حرب البطاطس: الكلفة الخفية لإخفاقات التوريد زمن كوفيد

أكد محللون أن المشكلة التي يتعرض لها عملاق الوجبات السريعة ماكدونالدز في اليابان والمتعلقة بتوفير البطاطس تعكس مدى الإخفاقات اللوجستية التي تواجه الموردين في سلاسل الإمدادات بسبب المخلفات الهائلة التي تركتها الأزمة الصحية على صناعة الشحن البحري.
طوكيو- اضطرت ماكدونالدز الأميركية، إحدى أشهر سلاسل مطاعم الوجبات السريعة في العالم، إلى تقنين كميات البطاطس المقلية من جانب فروع الشركة في اليابان في الآونة الأخيرة بسبب تعطل الواردات إلى البلاد، وذلك للمرة الثانية في غضون شهرين.
ومع أن هذا الأمر حفز المنافسين للسيطرة على حصة أكبر من السوق اليابانية التي تستحوذ عليها ماكدونالدز إلا أن “حرب البطاطس” التي أطلقها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي على هذا الوضع جعل الخبراء يقفون على الكلفة الخفية لإخفاقات التوريد زمن كوفيد.
ومنذ العام الماضي تواجه عمليات التوريد من موانئ العالم ضغوطا متزايدة يتوقع أن تمتد أشهرا قبل أن تتعافى في العام المقبل جراء قيود التنقل التي كبلت صناعة الشحن البحري وأضعفت وتيرة حركة التجارة العالمية ما تسبب في ارتفاع التكاليف وأدى في نهاية المطاف إلى مشكلات في سلاسل الإمدادات.

سايمون هيني: سنشهد مرور عام آخر من الاضطرابات في عمليات الشحن
وتسببت الاضطرابات الناجمة عن الإغلاقات الهادفة إلى مكافحة انتشار الجائحة والتعافي السريع غير متوقع في الطلب خلال النصف الثاني من العام الماضي، في نقص حاويات الشحن وارتفاع أسعار الخدمات اللوجستية بوتيرة قياسية.
وأعلنت الشركة المشغلة لمطاعم ماكدونالدز في اليابان في وقت سابق من هذا الشهر، أنها قللت كمية البطاطس المقلية المقدمة لمدة شهر تقريبا اعتبارا من التاسع من يناير الجاري.
وتعد ماكدونالدز إلى حدّ بعيد أكبر مستورد للبطاطاس في اليابان، وبالتالي كانت أول من يعاني من تعطل سلسلة التوريد. ولذلك، اضطرت إلى حذف وجبات البطاطس المقلية المتوسطة والكبيرة عن قائمتها في اليابان، وأبقت على الوجبة الصغيرة فقط.
وتملك ماكدونالدز سلسلة مطاعم يبلغ عددها 2900 في أنحاء اليابان أي ضعف ما هو عليه في فرنسا، مقابل مبيعات تبلغ نحو 5.2 مليار دولار كل عام. لكن من المتوقع أن تنخفض هذه الإيرادات هذا العام لو استمرت العثرات أمامها.
وفق البيانات المنشورة على موقع الشركة في الإنترنت فإن لدى ماكدونالدز أكثر من 30 ألف فرع للوجبات السريعة في 121 دولة وهي توفر قرابة 465 ألف فرصة عمل مباشرة.
كما أن الشركة تمتلك حصصا أو لها أسهم في سلاسل مطاعم أخرى شهيرة مثل بوستن ماركت وأروما كافي ودوناتوس بيتزا، وهي تسعى دوما إلى عقد صفقات استحواذ على شركات صغيرة تعمل في القطاع لتوسيع نطاق أعمالها.
وهذه هي المرة الثانية خلال شهرين التي تفرض فيها شركة ماكدونالدز قيودا على مبيعات البطاطس التي تحظى بشعبية كبيرة ليس في اليابان فقط بل في معظم أنحاء العالم.
وأدت الفيضانات بالقرب من ميناء فانكوفر والاضطرابات اللوجستية العالمية بسبب الجائحة إلى تأخير واردات البطاطس من أميركا الشمالية، ما دفع ماكدونالدز إلى تعليق مبيعات الطلبات متوسطة وكبيرة الحجم من البطاطس المقلية لمدة أسبوع في ديسمبر الماضي.

