حرب شوكولاتة تندلع بين فرنسا والجزائر على مواقع التواصل الاجتماعي

حملة جزائرية مضادة: شوكولاتة مرجان خطر يهدد نوتيلا.
الأربعاء 2024/09/18
حساسية عالية

انتقلت الحرب الإعلامية والافتراضية بين الجزائر وفرنسا إلى الشوكولاتة وسط اتهامات بوجود مؤامرة تحاك ضد المنتوج الجزائري، بعد قرار باريس منع استيراد “مرجان” التي لا تتوافق مع المعايير الأوروبية، ليرد الجزائريون بحملة مضادة مطالبين بلادهم بمقاطعة المنتوج الفرنسي.

باريس - نشبت حرب افتراضية جديدة بين الجزائر وفرنسا على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان “شوكولاتة مرجان الجزائرية” بعد القرار الفرنسي الذي يقضي بمنعها في الاتحاد الأوروبي بسبب عدم موافاتها للشروط المطلوبة، في حين فسره ناشطون على الضفة المقابلة بأنه حرب على المنتوج الجزائري مطالبين بالمعاملة بالمثل.

وأكدت وزارة الزراعة الفرنسية الثلاثاء أن شوكولاتة الدهن الجزائرية مرجان، التي حققت رواجا كبيرا على الشبكات الاجتماعية في فرنسا، محظورة في الاتحاد الأوروبي، موضحة أن تحقيقا يجري حاليا لتحديد أسباب استمرار وجود هذا المنتج في السوق الفرنسية.

وأشارت الوزارة إلى أنه “في ظل عدم استيفاء الجزائر جميع الشروط اللازمة” للسماح لها “بتصدير سلع تحتوي على مشتقات حليب مخصصة للاستهلاك البشري إلى الاتحاد الأوروبي بحسب المتطلبات الأوروبية المتعلقة بالصحة الحيوانية وسلامة الغذاء”، فإن “استيراد هذه السلعة ليس مسموحا بموجب الإطار التنظيمي المعمول به”.

ولم يقتنع ناشطون جزائريون بالمبررات الفرنسية وشنوا حملة شرسة في الشبكات الاجتماعية، إذ رأوا أن شوكولاتة مرجان لاقت انتشاراً وشهرةً واسعة في الأسواق المحلية إلى أن وصلت إلى الأسواق الأوروبية، كما راجت على وسائل التواصل الاجتماعي بعد ازدياد الطلب عليها من قبل المستهلكين.

واعتبروا أن هذه الأسباب تعني أن فرنسا تستهدف نجاح المنتج، مطالبين بلادهم بالتعامل بالمثل ومنع دخول المنتجات الفرنسية، بينما أقدم آخرون على مهاجمة المسؤولين والسلطة في الجزائر بسبب خضوعهم لباريس، وفق زعمهم، لافتين إلى أن هناك مؤامرة تحاك ضد بلادهم:

وزعم آخر:

ورفض الكثير من الناشطين الحملة والضجة التي أثيرت حول الموضوع مؤكدين أن الكثير من المنتجات المغاربية موجودة في فرنسا منذ زمن دون أن يجري منعها أو حظر استيرادها، وقالوا: من الطبيعي أن تقوم السلطات بحماية المستهلك المحلي من منتوج أجنبي في حال لم يطابق المواصفات المطلوبة.

وتساءل متابع:

وتفاعل مغردون على نطاق واسع مع الحملة ونشروا مقاطع فيديو تظهرهم وهم يشترون شوكولاتة مرجان من المتاجر ومقارنتها بشوكولاتة “نوتيلا” الإيطالية، فيما أبدى بعضهم تهكما على الحملة.

وسخرت ناشطة:

A04Ghiza@
المعاملة بالمثل لي قالوا ماش مليحة والله تلقاه داير احتياطي تاع مرجان شوكولاتة في داره وقدام الكاميرا يبدا يتفلسف (علينا أن نعامل الذين قالوا مرجان رديئة بالمثل، أقسم على أنهم يكنزون احتياطيا من مرجان وحين يصبحون أمام الكاميرا يشرعون في التفلسف).

واستنكرت الفيدرالية الوطنية للمصدرين الجزائريين القرار الفرنسي القاضي بحظر استيراد وبيع شوكولاتة مرجان في البلد الذي تعيش فيه جالية كبيرة من الجزائريين. وقال ممثل الفيدرالية الوطنية للمصدرين الجزائريين لطفي خمار إن شوكولاتة مرجان تم حظرها بعد أن حققت نجاحًا ملحوظًا بين المستهلكين الأوروبيين، وخاصة في فرنسا.

