حراك برلماني في العراق لتمرير عشرات السفراء وفق نظام المحاصصة

بغداد – يشهد العراق خلال الفترة الراهنة حراكا برلمانيا مكثفا يهدف إلى تمرير قوائم تضم عشرات السفراء الجدد، وذلك وفقا لنظام المحاصصة السياسية المثير للجدل.
وهذه العملية التي غالبا ما تُعطى فيها الأفضلية للانتماءات الحزبية والطائفية على حساب الكفاءة المهنية، تُثير انتقادات واسعة وتعيد إلى الواجهة إشكالية عميقة في بنية النظام السياسي العراقي، حيث باتت المصالح الفئوية تُلقي بظلالها على كفاءة التمثيل الدبلوماسي للدولة.
وفي تحرك لافت، كشف عضو لجنة العلاقات النيابية عامر الفايز، أن اللجنة تعمل بالتنسيق مع وزارة الخارجية والحكومة على إدراج قائمة السفراء ضمن جدول أعمال مجلس النواب.
وأكد الفايز لوكالة "شفق نيوز" الكردية العراقية أن القائمة "تضم عشرات الأسماء من مختلف الطوائف والمكونات العراقية"، مشددا على "عدم وجود أي تهميش لأي جهة، وأن التصويت على المرشحين سيتم دفعة واحدة، خلال إحدى الجلسات المقبلة للمجلس".
وأشار الفايز إلى "وجود توافق مبدئي بين الكتل السياسية بشأن التصويت على قوائم المرشحين لمناصب السفراء، قبل انتهاء الدورة البرلمانية الحالية".
وفي تصريح لموقع "المعلومة" قال الفائز إن "عددا من السفراء الحاليين وصلوا إلى السن القانوني للتقاعد، لكن لم يتم تعيين بدلاء عنهم حتى الآن، وقد تم توثيق هذه الملاحظة بشكل رسمي لاتخاذ الإجراءات اللازمة".
وأوضح الفائز أن "ما تبقى هو استكمال بعض الأسماء المحدودة لإكمال القائمة وضمان توافق سياسي شامل حولها، ما يمهد الطريق لتصويت نيابي خلال الفترة القريبة المقبلة".
وهذا التوافق السياسي الأولي بخصوص تعيين السفراء يأتي في توقيت حرج، حيث يعاني البرلمان العراقي من شلل جزئي وتأخر مستمر في عقد الجلسات، ناتجا عن خلافات عميقة بين الكتل السياسية.
وبينما أكدت رئاسة مجلس النواب خلال جلستها الاعتيادية الاثنين الماضي على ضرورة عقد جلسات استثنائية لمناقشة الملفات العالقة، يرى نواب مستقلون أن هذه الصراعات أعمق من أن تُحل بسهولة، مما يلقي بظلال من الشك على قدرة البرلمان على إنجاز هذا الملف الدبلوماسي الكبير في الفترة القريبة.
في هذا السياق، شكك النائب جواد اليساري في تصريح إعلامي الأحد بقدرة مجلس النواب على عقد جلسات استثنائية في ظل تصاعد الخلافات، داعيا القوى السياسية إلى تغليب المصلحة الوطنية وتجاوز الخلافات المرحلية، ومطالبًا الكتل الكبرى بتحمل مسؤولياتها أمام الشعب لإعادة الثقة بالمؤسسة التشريعية التي تمر بمرحلة حرجة.
وتتعقد أزمة تعيين السفراء بشكل أكبر بسبب هذا الشلل البرلماني المتكرر وتغيب النواب عن الجلسات، مما يعرقل إقرار القوانين الحيوية ومعالجة القضايا الملحة.
وهذا التعطيل المستمر، الذي يُلقي بعض النواب مسؤوليته على الحكومة – مؤكدين أنه جاء لتفادي إحراجها بشأن بعض القوانين – لا يؤخر فقط حسم ملف السفراء، بل يمنع كذلك تمرير قوانين أخرى تمس حياة المواطن العراقي بشكل مباشر، مثل قانون الموازنة.
وقد أدت هذه الفوضى التشريعية إلى تقليص ثقة الشعب في المؤسسة التشريعية بشكل كبير، وتعقيد آفاق الإصلاح الدبلوماسي والخدماتي.
وكانت رئاسة مجلس النواب قررت في التاسع من مايو إنهاء الفصل التشريعي الأول من السنة التشريعية الرابعة – الدورة الانتخابية الخامسة، في التاسع من مايو الماضي، استنادًا إلى المادة 57 من الدستور العراقي والمادة 22 من النظام الداخلي لمجلس النواب، التي تحدد دورتي انعقاد البرلمان السنوية بثمانية أشهر.
ونشرت وسائل إعلام عراقية في وقت سابق وثيقة غير رسمية مسربة من الكتل السياسية، تتضمن ترشيح 38 سفيرا ينتمون لأحزاب وكيانات سياسية مختلفة، حيث أن تلك الأسماء هي لموظفين في وزارة الخارجية، وقد تم ترشيحهم وفق الوزن السياسي لكل كتلة تمثلهم داخل مجلس النواب، كما سيتم توزيعهم على السفارات، لسد النقص الموجود في عدد السفراء الحاليين، بالإضافة إلى تعويض المتقاعدين منهم والمستدعين إلى وزارة الخارجية.
ويعدّ السفير بحسب الأعراف الدبلوماسية، الموظف الدبلوماسي الأعلى الذي يترأس سفارة تمثيل بلاده في الخارج لدى الدولة المضيفة، ومن واجباته الأساسية بالإضافة إلى أعماله الدبلوماسية خدمة الجالية في الدولة التي يوجد فيها.
ينص قانون وزارة الخارجية لعام 2008، الخاص باختيار السفراء، على أن يكون اختيار 75 بالمئة منهم من الكوادر الدبلوماسية المتدرجة في العمل الدبلوماسي داخل الوزارة، بدءًا من ملحق وانتهاءً بالوزير المفوض.
ويُقابل هذه النسبة، نسبة أخرى وهي 25 بالمئة مخصّصة للأحزاب السياسية التي ترشح بدورها شخصيات تابعه لها وفق معايير تتعلق بالشهادة والأكاديمية وغيرها من الشروط الأخرى الواجب توفرها في الشخص المرشح، لتتم بعدها مقابلة المرشحين بحالة أشبه ما تكون بالاختبار من قبل دبلوماسيين لا يقل عددهم عن 5 سفراء أو وكيل وزارة.