حركات نسوية تونسية تلجأ إلى محاكم صورية للتذكير بجرائم قتل النساء

المحكمة الصورية طالبت بإصدار قانون يجعل من جريمة قتل النساء جريمة لا تسقط بمرور الزمن.
الاثنين 2023/11/27
ضحايا العنف يطالبن بالإنصاف

تونس - تسعى حركات نسوية تونسية للتوعية ولفت الانتباه إلى ارتفاع جرائم قتل النساء التي ينفذها في الغالب رجال مقربون، على رأسهم الزوج؛ لذلك لجأت إلى محاكمات صورية تذكّر بالجرائم المرتكبة وتنبه إلى العقوبات المترتبة على ممارسة العنف ضد النساء بشكل عام.

ونظمت جمعية النساء الديمقراطيات يوميْ السبت والأحد في قصر المؤتمرات بالعاصمة محاكمة صورية هي الثالثة من نوعها في البلاد بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمحاربة العنف ضد النساء.

وأدانت المحاكمة متهمين بارتكاب جرائم عنف مسلط على زوجتيهما. وقررت المحكمة الصورية، في القضية الأولى، ثبوت إدانة المتهم بقتل زوجته وتسليط العقوبة الأقصى لما توصلت إليه دائرة الاتهام من تكييف، ولا ترى أي موجب لإعمال ظروف التخفيف المنصوص عليها بالفصل 53 من المجلة الجزائية.

أما في القضية الثانية المتعلقة بمحاولة الاغتصاب الزوجي والاعتداء بالعنف الشديد الناتج عنه القتل، وتطبيقا لقواعد التوارد المادي على معنى أحكام الفصل 54، قررت المحكمة الصورية تسليط العقوبة الأقصى على المتهم.

 

وطالبت المحكمة الصورية بإصدار قانون يجعل من جريمة قتل النساء جريمة لا تسقط بمرور الزمن، داعية الدولة التونسية إلى المصادقة على اتفاقية إسطنبول في ما يتعلق بالعنف والعنف المنزلي. كما نادت المحكمة بتنقيح مجلة الأحوال الشخصية عبر إلغاء كافة الأحكام التمييزية الواردة فيها تكريسا للمساواة التامة والفعلية بين الجنسين. وأوصت بتفعيل القانون عدد 58 لسنة 2017 في شمولية أحكامه وفلسفته، خاصة في المقاربة الرباعية القائمة على الوقاية والحماية والتعهد والتتبع.

واعتبرت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجربي أن "مثل هذه المحاكم مهمة جدا لكشف واقع العنف ضد النساء الذي يتم إخفاؤه"، وقالت "يوم الأحد وفي مدينة بوحجر من محافظة المنستير (شرق البلاد) تم تعليق ملابس تحمل بطاقات لأسماء نساء متوفيات والمتهم أمامهن وهو الزوج، وكانت المسألة رمزية لزعزعة الرأي العام المجتمعي بخصوص هذه الجرائم".

وصرّحت لـ"العرب" بأن "لدينا ترسانة من القوانين لكن تطبيقها على أرض الواقع بطيء جدا"، مشيرة إلى أن "دراسة قدمناها في مارس الماضي كشفت عن أكثر من 30 امرأة مقتولة ويكون الجاني في أغلب الحالات زوجها، يليه أخوها ثم المشعوذ".

راضية الجربي: لدينا ترسانة من القوانين لكن تطبيقها بطيء جدا
راضية الجربي: لدينا ترسانة من القوانين لكن تطبيقها بطيء جدا

 

وأوضحت راضية الجربي أن "القانون 58 يمكن أن يغير الكثير، ولا بد من أن يطبق في المحاكم، كما يجب أن توضع الإمكانيات المادية لذلك، في ظل محدودية الحلول لحماية النساء المعنّفات وإيوائهن”. كما دعت الجربي إلى “ضرورة تكوين القضاة في مستوى التصورات وتحديد الخطر، فضلا عن اعتبار السلطات ومختلف الوزارات مسألة العنف ضد النساء ملفا حارقا”.

وقالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي إن ظاهرة قتل النساء “تطورت خلال السنوات الأخيرة ليصل عدد الضحايا إلى 27 امرأة دون احتساب الحالات الخفية والموت المستراب وضحايا العمل الزراعي اللواتي يقتلن في شاحنات الموت أو اللواتي يتكبدن في كل لحظة شتى أنواع العنف والتنكيل الذكوري في مختلف الفضاءات”.

وأطلقت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات الأحد رسميا الخارطة التفاعلية لجرائم قتل النساء في تونس تحت اسم “تونس القتيلات”. وتهدف الخارطة التفاعلية التي تم عرضها خلال فعاليات المحكمة الصورية إلى تحديد الأماكن التي فقدت فيها النساء والفتيات حياتهن بعد أعمال العنف المرتكبة ضدهن.

وأفادت نائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان نجاة الزموري بأن “تجربة المحكمة الصورية جُعِلت حتى يتمكن الحاضرون والرأي العام من معرفة مخاطر العنف ضد المرأة والجرائم المرتكبة ضدها، وأنه لا إفلات من العقاب لكل شخص يعنّف المرأة معنويا أو ماديا”.

وقالت لـ”العرب”، “بدأنا بسيناريو المرأة المعنفة وعلى أي قانون سيستند القاضي في الحكم على ذلك، قبل إنفاذ قانون 58، وأكّدنا على أنه لا إفلات من العقاب، كما اعتبرنا أن العنف الزوجي ليس مسألة شخصية، مع رفض التطبيع مع العنف”.

وأضافت الزموري “من الضروري جدا أن يشعر الرأي العام بأنه مهما كانت الضحية لا بدّ أن يحاكم من عنّفها، وأن لا أحد فوق القانون”، لافتة إلى أن “من أبرز الدوافع التي جعلتنا نطرح الملف حجم العنف المتزايد على النساء وتعرضنا للعديد من الحالات، منها صدور حكم قاتل رحمة الشارني (30 سنة) في محافظة الكاف (شمال غرب تونس)”.

وأكدت الناشطة الحقوقية “(أننا) استندنا إلى أرقام وزارة المرأة في ذلك، والتي تؤكّد أن ‘امرأة على 3 نساء تتعرض للعنف تقريبا وبكل أشكاله’، وأنه عندما توجد أزمة مالية أو اقتصادية فإن أول ضحية لذلك تكون المرأة، حيث تضاعف مثلا العنف ضد المرأة في فترة الحجر الصحي وجائحة كورونا 7 مرات”.

 

1