حرب غزة تدمر منظومة الاقتصاد الفلسطيني

رام الله - أظهرت بيانات رسمية الخميس أن منظومة الاقتصاد الفلسطيني تدمرت بشكل كلي مع تسجيل ركود كبير في نمو الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية وقطاع غزة تجاوز توقعات البنك الدولي التي أعلنها الشهر الماضي.
وبحسب تقديرات أولية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، انكمش الاقتصاد بنسبة 35 في المئة على أساس سنوي، خلال الربع الأول من 2024، مع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة شهرها التاسع.
وقال الجهاز في مذكرة إن “المنظومة الاقتصادية لقطاع غزة انهارت بالكامل”، مشيرا إلى أن النمو في القطاع انكمش خلال الربع الأول من 2024 بنسبة 86 في المئة على أساس سنوي، رافق ذلك تراجع في اقتصاد الضفة الغربية بنسبة 25 في المئة.
وسجلت كافة الأنشطة الاقتصادية تراجعا حادا في القيمة المضافة، حيث سجل نشاط التعدين، والصناعة التحويلية والمياه والكهرباء تقهقرا بنسبة 63 في المئة في الأراضي المحتلة.
35
في المئة انكماش النمو في الربع الأول، بينما يتوقع البنك الدولي 9.6 في المئة في 2024
كما انكمش نشاط الإنشاءات بواقع 51 في المئة، ونشاط الزراعة والحراجة وصيد الأسماك بحوالي 33 في المئة، ونشاط تجارة الجملة والتجزئة بنسبة 36 في المئة.
وأشارت البيانات إلى أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة بين يناير ومارس الماضيين بلغت في الضفة الغربية 2.47 مليار دولار أميركي، وفي قطاع غزة 92 مليون دولار.
ووصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين بالأسعار الثابتة إلى 491 دولارا خلال الربع الأول من هذا العام، مسجلا انخفاضا بنسبة 36 في المئة بالمقارنة مع الربع المناظر من 2023.
وفي حين تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الضفة الغربية بنسبة 26 في المئة، انخفض نصيب الفرد في غزة بنسبة 86 في المئة.
وفقد الاقتصاد الفلسطيني نحو نصف مليون وظيفة خلال قرابة ثمانية أشهر، بما في ذلك نحو 200 ألف وظيفة في قطاع غزة، و144 ألف وظيفة في الضفة الغربية، و148 ألفا من العمال المتنقلين عبر الحدود من الضفة الغربية إلى سوق العمل الإسرائيلي.
ورجح خبراء البنك الدولي في تقرير نشر في مايو حدوث انكماش في الاقتصاد الفلسطيني يتراوح بين 6.5 و9.6 في المئة خلال العام الحالي، مع استمرار تداعيات الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر الماضي.
وحذر من أن السلطة الفلسطينية تواجه تفاقم مخاطر حصول “انهيار في المالية العامة” مع “نضوب تدفقات الإيرادات” والانخفاض الكبير في النشاط الاقتصادي على خلفية الحرب في غزة.
وقال البنك في تقرير إن “وضع المالية العامة للسلطة الفلسطينية قد تدهور بشدة في الأشهر الثلاثة الماضية، مما يزيد بشكل كبير من مخاطر انهيار المالية العامة”.
وأضاف “نضبت تدفقات الإيرادات إلى حد كبير بسبب الانخفاض الحاد في تحويلات إيرادات المقاصّة مستحقة الدفع للسلطة الفلسطينية والانخفاض الهائل في النشاط الاقتصادي”.
وفي الأشهر المقبلة يتوقع أن يبلغ العجز لدى السلطة نحو 1.2 مليار دولار ما يضاعف الفجوة التمويلية التي كانت 682 مليون دولار في نهاية العام 2023.
وفي ما يتعلق بمعدل الفقر بين الفلسطينيين، ذكر البنك الدولي أنه بلغ 32.8 في المئة مع حلول منتصف العام الماضي، في ظل وجود تباينات واسعة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث سجل نحو 12 في المئة و64 في المئة على التوالي.
وبالمقارنة مع آخر تحليل أُجري في العام 2017 بشأن أوضاع الفقر، زاد المعدل في الأراضي الفلسطينية 3.7 نقطة مئوية. ويعيش جميع سكان غزة تقريبا في حالة فقر، وفق التقرير.
خبراء البنك الدولي رجحوا في تقرير نشر في مايو حدوث انكماش في الاقتصاد الفلسطيني يتراوح بين 6.5 و9.6 في المئة خلال العام الحالي
وأفاد تقرير للبنك الدولي والأمم المتحدة وبدعم مالي من الاتحاد الأوروبي نشر مطلع أبريل الماضي، بأن تكلفة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية في غزة تُقدّر بنحو 18.5 مليار دولار، أي ما يعادل 97 في المئة من إجمالي الناتج المحلي لفلسطين في 2022.
وأشار التقرير حينها إلى أن أكثر من نصف سكان غزة أصبحوا على حافّة المجاعة، كما يعاني جميع السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية، وهناك أكثر من مليون شخص بلا مأوى، وتعرض 75 في المئة من سكان القطاع للتهجير.
وفي ديسمبر الماضي، وافق البنك الدولي على تقديم حوالي 35 مليون دولار لشركاء التنمية النشطين في غزة، بما في ذلك يونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية.
ويشمل ذلك حزمة بقيمة 10 ملايين دولار إلى برنامج الأغذية العالمي لشراء قسائم وسلال الغذاء لإيصالها إلى نحو 377 ألف نسمة.
وتصل التكلفة طويلة المدى لإعادة إعمار غزة بعد الحرب بين إسرائيل وحماس إلى 50 مليار دولار، وتستغرق ما يقرب من عقدين، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
وقال عبدالله الدردري، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية، مطلع مايو الماضي إن “تكلفة إعادة الإعمار تتزايد بشكل مطرد مع تجدد القتال يوميا”.
وأكد أن التكلفة الفورية لتوفير المأوى المؤقت والخدمات الأساسية الأخرى بمجرد انتهاء الحرب ستبلغ ملياري دولار على الأقل.