وشكك رئيس حماية المستهلك بالجزائر مصطفى زبدي في النوايا وراء الأسباب المعلنة لحظر المنتج في فرنسا بعد رواجه في الأسواق الفرنسية، قائلاً “عندما أصبح يشكل خطراً على منتجهم المحبوب (في إشارة إلى منتج نوتيلا)، قاموا بكل التحاليل وخرجت كل اللوائح”.

وتستند باريس ودول الاتحاد الأوروبي إلى “المادة 20 الفقرة الثالثة من اللائحة رقم 2202/2292 للاتحاد الأوروبي”، التي تنص على منع استيراد دول الاتحاد للحليب ومشتقاته إلا بموجب “اتفاق يدرج البلد في القائمة المسموحة للاستيراد”. وتفسر اللوائح هذا القرار بوجوب مراقبة مراحل تصنيع الألبان في كل مرحلة من مراحل الإنتاج، وفقاً لمتطلبات صحة الحيوانات.

وكانت سلسلة المتاجر الفرنسية العملاقة “كارفور” قد أعلنت الخميس أنها تريد “طرح منتجات مرجان الشهيرة”، المصنوعة من شركة سيبون الجزائرية، في متاجرها “خلال أسبوعين إلى أربعة أسابيع”. ولفتت وزارة الزراعة الفرنسية إلى أن تحقيقا فُتح “من أجل تحديد آليات التحايل التي ربما سمحت حتى الآن بطرح هذه السلعة في السوق” المحلية.

♦ ناشطون جزائريون أقدموا على مهاجمة مسؤولي بلادهم بسبب خضوعهم لباريس، معتبرين أن هناك مؤامرة تحاك ضدهم

وبحسب المصدر نفسه، فإن “شحنتين (من منتجات مرجان) محتجزتان حاليا عند نقاط التفتيش الحدودية الفرنسية”. وفي فرنسا تحتل منتجات نوتيلا المصنوعة من شركة فيريرو العملاقة الصدارة في هذا المجال، إذ تستحوذ على أكثر من ثلاثة أرباع سوق الشوكولاتة القابلة للدهن في محلات السوبر ماركت، وفق بيانات اتحاد القطاع. وقالت شركة فيريرو إنها باعت “نحو 90 مليون علبة نوتيلا في فرنسا” العام الماضي، أي أقل بقليل من ثلاث عبوات (2.85) كل ثانية.

ومرجان هي شوكولاتة جزائرية من نوع الشوكولاتة السائلة القابلة للدهن، ظهرت في الجزائر عام 2021 من إنتاج شركة داخلية ذات نمو محدود تسمى سيبون. وحظيت بدعاية إعلامية كبيرة في فرنسا، خصوصا في ظل الرواج الكبير الذي حققته عبر حسابات لمؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي.

ويأتي هذه الاشتباك الإعلامي امتدادا للتوتر الذي تعيشه العلاقات بين البلدين في الآونة الأخيرة بعد اعتراف باريس بمغربية الصحراء، حيث يبدي الإعلام الجزائري حساسية شديدة تجاه أي تغطية صحفية لا تتناسب مع قرارات سلطات بلاده، لاسيما خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في وقت سابق من الشهر الحالي.

وقبل يومين شنت صحيفة “الخبر” المقربة من النظام الجزائري هجوما لاذعا على باريس، في مقال تحت عنوان “الإعلام الفرنسي يغرق في أزماته ويهاجم انتصارات الجزائر”، وجاء فيه “في خضم الأزمات الداخلية التي تعصف بفرنسا، يظهر الإعلام الفرنسي كعجلة معطّلة في محاولاته لتشويه سمعة الجزائر، متجاهلاً بذلك الواقع المتدهور الذي تعيشه فرنسا. فبينما تزداد الاحتجاجات وتتصاعد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، يختار الإعلام الفرنسي التركيز على الهجوم على الجزائر، كوسيلة للهروب من مشاكل فرنسا العميقة”.

وأضافت الصحيفة “تُظهر قناة فرانس 24 التي تعتبر أبرز أدوات الإعلام الفرنسي، بشكل متعمّد نزعة للتشهير بالجزائر، محاولة فرض روايات مغلوطة تتناقض مع الواقع. في هذا السياق ردت وكالة الأنباء الجزائرية بقوة، واصفة القناة بـ’قناة القمامة’، في تعبير عن استنكارها الشديد للتدخل الفرنسي المستمر. هذا الرد يعكس حقيقة أن الجزائر، التي نالت استقلالها بعد ثورة دامية ضد الاستعمار، أصبحت قوة إقليمية قوية ومستقلة، لا تقبل أن تُعامل كمحمية فرنسية”.

وأكد متابعون أن وكالة الأنباء الجزائرية اعتادت على الاستفاضة في استخدام الألفاظ غير المهنية في مهاجمة الخصوم، بسبب افتقادها المبررات المنطقية لمواجهة الوقائع والحقائق.

5