حرب تخويف جانبية تزيد التشويش على التعديلات الدستورية في مصر

نقابة الممثلين تلغي عضوية عمرو واكد وخالد أبوالنجا وتمنح نفسها دورا سياسيا.
الخميس 2019/03/28
في موقف حرج

القاهرة - رفعت السلطات المصرية من درجة التشويش على موضوع التعديلات الدستورية، التي تسمح للرئيس عبدالفتاح السيسي بالترشح لولاية رئاسية جديدة، عبر التركيز على حرب جانبية، بدلا من التعامل مع القضية شعبيا.

ومثّل قرار نقابة المهن التمثيلية في مصر بإلغاء عضوية الممثلين عمرو واكد وخالد أبوالنجا، ووصمهما بالخيانة العظمى بعد مشاركتهما في جلسة غير رسمية بالكونغرس الأميركي، فرصة لتأكيد مزاعم أن النقابات مؤسسات تابعة للحكومة المصرية.

وتحدث واكد وأبوالنجا عن أوضاع حقوق الإنسان والتعديلات الدستورية المقترحة في مصر، بدعوة من توم مالينوفسكي عضو الكونغرس عن الحزب الديمقراطي، الذي شغل منصب مساعد الرئيس السابق باراك أوباما لحقوق الإنسان، والمعروف بانتقاداته اللاذعة والمستمرة للقاهرة.

ماجدة خيرالله: قرار فصل واكد وأبوالنجا من نقابة الممثلين قفز على المراحل
ماجدة خيرالله: قرار فصل واكد وأبوالنجا من نقابة الممثلين قفز على المراحل

واعتبرت نقابة المهن التمثيلية ما حدث من العضوين “خيانة عظمى، إذ توجها دون توكيل من الإرادة الشعبية لقوى خارجية، فاستقويا بها، واستبقا قراراتها السيادية لتحريكها في اتجاه مساند لأجندة المتآمرين على أمن واستقرار البلاد”.

ومنح الموقف النقابي، ومواقف الشجب والإدانة المتتالية من جهات مختلفة، فرصة لرافضي التعديلات الدستورية لتوجيه انتقادات للقائمين على هذه المؤسسات، ما يزيد من الضجيج السياسي على التعديلات.

ووصفت مصادر إعلامية مصرية إقدام نقابة المهن التمثيلية على شطب واكد وأبوالنجا، بـ”حرب تخويف جانبية، بدلا من أن تقوم أجهزة الدولة بالتركيز على التعامل مع القضية شعبيا، ومحاولة الحصول على تأييد كبير لها في الاستفتاء المتوقع، بعد انتهاء الحوار المجتمعي على التعديلات الدستورية المنتظرة”.

وعلمت “العرب” أن أجهزة أمنية في الدولة المصرية أبدت قدرا من المرونة السياسية خلال الأيام الماضية في مسألة مناقشة التعديلات، ودعت بعض قيادات أحزاب المعارضة إلى المشاركة في الحوار المجتمعي حولها، وسهلت لمنظمات حقوقية مصرية إجراءات زيارة عدد من المعتقلين الشباب، في محاولة لفرض تهدئة في الشارع، والسعي لتمرير التعديلات الدستورية المطلوبة بأقل قدر من المنغصات السياسية.

إلا أن الموقف السياسي المبالغ فيه من كلام الفنانين المصريين، جاء في توقيت قد يقلل من أهمية هذا التوجه، ويصرف الأنظار بعيدا عن التصورات التي تحاول الحكومة التعبير عنها إيجابيا، وتضعها في نطاق بعيد عن الثوابت السياسية الراهنة.

ووصف واكد النقابة في تغريدة بحسابه على تويتر بأنها “نقابة المهن السياسية”، وعلق أبوالنجا على فصله بتغريدة قائلا “كنت أتمنى من السيد النقيب (الفنان أشرف زكي) الاتصال بنا على الأقل، قبل الاندفاع بمثل هذا القرار المتسرع والذي يُخوّن قبل أي تحرّ عن المعلومات، هكذا تختزلون الوطن”.

واعتبرت الناقدة ماجدة خيرالله، قرار الفصل “قفزا على جميع المراحل التي كان من المفترض أن تجريها النقابة، وجهات التحقيق المصرية، وهو ما يشوّه صورة الحكومة بشكل عام ولا يفيدها”.

وقالت خيرالله في تصريح لـ”العرب”، إن توجيه تهمة مثل “الخيانة العظمى” ليس في محله، لأن ما أقدم عليه واكد وأبوالنجا، كان في العلن “ولم يتآمرا على الدولة مثلما تحاول النقابة تصوير ذلك، في وقت كان من المفترض أن تشارك في الدفاع عنهما أمام الجهات القضائية إلى حين ثبوت التهمة”.

وحضّ أبوالنجا في لقاء الكونغرس على تدخل كل مؤيّد لحقوق الإنسان في العالم “لدعم الشعب المصري في صراعه مع الحكم القائم.. وعندما يظهر زعماء الغرب إلى جانب الرئيس عبدالفتاح السيسي دون تطرق حقيقي لوضع حقوق الإنسان فهو بمثابة إعلان للشعب المصري بأنه يقف وحيدا منبوذا”.

ويشير بعض المتابعين إلى تشابه بين كلمات أبوالنجا، وخطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا، والذي وجه فيه لوما للقيادات الغربية التي حضرت قمة شرم الشيخ العربية-الأوروبية الشهر الماضي، دون أن توجه لوما للحكومة المصرية بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان، وتنفيذ حكم الإعدام في 9 من الشباب المنتمين إلى جماعة الإخوان، بعد إدانتهم قضائيا في ارتكاب أعمال إرهابية.

وما يضاعف من حرج موقف واكد وأبوالنجا، ويضع بعض المنظمات المصرية في مأزق، أن علاقة عضو الكونغرس، توم مالينوفسكي، وثيقة بجماعة الإخوان المسلمين، ويدافع عنها دائما، ويرفض وصفها أو ربط أعمالها بالهجمات الإرهابية.

وتربط بعض الدوائر السياسية بين الإجراءات التي اتخذت ضد واكد وأبوالنجا، وبين حملة تشهير أخلاقية تعرض لها المخرج وعضو البرلمان المصري خالد يوسف الشهر الماضي، بسبب اعتراضه على التعديلات الدستورية المقترحة، الأمر الذي اضطره إلى الخروج من مصر والبقاء في فرنسا حتى الآن.

1