حرص فرنسي على دعم جهود تونس في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد

المدير العام للخزينة الفرنسية وسفير فرنسا بتونس يؤكدان التزام بلادهما بدعم جهود تونس للمضي قدما في مسارها الإصلاحي.
الخميس 2023/01/26
ثاني زيارة لإيمانويل مولان إلى تونس خلال أقل من عام

تونس - حملت زيارة المدير العام للخزينة الفرنسية إيمانويل مولان رسالة دعم إلى تونس، في جهودها للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، بشأن برنامج إنقاذ تأمل من خلاله الحكومة التونسية في تحقيق التعافي الاقتصادي.

وتعاني تونس في العامين الأخيرين من أزمة مالية خانقة، يعزوها خبراء اقتصاد إلى فشل الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الماضية في إدارة الوضعية المالية والاقتصادية للدولة، فضلا عن عملية الإغراق التي تعرضت لها المنظومة العمومية بالموظفين، الأمر الذي تحول إلى مصدر استنزاف خطير لخزينة البلاد.

ويشير الخبراء إلى أن أزمة كورونا، ومن ثم الحرب الروسية في أوكرانيا وما خلقته من تداعيات، ساهمت بشكل كبير في مفاقمة الأزمة في تونس، التي يخشى من استمرارها وهو ما قد يهدد البلاد بالتخلف عن سداد ديونها، في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد.

والتقت رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان الثلاثاء في قصر الحكومة بالقصبة المدير العام للخزينة الفرنسية رفقة سفير فرنسا بتونس أندري باران.

ووفق بيان صادر عن رئاسة الحكومة التونسية فإنه تم خلال اللقاء بحث جملة من الملفات ولاسيما الاقتصادية والمالية.

وأكد المسؤولان الفرنسيان، في هذا الإطار، التزام بلادهما بدعم جهود تونس للمضي قدما في مسارها الإصلاحي الضروري لاستعادة عافيتها الاقتصادية ونسق نموها ورفاهها الاجتماعي.

وهذه ثاني زيارة يقوم بها مولان، الذي يتولى أيضا منصب رئيس نادي باريس، إلى تونس في أقل من عام.

وربط رئيس الائتلاف الوطني التونسي ناجي جلول زيارة مدير الخزينة الفرنسية بالجهود التي تبذلها تونس للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وقال الوزير الأسبق في تصريحات لـ”العرب” “إن السلطات التونسية تستنجد بباريس للعب هذا الدور باعتبارها بلدا وازنا وثالث مصوّت في صندوق النقد الدولي، ولكونها أيضا حليفا إستراتيجيا لتونس”.

وكانت تونس توصلت إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد حول حزمة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار. ويهدف الاتفاق على مستوى الخبراء إلى تقديم حزمة لمدة 48 شهرا عبر ما يسمى “تسهيل الصندوق الممدد” لمساعدة تونس على استعادة استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي والمساواة الضريبية وتنفيذ إصلاحات من شأنها النهوض بالنمو وخلق فرص عمل.

ناجي جلول: زيارة مولان ترتبط بجهود التوصل إلى اتفاق مع الصندوق
ناجي جلول: زيارة مولان ترتبط بجهود التوصل إلى اتفاق مع الصندوق

لكن الصندوق وفي خطوة مفاجئة أجل منح تونس الموافقة النهائية التي كان من المفترض أن تحصل عليها في ديسمبر الماضي، إلى أجل غير محدد، فيما ربطه مراقبون بإصرار الصندوق على الحصول على ضمانات مكتوبة من رئيس الجمهورية التونسي بشأن المضي في الإصلاحات المطلوبة.

ويتحفظ الرئيس قيس سعيد على تقديم مثل هذه الضمانات، في ظل مخاوف لديه من ردود فعل شعبية حيال الإصلاحات، لاسيما مع الضغوط التي يواجهها من الاتحاد العام التونسي للشغل، الرافض لأي اتفاق مع الصندوق.

وقد نفى في وقت سابق مصدر برئاسة الجمهورية، الأنباء المتداولة بشأن توقيع رئيس الجمهورية  وثيقة تتعلّق بالمفاوضات مع الصندوق، وذلك بمناسبة مشاركة الوفد التونسي في الدورة الأخيرة لمنتدى دافوس.

وكان وزير التجارة الأسبق محسن حسن قال في مداخلة على إحدى الإذاعات الخاصّة إن الوفد الحكومي التونسي الذي شارك في منتدى دافوس مؤخّرا “حمل معه ملفا كاملا إلى صندوق النقد الدولي بما فيها رسالة النوايا التي طلب الصندوق إمضاءها من قبل رئيس الجمهورية ومحافظ البنك المركزي”.

ويرى مراقبون أن السلطة السياسية في تونس مترددة في المضي قدما في خيار الاتفاق مع صندوق النقد الذي بات ضرورة، مشيرين إلى أنها ستكون في النهاية مجبرة على اتخاذه، لاسيما مع انعدام أفق الحصول على دعم من أي من القوى الصديقة والحليفة.

حاتم المليكي: فرنسا تسعى لتسهيل حصول تونس على قرض من الصندوق
حاتم المليكي: فرنسا تسعى لتسهيل حصول تونس على قرض من الصندوق

وأفاد الناشط السياسي حاتم المليكي أن “زيارة مولان تأتي في ظل التوجه الفرنسي السابق في تونس، القائم على تقديم دعم فني وتقني، في ظل الصعوبات المالية القائمة في فرنسا”.

وأكّد المليكي في تصريحات لـ”العرب” أن “فرنسا ستلعب دورا في تسهيل حصول تونس على قرض من الصندوق وإتمام الاتفاق، وهناك محاولات لتفادي ذهاب البلاد إلى سيناريوهات مالية أسوأ ومزيد تأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية”.

وكانت باريس أعربت في ديسمبر الماضي عن قلقها من تأجيل فحص ملف تونس من قبل مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، ودعت باريس في هذا السياق إلى استئناف النقاشات بين السلطات التونسية وصندوق النقد الدولي بهدف الوصول إلى اتفاق نهائي.

ويحذر البعض من أن عدم التوصل إلى اتفاق قد ينتهي بالبلاد للجوء إلى نادي باريس.

‏ ونادي باريس هو مجموعة غير رسمية مكونة من مسؤولين ماليين مموّلين من عشرين دولة تعد من أكبر الاقتصادات في العالم.

ويقدم النادي خدمات مالية مثل إعادة جدولة الديون للدول التي تجد صعوبة في سداد ديونها، بدلا من إعلان إفلاسها أو تخفيف عبء الديون بتخفيض الفائدة عليها، وإلغاء الديون بين الدول المثقلة بالديون ودائنيها.

وغالبا ما تتم التوصية بتلك الدول أو تسجيلها في النادي عن طريق صندوق النقد الدولي بعد أن تكون الحلول البديلة لتسديد ديونها قد فشلت.

4