حرب تقلب معادلة تأسيس حزب الله: الفلسطينيون خزان مقاتلين لإيران

الفلسطينيون تسببوا في تأسيس حركة أمل ثم حزب الله، والآن حزب الله وإيران يعيدان تأسيس الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان.
الأحد 2024/08/25
لافتات حماس في كل مكان بالمخيمات

بيروت- استفادت حركة حماس من المواجهة الدائرة لمدة عشرة أشهر بينها وبين إسرائيل لزيادة تأثيرها بين الفلسطينيين في مخيمات لبنان، التي تحولت إلى فضاء خصب لاستقطاب المجندين وتدريبهم ليكونوا خزان احتياط في المعارك التي يسعى حزب الله ومن ورائه إيران إلى خوضها في لبنان أو الإقليم.

ومن شأن هذا الوضع أن يقلب المعادلة؛ ففي الأصل تسبب الفلسطينيون في تأسيس حركة أمل ثم حزب الله خلال حرب لبنان الأهلية ثم الغزو الإسرائيلي في 1982، والآن يعيد حزب الله وإيران تأسيس الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان لكي يوفر لهما خزانا.

وإذا كان الفلسطينيون قد انتهوا تحت رحمة حركة أمل ثم حزب الله بعد أن سادوا لبنان، فإن حزب الله وإيران يلعبان بالنار بتوظيف ورقة الفلسطينيين في الحروب حتى لو كان ذلك ضد إسرائيل.

◄ عمليات التجنيد ارتفعت لصالح حركة حماس بشكل ملحوظ في مجتمعات اللاجئين الفلسطينيين المنتشرة في لبنان

ولم تكن حماس لتحصل على الأسلحة والخبرات لتصنيع الصواريخ والمسيرات واستعمالها في الحرب لولا قبولها بأن تكون جزءا من خطط إيران الإقليمية، شأنها شأن حركة الجهاد الإسلامي.

واستفادت حماس من تحالفها مع حزب الله لتتحرك بحرية أكبر في المخيمات وتصبح اللاعب الأكثر تأثيرا متجاوزة حركة فتح التي تراجعت إلى الصف الثاني وباتت تتحرك في ظل حماس وبالتنسيق معها.

وما يشير إلى زيادة نفوذ حماس هو أن صور قادتها تملأ الجدران في المخيمات مثل أبوعبيدة المتحدث باسمها أو رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية الذي اغتالته إسرائيل في طهران في 31 يوليو الماضي، أو قائدها الجديد يحيى السنوار.

وقال تقرير أميركي إن مئات المجندين الجدد انضموا إلى صفوف حماس في الأشهر الأخيرة، في المخيمات الـ12 المنتشرة في لبنان، ومنها مخيم عين الحلوة الذي يعد واحدا من أكبر المخيمات للاجئين الفلسطينيين في البلاد.

◄ حركة فتح تعد الفصيل الأبرز في المخيم الذي توجد فيه حركتا حماس والجهاد
حركة فتح تعد الفصيل الأبرز في المخيم الذي توجد فيه حركتا حماس والجهاد

ويعتبر استقطاب المجندين مؤشرا على قوة الحركة، التي وجدت في شعار “وحدة الساحات” الذي يحمله حزب الله غطاء مريحا لزيادة نفوذها في المخيمات، وهو ما أشار إليه رئيس دائرة شؤون اللاجئين في الحركة محمد إبراهيم المدهون، في حوار سابق له حين قال إن مخيمات اللاجئين في لبنان هي الأكثر قربا وشبها بغزة.

وأضاف المدهون أن حركته تتمتع في المخيمات بحضور تنظيمي سياسي وعسكري قوي، فضلاً عن محافظتها على درجة عالية من العلاقة والتنسيق مع فتح ومختلف المكونات والقوى الفلسطينية، وكذلك اللبنانية.

وخلص إلى القول “ربما لا نبالغ في حماس باعتبارنا هذه المعسكرات هي بالمرتبة الثانية بعد غزة من حيث القوة والحضور التنظيمي للحركة”.

وقال تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز إن عمليات التجنيد ارتفعت لصالح حركة حماس بشكل ملحوظ في مجتمعات اللاجئين الفلسطينيين المنتشرة في لبنان.

وذكرت الصحيفة أن العديد من شبان المخيم قالوا إن هذه هي المرة الأولى التي يشعرون فيها بالأمل، مشيرة إلى أن الكثير منهم يعرفون العشرات من أفراد الأسرة أو الأصدقاء الذين انضموا إلى حماس منذ بداية الحرب في أكتوبر الماضي.

وعلى الرغم من أن عمليات التجنيد لن تؤثر كثيرا على الوضع في غزة لأن دخول الأراضي هناك صعب للغاية، فإنها تعزز حظوظ حماس في لبنان.

◄ الفلسطينيون تسببوا في تأسيس حركة أمل ثم حزب الله، والآن حزب الله وإيران يعيدان تأسيس الوجود الفلسطيني المسلح

وأضافت الصحيفة أن المجندين عادة ما يبقون داخل مجتمعاتهم ليساعدوا في إدارة الشؤون المحلية، وأحيانا يقتربون من الحدود الجنوبية للبنان لإطلاق الصواريخ على إسرائيل.

وفي مخيم عين الحلوة الذي يقدر عدد سكانه بـ80 ألف نسمة، وهم موجودون داخل منطقة مساحتها أقل من كيلومتر مربع في صيدا، تبين الصحيفة أن هناك الكثير من الرجال المستعدين للعمل ضد إسرائيل وفقا للمسؤول السياسي لحركة حماس في صيدا أيمن شناع، الذي رفض الكشف عن عدد الذين تم تجنيدهم إلى حد الآن.

وتعد حركة فتح الفصيل الأبرز في المخيم الذي توجد فيه حركتا حماس والجهاد. وتتخذ مجموعات إسلامية متطرفة من حي الطوارئ في المخيم معقلاً لها، وهي المنطقة التي شهدت الاشتباكات الأخيرة مع حركة فتح.

ولا تتجاوز مساحة عين الحلوة، أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الـ12 في لبنان، الكيلومترين مربعين، ويقطن فيه 54 ألف لاجئ فلسطيني، إضافة إلى ستة آلاف فلسطيني آخرين فرّوا من سوريا المجاورة جراء النزاع المستمر فيها منذ 12 عاماً.

وكباقي المخيمات الفلسطينية لا تدخل القوى الأمنية اللبنانية عين الحلوة بموجب اتفاق ضمني قائم منذ سنوات طويلة بين السلطات اللبنانية والفلسطينيين. وتتولّى الفصائل الفلسطينية نوعا من الأمن الذاتي داخل المخيمات عبر قوة أمنية مشتركة.

 

اقرأ أيضا:

1