حرب القمح تترك مشتري شمال أفريقيا أكثر عرضة للخطر

تعطل الشحنات من معظم منطقة البحر الأسود بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية قد يدفع الأسعار إلى الأعلى في مصر.
الخميس 2022/03/03
خذ حفنة للاحتياط فقد يصبح أغلى من الذهب

عمقت حرب القمح التي طفت على السطح بشكل غير مسبوق مؤخرا بسبب تفاقم توتر الأوضاع بين روسيا وأوكرانيا، وهما أكبر دولتين مصدرتين لهذه المادة في العالم، من حالة عدم اليقين بشأن قدرة الدول العربية في شمال أفريقيا على مواجهة أزمة قد تطول.

القاهرة/ الرباط - أفرزت تحديات تأمين مخزونات القمح نقاشات بين الخبراء حول ما يمكن أن تفعله الدول العربية في أفريقيا عندما تخنق الحرب الدائرة في أوكرانيا الإمدادات من المزودين الأساسيين، خاصة وأن من بينها مصر التي تعد أكبر مشتر لهذه المادة في العالم.

وتسبب الجمع بين العقوبات الغربية السريعة وتكاليف الشحن والتأمين المرتفعة، وقبل ذلك تخفيف قيود الإغلاق بسبب الوباء، في دفع الحبوب إلى أعلى سعر لها منذ أكثر من عقد.

ويحمل هذا صدى إضافيا لدى مصر وليبيا وتونس والجزائر وبدرجة أقل المغرب وموريتانيا بعدما ساهم ارتفاع أسعار المواد الغذائية في احتجاجات قبل عقد من الزمن، مما يزيد من الضغوط على حكومات المنطقة لتحقيق درجة معقولة من الاكتفاء الذاتي من الغذاء.

ووفقا لبيانات منظمة التجارة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو) سلمت روسيا وأوكرانيا في عام 2020 حوالي 86 في المئة من واردات القمح إلى مصر البالغ تعداد سكانها أكثر من مئة مليون نسمة.

عبدالقادر العلوي: لا يمكن الاعتماد على مصدر واحد لذا ننوع المناشئ

وكانت القاهرة تكافح بالفعل للحفاظ على الدعم الذي يستخدمه نحو 70 مليون مصري في مواجهة الجائحة، ويمكن للحرب الروسية – الأوكرانية أن تزيد الأمور سوءا.

وقال سعيد أبومحمد وهو أب لطفلين بينما كان يصطف للحصول على الخبز المدعوم في حي الخليفة بالقاهرة لوكالة بلومبرغ “نتوقع أن تؤدي الأزمة الأوكرانية إلى تسريع مشكلة أسعار الخبز”.

وبحسب الحكومة فإن مخزونات القمح الحالية كافية لمدة أربعة أشهر على الأقل، لكن الشحنات من معظم منطقة البحر الأسود تعطلت بسبب الصراع، مما قد يدفع الأسعار إلى الأعلى.

وقال وزير التموين علي المصيلحي في مقابلة تلفزيونية مساء الاثنين الماضي إن “متوسط سعر القمح المستورد ارتفع إلى نحو 350 دولارا للطن، مقابل 250 دولارا العام الماضي”.

واستنادا إلى وثائق وزارة المالية فإن ميزانية السنة المالية الحالية التي تنتهي في يونيو المقبل تعتمد على 255 دولارا للطن الواحد، وإذا ارتفعت الأسعار فإن الحكومة ستضطر إلى زيادة المخصصات.

وخصصت أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان في ميزانيتها الحالية 22 مليار جنيه (1.4 مليار دولار) لواردات القمح، و1.15 مليار دولار أخرى لدعم الإنتاج المحلي.

وتتوقع القاهرة إنتاج نحو 5 ملايين طن من المحصول المحلي بزيادة عن التقديرات السابقة البالغة 4 ملايين طن، وذلك من شأنه أن يعزز المخزونات بما يكفي لتغطية الاستهلاك حتى نوفمبر المقبل.

