حرب الإعلام بين روسيا والغرب تستحضر تقنيات الحرب الباردة

هيئة الإذاعة البريطانية تقرر إحياء تقنية قديمة استخدمت في الحرب الباردة للالتفاف على القيود الروسية.
السبت 2022/03/05
الوصول إلى المعلومات حق أساسي

موسكو- ذكرت وكالة إنترفاكس للأنباء أن هيئة مراقبة الاتصالات الحكومية الروسية حجبت الجمعة هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” وصوت أميركا وراديو أوروبا الحرة وإذاعة دويتشه فيله ووسائل إعلام أخرى، لنشرها معلومات “زائفة”.

واشتكت روسيا مرارا وتكرارا من أن المنظمات الإعلامية الغربية تقدم نظرة للعالم غالبا ما تكون مناهضة لروسيا، بينما فشلت في محاسبة قادتها على الحروب الخارجية المدمرة مثل العراق والفساد.

وقالت بي.بي.سي إن القيود الروسية لن تردعها. وأضافت أن “الوصول إلى معلومات دقيقة ومستقلة هو حق أساسي من حقوق الإنسان، ولا ينبغي حرمانه من الشعب الروسي الذي يعتمد الملايين منه على بي. بي.سي نيوز كل أسبوع”.

◙ التحالف الأوروبيأعلن "التعليق الفوري" لعضوية وكالة تاس الروسية، في ضوء “القواعد الجديدة التي تطبقها الحكومة الروسية

وقالت هيئة الإذاعة البريطانية إنها ستبدأ بث أربع ساعات من الأخبار يوميا باللغة الإنجليزية على الراديو على الموجات القصيرة في أوكرانيا وأجزاء من روسيا، لإحياء تقنية قديمة استخدمت في الحرب الباردة للالتفاف على رقابة الدولة.

ويستخدم راديو الموجات القصيرة ترددات يمكنها السفر إلى مسافات طويلة، ويمكن الوصول إليها من خلال أجهزة الراديو المحمولة، مما يجعلها طريقة الانتقال للوصول إلى المستمعين في مناطق النزاع عبر التاريخ. وتم استخدام الموجة القصيرة على نطاق واسع في أوروبا لبث الدعاية خلال الحرب العالمية الثانية، وبلغ الاستخدام ذروته خلال الحرب الباردة. ولكن مع تطور تكنولوجيا الراديو، إلى جانب التبني الجماعي للأخبار عبر الإنترنت، لم تعد الموجات القصيرة محبذة في جميع أنحاء العالم. وبعد 76 عاما، أنهت خدمة بي.بي.سي العالمية بثها على الموجة القصيرة إلى أوروبا في عام 2008.

وأثار القادة الغربيون لسنوات مخاوف بشأن هيمنة وسائل الإعلام الحكومية في روسيا، ويقولون إن الحريات التي تم الحصول عليها عندما انهار الاتحاد السوفيتي في عام 1991 قد تراجع عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ووصف بوتين الغرب بأنه “إمبراطورية أكاذيب”. ولا يستخدم المسؤولون الروس كلمة “غزو”. كما أمرت روسكومنادزور، الهيئة الناظمة لوسائل الإعلام الروسية، وسائل الإعلام الوطنية بأن تشطب من نصوصها مصطلحات “الغزو” و”الهجوم” و”إعلان الحرب”.

ونددت وزارة الدفاع الروسية من جهتها “بالتضليل الصارخ” الذي تمارسه أوكرانيا على شبكات التواصل الاجتماعي، بتدبير من واشنطن وحلف شمال الأطلسي، وفق قولها.

نيك كليج: إنها خدعة توازن صعبة للغاية بالنسبة لنا

ودخل حظر البث في دول الاتحاد الأوروبي المفروض على وسيلتي الإعلام الروسيتين “آر.تي” و”سبوتنيك”، حيز التنفيذ الأربعاء.

ولم يعد من الممكن بث محتوى من “سبوتنيك” و”آر.تي” بالإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية على شبكات التلفزيون والإنترنت، بحسب هذا القرار الذي نشر ظهر الأربعاء في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي.

وكتبت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن “وسيلتي الإعلام تؤديان دورا أساسيا وحاسما في دفع ودعم العدوان ضد أوكرانيا، ومن أجل زعزعة استقرار الدول المجاورة”.

كما أعلن التحالف الأوروبي لوكالات الأنباء الأحد “التعليق الفوري” لعضوية وكالة تاس الروسية، في ضوء “القواعد الجديدة التي تطبقها الحكومة الروسية وتقيد بشدة حرية الإعلام”.

وحتى قبل دخول القرار حيز التنفيذ رسميا، أخذ عمالقة الإنترنت زمام المبادرة، إذ أعلنت شركتا فيسبوك وإنستغرام الاثنين حجب المضمون الذي تنشره سبوتنيك وروسيا اليوم في دول الاتحاد الأوروبي، وتلتهما يوتيوب وتويتر وتيك توك وسبوتيفاي ونتفليكس.

كما قطعت العشرات من شركات التكنولوجيا الأخرى، من شركة إنتل لصناعة الرقائق إلى أبل، ومن الشركات الاقتصادية العاملة مثل أوبر،  العلاقات مع روسيا.

والثلاثاء احتجت الهيئة الناظمة الروسية لوسائل الإعلام روسكومنادزور على هذه الإجراءات، معتبرة أنها “تنتهك المبادئ الأساسية للتدفق الحر للمعلومات والوصول إليها دون عراقيل”. وقال خبراء إن شركات التكنولوجيا تبنت سياسات يمكن أن تصبح المعيار الفعلي للصراعات المستقبلية.

وقال نيك كليج، نائب رئيس الشؤون العالمية في ميتا، الشركة الأم لموقع فيسبوك، للصحافيين، عندما سئل عن الكيفية التي يوازن بها عملاق وسائل التواصل الاجتماعي مطالب الحكومات المتنافسة، “إنها خدعة توازن صعبة للغاية بالنسبة لنا”. وأضاف “نحن شركة، ولسنا حكومة.. لكننا ندرك أيضا أننا في وضع غير مسبوق تماما، وهذه حالة استثنائية ومأساوية للغاية”.

16