حرب الجنوب ترهق سياحة لبنان في موسم الأعياد

قصف متبادل بين حزب الله وإسرائيل عند الحدود الجنوبية ما يؤثر سلبا على قطاع السياحة في بلد يواجه أزمة مالية خانقة.
الاثنين 2024/04/08
هدوء مطبق على السوق

يواجه قطاع السياحة في لبنان الذي يعتمد على موسم الأعياد والصيف لتنميته وتحريك عجلته الاقتصادية عبر اكتظاظ المنتجعات والمطاعم والفنادق وبيوت الضيافة ومواقع طبيعية وغيرها محنة الحرب في الجنوب، والتي بات تأثيرها يبرز مع تبخر الإيرادات.

بيروت - تصطدم طموحات لبنان نحو تحقيق عائدات سياحية كبيرة هذا العام بتداعيات الحرب في الجنوب والتي تبدو انعكاساتها السلبية واضحة على القطاع حتى مع موسم الأعياد.

وتتزامن احتفالات عيد الفصح للمسيحيين وعيد الفطر للمسلمين هذه الفترة مع اشتباكات متواصلة وقصف متبادل بين حزب الله وإسرائيل عند الحدود الجنوبية للبنان، ما أثر سلبا على قطاع  السياحة في البلد الذي يواجه أزمة مالية خانقة.

وكان وقع الحرب الدائرة جنوب وشرق البلاد، كبيرا على قطاع السياحة بعدما كشف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الأسبوع الماضي، أن المواجهات تسببت في نزوح حوالي 100 ألف لبناني منذ اندلاع حرب غزة مطلع أكتوبر الماضي.

ويؤكد رئيس اتحاد النقابات السياحية، ونقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر إن حجوزات الفنادق "شبه معدومة"، لكن القطاعات الأخرى كالمطاعم والمقاهي وضعها أفضل.

وأوضح أن أعداد السياح العرب والأجانب ليست كالسنوات السابقة، وكذلك هو حال المغتربين، "فهم لم يأتوا إلى وطنهم لأنه في حال حرب، فكل من ينظر إلى لبنان في الإعلام من الخارج يرى القصف في مناطق مختلفة".

بيار الأشقر: حجوزات الفنادق شبه معدومة لكن المطاعم تبدو أفضل
بيار الأشقر: حجوزات الفنادق شبه معدومة لكن المطاعم تبدو أفضل

وأشار الأشقر لوكالة لأناضول إلى أنه لا يمكن الحديث في الظروف الحالية عن السياحة خلال الأعياد، لأن لبنان في "حالة حرب"، وهذا الأمر يقلق السياح ويبعدهم عن زيارة البلاد.

وتتسق تصريحاته مع كلام نائب رئيس نقابة المطاعم والمقاهي خالد نزهة، الذي شدد على أن التزامن بين عيدي الفصح والفطر أمر مهم للغاية للسياحة في لبنان.

لكن الأشقر أشار إلى أن المشكلة تتمثل في أن الحرب في مناطق مختلفة من لبنان أثرت سلبا على قدوم اللبنانيين والسياح من الخارج.

وعن الواقع الحالي، قال إن "هناك 450 ألف لبناني في المنطقة العربية، و250 ألف في أفريقيا، وهؤلاء كانوا يتوافدون إلى البلاد في الأعياد والمناسبات والعطل والصيف، وهم يدعمون الاقتصاد بشكل كبير".

وأوضح أنه بسبب الحالة الأمنية منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وانعكاساتها على جنوب لبنان، تردد اللبنانيون بالمجيء إلى بلدهم.

ويعتقد أن حركة المطاعم خلال الأعياد، مقبولة، “لكننا كنا نأمل أن تكون أفضل لولا الحرب الدائرة، فمثلا الحركة في الصيف كانت مذهلة، وأعطت القطاع السياحي الأمل والدافع الكبير للاستمرار".

ومنذ بدء المواجهات جنوب البلاد، ارتفع سقف المخاوف بشأن ضرب مطار رفيق الحريري الدولي في العاصمة بيروت، وهو المطار الوحيد العامل في لبنان.

وفي يناير الماضي، تعرضت شاشات قاعة الانتظار في المطار لعملية قرصنة، وظهرت عليها كتابات مناوئة لحزب الله وللحرب، وأدى الهجوم السيبراني إلى تعطل نظام تفتيش الحقائب، من دون معرفة الجهة التي تقف وراء ذلك، ما أحدث حالة قلق للمسافرين.

وهذا ما أكد عليه الأشقر، حينما أشار إلى أن أبرز المخاوف للسياح والمغتربين، هو تعرض المطار لضربة إسرائيلية، "ففي حال أُغلق المطار نكون قد خسرنا المنفذ الوحيد البلاد، فلا يوجد منفذ آخر برا أو بحرا أو جوا".

وقدر كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الأبحاث في بنك عودة، مروان بركات، الإيرادات السياحية الضائعة منذ اندلاع الحرب في جنوب لبنان بحوالي المليار دولار، وفق ما نشرته منصة قناة أم.تي.في اللبنانية.

وبنى بركات تقديراته على أساس انخفاض متوسط في عدد الزوار بنسبة 24 في المئة على أساس سنوي مع العلم أن متوسط إنفاق السائح يبلغ ثلاثة آلاف دولار.

مروان بركات: القطاع فقد عوائد بنحو ملياري دولار منذ بدء الحرب
مروان بركات: القطاع فقد عوائد بنحو ملياري دولار منذ بدء الحرب

وأشار إلى أن حجم الاستثمار السياحي إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغ اليوم مستوى منخفض ما دون العشرة في المئة.

وذكرت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني في تقرير نشرته في ديسمبر الماضي إلى أن السياحة اللبنانية شكّلت 26 في المئة من إيرادات لبنان خلال العام 2022.

وجراء تطور الأحداث، دعت عشرات السفارات، ومنها سفارات الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا والسعودية وغيرها، لمغادرة لبنان وتجنّب السفر إليه.

وجاءت هذه الخطوة لتكون نقطة سلبية تجاه السياحة في البلاد، حيث قال الأشقر إن "ما زاد من تراجع القطاع خصوصا خلال موسم عيدي الفصح والفطر، هو دعوات السفارات رعاياها لمغادرة البلاد، خوفا من حرب شاملة".

وهذا أيضا ما قاله نزهة أيضا، حيث أكد أن الحرب أثرت على قدوم السياح العرب والأجانب، بسبب دعوات سفاراتهم إلى عدم القدوم، ومغادرة البلد، لافتا إلى أن أكثر الوافدين إلى لبنان حاليا هم من مصر والعراق والأردن.

وتوافق كل من الأشقر ونزهة على أنه “لا حل في لبنان سوى وقف الحرب، لأن انتهاء الحرب سيبدل الصورة للمغتربين والسياح في الخارج، ويجعلهم يعاودون زيارة هذا البلد، ونتمنى حدوث ذلك قريبا".

وبالإضافة إلى الحرب، يعاني لبنان منذ 4 سنوات أزمة اقتصادية خانقة غير مسبوقة، مع انهيار قيمة الليرة مقابل الدولار، وشح في الوقود والأدوية، بجانب تراجع حاد في القدرة الشرائية للمواطنين.

وانعكس ذلك على حياة الناس، حيث يواجهون واقعا مظلما يزداد غموضا مع تقلبات الدولار، التي تؤدي لارتفاع الأسعار وخاصة الغذاء والوقود، وزيادة الفقر بين العائلات التي باتت عاجزة عن تأمين قوتها اليومي.

10