعذّر اختيار قيادة لها متوافق عليها من قبل جميع الأطراف المتصارعة.

وعقد عدد من أعضاء حركة التغيير في أوائل سبتمبر الماضي اجتماعا طارئا أكدوا خلاله على ضرورة إجراء الانتخابات الداخلية لاختيار الأمانة العامة والمجلس التنفيذي للحركة محذرين من التجاوز على الدستور الداخلي لها في إسناد أيّ منصب أو مهمة خارج الضوابط التي يقرها مجلسها الوطني.

◄ صراعات داخلية حادّة تشهدها الحركة منذ رحيل مؤسسها السياسي الكردي نوشيروان مصطفى قبل أكثر من سبع سنوات

وأصدر المجتمعون بيانا قالوا فيها “استنادا إلى قرارات المؤتمر الوطني الثاني ودستور حركة التغيير الداخلي، يتوجّب إتمام الانتخابات الداخلية في أسرع وقت، على أن تجرى الانتخابات الخاصة باختيار الأمانة العامة والمجلس التنفيذي ومنسق الحركة كحزمة واحدة، وأيّ شخص يتم تعيينه أو تكليفه بمهام دون احترام الدستور سيتم رفضه من قبل المجلس الوطني”.

وأواخر الشهر ذاته استخدمت قيادات في حركة التغيير العناصر المسلحة التابعة لها لمنع إقامة مراسم كان من المقرر عقدها لتعيين دانا أحمد مجيد كمنسق جديد لحركة التغيير. وقام جيا ابن نوشيروان مصطفى بتوجيه قواته إلى مقر الحركة وأغلق مدخله الرئيسي باستخدام حواجز خرسانية، قائلا إن مقر الحركة الذي يضم أيضا قبر مؤسسها ليس ملكا لمنظمي المؤتمر وأنّ عليهم إقامة مراسم تسليم المسؤوليات في مكان آخر.

ويشكّل بلوغ الصراعات داخل حركة التغيير هذا المستوى مؤشّرا سلبيا بشأن إمكانية نجاح المؤتمر المرتقب في جمع شتات الحركة وإعادتها إلى سالف مكانتها بعد أن فقدت مصداقيتها وخسرت ثقة الغالبية العظمى من جمهورها.

3