حرب سرديات إيرانية - إسرائيلية على مواقع التواصل بطلها الذكاء الاصطناعي

أدوات الذكاء الاصطناعي تُستخدم في التلاعب بالإدراك العام وتُضخّم الروايات المثيرة للانقسام أو المضللة.
الأربعاء 2025/06/25
يجب محو الأمية الإعلامية

واشنطن - تشكل عمليات التزييف العميق بالذكاء الاصطناعي، ولقطات ألعاب الفيديو التي تُصوَّر على أنها معارك حقيقية والأكاذيب التي تُولِّدها روبوتات الدردشة، محور المعركة الإعلامية في الصراع الإسرائيلي – الإيراني، والسردية التي يروج لها كل طرف عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وتتكشف حرب المعلومات شيئا فشيئا مع استمرار القتال على أرض الواقع بعد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية والقيادة العسكرية، وتسلط الضوء على أزمة رقمية في عصر أدوات الذكاء الاصطناعي سريعة التطور التي طمست الخطوط الفاصلة بين الحقيقة والتلفيق. ويقول الخبراء إن زيادة المعلومات المضللة في زمن الحرب كشفت عن الحاجة المُلِحَّة لأدوات كشف أقوى، حيث أضعفت منصات التكنولوجيا الرئيسية الضمانات إلى حد كبير من خلال تقليص إدارة المحتوى وتقليل الاعتماد على مدققي الحقائق البشريين.

وبعد أن ضربت إيران إسرائيل بوابل من الصواريخ الأسبوع الماضي، زعمت مقاطع فيديو مُولَّدة بالذكاء الاصطناعي أنها تُظهر الأضرار التي لحقت بتل أبيب ومطار بن غوريون. وانتشرت مقاطع الفيديو على نطاق واسع عبر منصات فيسبوك وإنستغرام وإكس، وباستخدام بحث عكسي عن الصور وجد مدققو الحقائق في وكالة فرانس برس أن المقاطع نُشرت في الأصل بواسطة حساب تيك توك يُنتج محتوى مُولّدًا بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وقال كين جون مياشي، مؤسس شركة “بيت مايند.أي.آي” ومقرها أوستن، كان هناك “ارتفاع في المعلومات المضللة المُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وخاصةً في ما يتعلق بالصراع الإيراني – الإسرائيلي.” وأضاف “تُستغل هذه الأدوات للتلاعب بالإدراك العام، وغالبًا ما تُضخّم الروايات المثيرة للانقسام أو المضللة على نطاق وتطور غير مسبوقين.”

كما حددت شركة أميركية تُركز على اكتشاف الوسائط المُتلاعب بها، بما في ذلك مقاطع الفيديو المُزيفة باستخدام الذكاء الاصطناعي، موجة من مقاطع الفيديو المُفبركة والمتعلقة بالصراع الإسرائيلي – الإيراني.

◙ حرب المعلومات تتكشف شيئا فشيئا مع استمرار القتال على أرض الواقع بعد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية والقيادة العسكرية

وربطت الشركة مقاطع الفيديو الجذابة بصريًا -والتي تُصوّر مشاهد كارثية للطائرات والمباني الإسرائيلية التي تضررت من الحرب بالإضافة إلى الصواريخ الإيرانية المُثبتة على مقطورة- بمولد الذكاء الاصطناعي غوغل فيو3 والمعروف بمرئياته شديدة الواقعية. وتَظهر علامة” فيو” المائية في أسفل مقطع فيديو على الإنترنت نشرته وكالة أنباء طهران تايمز، والذي يزعم أنه يُظهر “لحظة سقوط صاروخ إيراني” على تل أبيب.

وقال هاني فريد، المؤسس المشارك لشركة جيتريل سكيوريتي وأستاذ في جامعة كاليفورنيا بيركلي، “ليس من المستغرب استمرار تحسن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في الواقعية التصويرية، إلا أنه يُساء استخدامها لنشر معلومات مضللة وإثارة البلبلة.” وأضاف “من الواضح أن حد الثماني ثوانٍ هذا لا يثبت أن الفيديو مزيف، ولكن يجب أن يكون سببًا وجيهًا لإعطائك فرصة للتوقف والتحقق من الحقائق قبل إعادة مشاركتها.”

ولا تقتصر الأكاذيب على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث حددت منظمة مراقبة المعلومات المضللة “نيوزجارد 51” موقعًا إلكترونيًا قدم أكثر من اثني عشر ادعاءً كاذبًا؛ بدءًا من الصور التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي والتي تزعم إظهار الدمار الشامل في تل أبيب، وصولا إلى التقارير الملفقة عن أسر إيران للطيارين الإسرائيليين.

وذكرت “نيوزجارد” أن المصادر التي تنشر هذه الروايات الكاذبة تشمل قنوات تيلغرام المرتبطة بالجيش الإيراني ومصادر وسائل الإعلام الحكومية التابعة لإذاعة جمهورية إيران الإسلامية (إيريب) الخاضعة لعقوبات من وزارة الخزانة الأميركية.

وقال ماكنزي صادقي، الباحث في “نيوزجارد”، لوكالة فرانس برس “نشهد سيلًا من الادعاءات الكاذبة ويبدو أن الإيرانيين العاديين هم الجمهور المستهدف الأساسي.” ووصف صادقي المواطنين الإيرانيين بأنهم “محاصرون في بيئة معلومات مغلقة،” حيث تهيمن وسائل الإعلام الحكومية في محاولة فوضوية “للسيطرة على الرواية.”  وادعت إيران نفسها أنها ضحية للتلاعب التكنولوجي، حيث أفادت وسائل الإعلام المحلية بأن إسرائيل اخترقت لفترة وجيزة بثًا تلفزيونيًا حكوميًا، وبثت لقطات لاحتجاجات نسائية وحثت الناس على النزول إلى الشوارع.

وما زاد فوضى المعلومات مقاطع فيديو مأخوذة من ألعاب فيديو ذات طابع حربي. وقد رصد مدققو الحقائق في وكالة فرانس برس مقطعًا منشورًا على منصة إكس، يزعم زورًا أنه يُظهر طائرة إسرائيلية تُسقطها إيران. وحملت اللقطات تشابهًا صارخًا مع لعبة المحاكاة العسكرية “آرما 3”. ورفض الجيش الإسرائيلي التقارير الإعلامية الإيرانية التي زعمت إسقاط طائراته المقاتلة فوق إيران، واصفًا إياها بـ"الأخبار الكاذبة."

وقال باحثون إن "روبوتات الدردشة، مثل ‘كروك’ من شركة إكس.إي.آي، والتي يلجأ إليها مستخدمو الإنترنت بشكل متزايد للتحقق الفوري من المعلومات، عرّفت زورًا بعض الصور المُتلاعب بها على أنها حقيقية. وهذا يُسلط الضوء على أزمة أوسع نطاقًا في مشهد المعلومات على الإنترنت اليوم: تآكل الثقة في المحتوى الرقمي." وأضاف الباحثون أن "هناك حاجة مُلحة إلى أدوات كشف أفضل، ومحو أمية إعلامية، ومساءلة المنصات لحماية نزاهة الخطاب العام."

5