لدى ماكدونالدز أكثر من 30 ألف فرع للوجبات السريعة في 121 دولة وهي توفر قرابة 465 ألف فرصة عمل مباشرة
وتقول سلسلة المطاعم الأميركية إن تأخير الواردات المستمر جاء بسبب سوء الأحوال الجوية، وهو ما أجبرها على فرض المزيد من القيود على المبيعات حتى لا تصل إلى مرحلة لا يمكنها فيها تقديم البطاطس للزبائن.
وهذا القلق نابع أيضا من كل القطاعات، التي تعتمد على توريد المنتجات في تشغيل أعمالها، ولا يقتصر الأمر على البطاطس أو سلع أساسية أخرى تشكل أعمدة النظام الغذائي للناس.
وتتفاقم المخاوف كذلك عند تسليط الضوء على انطباعات المحللين الذين يرجحون تعرض قطاع النقل البحري لسنة متقلبة أخرى من الاضطرابات في سلاسل التوريد، التي تمتد من العاملين الذين يرفضون العودة على متن السفن إلى سائقي الشاحنات على الرغم من إغراءات زيادة الأجور.
ومع تزايد الإصابات بالمتحور أوميكرون وتشديد الحكومات للقيود، لا تستطيع شركات الخدمات اللوجستية في جميع أنحاء العالم، بدءا من المؤسسات العالمية العملاقة وحتى الشركات الصغيرة، العثور على إعادة تشغيل أعمالها بالطاقة القصوى.
وقال سايمون هيني المحلل في شركة دريوري للاستشارات البحثية البحرية لوكالة بلومبرغ للأنباء في وقت سابق هذا الشهر “تتشكل 2022 لتكون عاما آخر من الاضطرابات الشديدة، في ظل نقص الإمدادات والتكلفة الباهظة المفروضة على مالكي الشحنات”.
وأضاف “مرة أخرى، الفايروس هو المسؤول عن كل هذا”. وتوقع هيني مرور 12 شهرا أخرى من العمل المضني، والقيود المرتبطة بالإجراءات الصحية.
وتسبب إيقاف ماكدونالدز مؤقتا تقديم صنف البطاطس المعروف باسم “هاش براون” في بعض مطاعمها باليابان في إزعاج العديد من المستهلكين في اليابان، حيث انتشر مصطلح “بوتيتو نانمين” (لاجئو البطاطا) على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونقلت وكالة كيودو اليابانية للأنباء عن العديد من الزبائن اليابانيين الذين دأبوا على زيارة مطاعم ماكدونالدز في حي جينزا للتسوق في طوكيو قولهم إنهم شعروا بالحزن الشديد بشأن التقنين لأنهم يفضلون تناول البطاطس المقلية.
واستغل بعض المنافسين هذا الموقف حيث بدأت سلسلة الهمبرجر فريشنيس برغر التابعة لشركة كولوايد حملة في الرابع عشر من هذا الشهر لزيادة حصص البطاطس المقلية بنسبة 25 في المئة حتى نهاية فبراير المقبل.
5.2 مليار دولار عوائد سنوية لماكدونالدز من سلسلة مطاعمها في اليابان والبالغة 2900 فرع
وتقول الشركة إنها لا تواجه نقصا في الإمدادات لأنها تحصل على البطاطس من هوكايدو، الجزيرة الرئيسية في أقصى شمال اليابان والمعروفة بمنتجاتها الزراعية. وأشارت في بيان عبر موقعها على الإنترنت “نحن نطلق هذه الحملة لإنقاذ لاجئي البطاطاس. نريد أن نلبي احتياجاتهم من البطاطس”.
وليس فريشنيس برغر وحدها من استغل الفرصة، فقد بدأت شركة مينيستوب المنافسة والمشغلة لسلسلة صغيرة من المطاعم باليابان في تقديم بطاطس مقلية “دلو البطاطس” بثلاثة أضعاف الحجم العادي منذ منتصف يناير الجاري.
وقالت مينيستوب في بيان إن “المنتج الجديد مستوحى من مبيعات أفضل من المتوقع عندما زادت حصص البطاطس المقلية بنسبة 50 في المئة في نهاية العام وعطلة العام
الجديد”.