وكان نطاق تعرض مصر للأسواق الدولية واضحًا يوم الاثنين عندما جذبت ثلاثة عروض فقط في مناقصة تمت مراقبتها عن كثب وألغتها في النهاية بسبب ارتفاع الأسعار. وجاء ذلك بعد إلغاء آخر في أواخر الأسبوع الماضي عندما كان العرض الوحيد من فرنسا.

وقالت مجموعة الدول السبع في بيان مشترك الثلاثاء الماضي إن “أسعار القمح والمواد الغذائية سترتفع في مصر وقارة أفريقيا”.

وتحصل دول شمال أفريقيا على نصف قمحها من روسيا وأوكرانيا اللتين تستفيدان من انخفاض تكاليف الإنتاج وتربة غنية وخصبة، ويجبر الصراع الآن جيران مصر على التأقلم أيضا مع الوضع.

ورغم أن ليبيا لا تحتاج إلى طلب كبير بسبب تعداد السكان القليل البالغ نحو 6 ملايين نسمة قياسا بالدول العربية الأخرى في منطقتها، إلا أنها تستورد 90 في المئة من احتياجاتها بينما لا تنتج في المتوسط سوى 100 ألف طن من القمح كل عام.

أما تونس فلجأت إلى تنويع مصادر وارادت القمح. وقالت وزارة الفلاحة الأسبوع الماضي إن الحكومة تتطلع إلى كل من الأوروغواي وبلغاريا ورومانيا للحصول على إمدادات بديلة.

وأشارت في بيان نشرته على صفحتها في فيسبوك إلى أن “حاجيات البلد من الحبوب مؤمنة حتى نهاية مايو المقبل بالنسبة إلى القمح الصلب والشعير، وإلى نهاية يونيو بالنسبة إلى القمح اللين”.

وتستورد تونس قرابة 70 في المئة سنويا من احتياجاتها من الحبوب 90 في المئة منها هي في الأساس من مادة القمح.

Thumbnail

ووفق ديوان الحبوب يبلغ استهلاك البلد البالغ تعداد سكانه نحو 11.8 مليون نسمة من الحبوب 3.4 مليون طن سنويا، منها 1.2 مليون طن لكل من القمح الصلب واللين.

ويبدو المغرب غير بعيد عن فلك التأقلم مع التقلبات. وقال عبدالقادر العلوي رئيس مجموعة المطاحن المغربية لبلومبرغ إن بلده “يعتمد على منطقة البحر الأسود لنحو 25 في المئة من وارداته من القمح، ويتوقع وصول بعض الشحنات في الأيام المقبلة”.

ولكن البلد الذي يتجاوز عدد سكانه 40 مليون نسمة اتخذ المسار ذاته الذي اتخذته تونس بالبحث عن موردين آخرين وعدم الاقتصار على روسيا وأوكرانيا.

وقال العلوي “لا يمكن الاعتماد على مصدر واحد، لذلك نتجه إلى الأرجنتين وفرنسا وبولندا لتعويض أي مشاكل تؤثر على الإمدادات من البحر الأسود”.

وفي خضم ذلك كله استبعدت الجزائر، التي تعد من أكبر مشتري المنطقة، تأثر وارداتها من القمح في ظل الحرب الروسية – الأوكرانية بفضل مصادرها المتنوعة من ورادات الحبوب.

وقال الديوان الجزائري المهني للحبوب في بيان نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية مؤخرا إن البلد النفطي “يعتمد سياسة تنويع الشركاء التجاريين في استيراد القمح”.

وتشير التقديرات إلى أن واردات البلد، البالغ تعداد سكانه 40 مليونا، من الحبوب بما فيها القمح بنوعيه تبلغ 7 ملايين طن، بفاتورة تفوق الملياري دولار سنويا، بينما يبلغ الإنتاج المحلي 3.1 مليون طن فقط.

11