حراك داخلي وخارجي يعجل بإنهاء الأزمة السياسية في لبنان

الراعي يلمح لانتخاب رئيس لبنان الجديد خلال الجلسة المقبلة للبرلمان.
الأربعاء 2022/12/28
تفاؤل حذر باقتراب انتخاب الرئيس

بعد انكفاء القوى الدولية المؤثرة في الساحة اللبنانية والجمود الداخلي بشأن تجاوز الأزمة السياسية، شكلت تحركات داخلية وخارجية منذ بداية الأسبوع الماضي بارقة أمل ليتجاوز لبنان أزمته المؤسساتية.

بيروت - رجحت مصادر لبنانية انفراجة قريبة للأزمة السياسية على وقع حراك داخلي وخارجي لاستكمال الاستحقاقات الدستورية، فيما لمح البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بأن جلسة البرلمان اللبناني المقبلة ربما تشهد انتخاب رئيس جديد للبنان.

وقالت المصادر إن البطريرك الماروني كشف لبعض زواره أن هناك مسعى لأن ينجح المجلس في انتخاب رئيس جديد للبنان الجلسة المقبلة. وقال الراعي إنه تلقى اتصال معايدة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، تضمن الحديث عن انتخاب رئيس جديد. وأضاف “قلت له كنتُ أنتظر منك معايدة ألا وهي انتخاب رئيس للجمهورية، فردّ برّي: دعوتهم إلى الحوار مرتين ولم يلبّوا”. وأكد أنه كرر لبري قوله “ما نريده لليوم رئيسا للجمهورية”.

ويعاني لبنان أزمات سياسية واقتصادية متعددة، آخرها كان شغور المنصب الرئاسي، عقب انتهاء مدة الرئاسة الفعلية للرئيس السابق العماد ميشال عون في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي. وألقى شغور المنصب الرئاسي بظلاله على العديد من الأزمات الاقتصادية وغيرها، حيث تسبب في جدل حول صلاحيات الحكومة الموجودة حاليا، وطبيعتها كحكومة تصريف أعمال. ويشهد لبنان هذا الأسبوع حراكا داخليا وخارجيا غير مسبوق يرجح محللون أنه سينتهي بتجاوز الأزمة المؤسساتية اللبنانية.

نجيب ميقاتي: هناك شيء ما يتم التحضير له من أجل حل الأزمة
نجيب ميقاتي: هناك شيء ما يتم التحضير له من أجل حل الأزمة

ويتمثل الحراك الداخلي في عقد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل (الذي يضع فيتو أمام انتخاب رئيس جدبد للبنان خلفا لميشال عون) اجتماعين منفصلين مع رئيس تيار المردة والمرشح الرئاسي المدعوم من الثنائي الشيعي سليمان فرنجية وأيضا مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وعلاقة باسيل بفرنجية وميقاتي متوترة منذ فترة حيث تبادل الأطراف اتهامات بتعطيل المسار الدستوري في البلاد.

أما خارجيا، فيستعد لبنان لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع بداية العام الجديد حاملا مبادرة لحل أزمة انتخاب رئيس الجمهورية، تشير مصادر إلى أنها (المبادرة) تحظى بدعم الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ولا يعارضها حزب الله.

وذكرت المصادر أن الرئيس الفرنسي بحث المبادرات المزمع عرضها على الساسة اللبنانيين مع القوى الدولية المؤثرة على الساحة اللبنانية. ومن المعروف أن انتخاب رئيس للبنان ليس شأنا داخليا صرفا بل يحتاج إلى تزكية القوى الدولية المؤثرة في الملف اللبناني.

وقال ماكرون “سأتخذ مبادرات في الأسابيع المقبلة حول كل الصعد (بشأن لبنان) وسأبذل جهدا كبيرا لذلك”. وأضاف “ما يهمني هم اللبنانيون واللبنانيات لأن الطبقة السياسية التي تعيش على حساب البلد لا تمتلك الشجاعة للتغيير”.

وأعرب الرئيس الفرنسي عن استيائه من “تصرف هذه الطبقة” وعن شكوكه بـ“طاقة الشعب اللبناني لدفعها إلى التغيير”. وتابع “نريد المساهمة في إيجاد حل سياسي بديل عبر إقامة مشاريع ملموسة وفي الوقت نفسه عدم التساهل مع الطبقة السياسية”. وكان ميقاتي تحدث مؤخرا عن معطيات خارجية، تشير إلى “شيء ما” يتم التحضير له من أجل حل الأزمة، موضحا أن “الأمور تحتاج إلى وقت”.

وعاد الحديث في الآونة الأخيرة عن إحياء وسائل ضاغطة غربية، مثل العقوبات على معطلي الانتخابات الرئاسية والإصلاحات في لبنان، والتي تنطبق على إطار قانوني سبق للاتحاد الأوروبي أن أقره، ولم تتخذ بعد في ظله إجراءات تنفيذية.

كما أن هذه الضغوط قد لا تقف عند حدود العقوبات، بل ثمة تداول لاحتمالات أخرى، تتصل بآفاق المرحلة التي يفترض أن تلي انتخاب رئيس الجمهورية والحكومة التي ستتشكل في عهده، ما يعني وضع الأسرة الدولية معايير أكثر تشددا حيال أي حكم جديد.

ورغم كل ذلك، ثمة اتصالات ومشاورات بينية يأمل اللبنانيون أن تنجح في رسم “خارطة الطريق” وأرضية مشتركة يمكن التأسيس عليها لبناء تصور رئاسي توافقي داخلي يلاقي الحراك الخارجي ويخفف من وطأة الضغوط الخارجية في التسوية المرتقبة.

◙ لبنان يشهد هذا الأسبوع حراكا داخليا وخارجيا غير مسبوق يرجح محللون أنه سينتهي بتجاوز الأزمة المؤسساتية اللبنانية

ويتوقع مراقبون ألا يعلن رئيس مجلس النواب اللبناني برّي هذه المرة عن جلسة لانتخاب رئيس جديد قبل توافق الكتل السياسية الرئيسية، فيما ترجح مصادر أن ينحصر السباق الرئاسي بين فرنجية وقائد الجيش اللبناني جوزيف عون واللذين لا يفاضل بينهما حزب الله.

وأخفق نواب البرلمان منذ سبتمبر الماضي في انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا لميشال عون، رغم عقد 10 جلسات برلمانية لهذا الغرض. وتعتبر هذه الأزمة في لبنان غير مسبوقة مع عدم وجود رئيس للبلاد وفي ظل حكومة تصريف أعمال محدودة السلطات وبرلمان منقسم على عدة خيارات.

ويبحث لبنان عن حلول للخروج من نفق أزماته المالية والاقتصادية والنقدية، منها طرق باب صندوق النقد الدولي للحصول على قرض مالي، وإمكانية تعويم العملة المحلية. وأواخر يناير 2022 بدأت الحكومة اللبنانية رسميا مفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول برنامج للتعافي الاقتصادي في البلاد.

ويشهد لبنان أسوأ أزمة مالية واقتصادية في تاريخه منذ أكثر من ثلاث سنوات أسفرت عن انخفاض القدرة الشرائية للبنانيين وارتفاع نسبة الفقر والبطالة وانهيار حاد في العملة الوطنية مقابل الدولار.

2