حراك انتخابي مبكر في العراق وسط تحالفات جديدة وغموض بشأن مشاركة الصدر

إياد علاوي يعلن تشكيل "التجمع المدني الوطني العراقي"، فيما يرجح رئيس "تحالف تصميم" تحالف كتلته مع تيار الفراتين بزعامة السوداني لخوض الانتخابات المقبلة.
السبت 2025/02/15
توحيد الجهود الوطنية بعيدا عن المحاصصة والتدخلات الخارجية

بغداد – يبدو أن الحراك السياسي في العراق لتشكيل التحالفات الجديدة استعدادا للانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر المقبل، قد بدأ مبكرا، وسط غموض بشأن مشاركة التيار الوطني بزعامة مقتدى الصدر فيها.

إذ أعلن زعيم حركة الوفاق الوطني أياد علاوي، اليوم السبت، عن تشكيل تجمع سياسي جديد، تحت عنوان التجمع المدني الوطني العراقي.

وقال علاوي وهو رئيس وزراء أسبق في بيان "أطلقنا اسم التجمع المدني الوطني العراقي، على التشكيل الجديد، والذي يضم أحزابا وشخصيات سياسية وطنية وشيوخ عشائر وكفاءات ونشطاء سياسيين".

وأضاف أن "هذا التجمع يعد اطاراً جامعاً لكل من يؤمن بضرورة بناء دولة القانون والمؤسسات التي تقوم على العدل والمساواة وتحترم حقوق الإنسان وتضمن تكافؤ الفرص للجميع"، موضحا بأنه "تعبير عن ارادة وطنية خالصة تسعى الى الاصلاح والتغيير ضمن إطار القانون والدستور والعمل على بناء المؤسسات الناجزة وترسيخ مبادئ الديمقراطية الحقيقية”.

ودعا ابناء العراق إلى "الوقوف معا لتحويل هذا المشروع الوطني الى واقع ملموس يحقق تطلعات شعبنا في الأمن والعدالة والتنمية المستدامة"، مذكرا الجميع بقوله، "لا بديل اليوم عن مشروع وطني حقيقي يضع الأسس الراسخة لدولة مدنية ديمقراطية تحمي حقوق مواطنيها وتعمل على استعادة الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة".

وبحسب علاوي، "يهدف التجمع الى توحيد الجهود الوطنية المخلصة لبناء عراق قوي ومستقر، منفتح على العالم، ومبني على مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء، بعيدا عن المحاصصة والجهوية أو التدخلات الخارجية".

ويشار إلى أن العملية الانتخابية في العراق تجري وفق القانون الانتخابي النافذ، وهو قانون (انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 المعدل)، والنظام الانتخابي المعتمد بموجب القانون المذكور ويتم بنظام التمثيل النسبي، بحسب مختصين.

من جهة أخرى، رجح رئيس تحالف تصميم النائب عامر الفايز، اليوم السبت، تحالف كتلته مع تيار الفراتين بزعامة السوداني لخوض الانتخابات المقبلة.

وقال الفايز في تصريح إعلامي إن "تعديل قانون الانتخابات غير مطروح نهائيا، سواء داخل ائتلاف إدارة الدولة أو الإطار التنسيقي".

وأضاف أن "الحديث عن تعديله مجرد دعاية إعلامية، خاصة أن الوقت لا يسمح بتمرير التعديل، نظرًا لحاجته إلى قراءة أولى وثانية وتصويت مما قد يؤثر على الموعد الرسمي للانتخابات".

وفيما يخص التحالفات السياسية، أوضح أن "الحوارات الرسمية بشأن الانتخابات المقبلة لم تبدأ بعد، لكن تحالف تصميم لا يستبعد إمكانية التحالف مع كتلة الفراتين برئاسة السوداني في الانتخابات النيابية المقبلة".

وجاءت تلك التصريحات بالتزامن مع تصريحات الكاتب والمحلل السياسي مجاشع التميمي، والتي أكد فيها أنه ما تزال المعلومات حول عودة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للساحة السياسية والمشاركة بالانتخابات غير معلوم حتى اللحظة.

وقال التميمي لعدد من وسائل الإعلام إن "زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حينما انسحب من المشهد السياسي وضع شروطاً للعودة، ولغاية الآن هذه الشروط تصطدم برفض من قبل قوة الإطار التنسيقي، خصوصاً في موضوع تقديم المتهمين بجرائم الفساد للقضاء العراقي وضبط السلاح الموجود خارج الدولة وغيرها من الشروط التي لم تتحقق لغاية الآن".

وأشار إلى أن "عودة التيار الصدري إلى المشهد السياسي مرتبطة بإعلان رسمي من قبل زعيم التيار مقتدى الصدر، ولغاية الآن وعلى الرغم من كل البوادر والمؤشرات، وحتى المعلومات الخاصة التي تشير إلى عودة الصدريين للسياسة، لم يعلن الصدر عن أي خطوة بشأن ذلك"، فيما توقع أن “الصدريين سيعودون خلال الشهرين المقبلين.

وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في 10 فبراير الجاري، استعداداتها الفنية لإجراء انتخابات مجلس النواب 2025، مشيرة إلى أن مراكز التسجيل في المحافظات تجري حالياً التسجيل البايومتري للناخبين لغرض إنجاح عملية انتخاب مجلس النواب 2025، والتي ستجري قبل مدة (45) يوماً من تاريخ انتهاء الدورة الحالية لمجلس النواب.

وأكد مقرر مجلس النواب الأسبق، محمد عثمان الخالدي، في حينها، عن اجتماعات سياسية غير معلنة للشروع بتغيير أربع نقاط من قانون الانتخابات.

وكان نائب رئيس لجنة الأقاليم والمحافظات النيابية، جواد اليساري، كشف في 3 فبراير الجاري، عن التعديلات التي ستطال قانون الانتخابات في العراق أبرزها منح إجازة إجبارية للوزراء والمسؤولين التنفيذيين الذين يقدمون أوراقهم للترشح في الانتخابات التشريعية"، مشيرا إلى أن "هناك مقترح أيضاً يقضي بتقديم رئيس الوزراء والوزراء استقالاتهم من مناصبهم في حال كانت لديهم رغبة بالترشيح للانتخابات البرلمانية”، فيما استدرك قائلا "وهناك أيضاً مقترح لاستثناء رئيس الوزراء من تقديم الاستقالة عنده ترشحه للانتخابات".

وتثير إمكانية عودة زعيم التيار الوطني الشيعي عن قراراته السابقة هواجس حقيقية لدى أغلب القوى الشيعية الممسكة بزمام السلطة، نظرا إلى ما للرجل من شعبية وقدرة على تجييش الشارع واستمالة الناخبين وهو ما تأكّد عمليا خلال الانتخابات الماضية التي حصل فيها على عدد كبير من مقاعد البرلمان، وما منعه آنذاك من تشكيل الحكومة هو تحالف أبناء عائلته السياسية ضدّه وائتلافهم في تكتل مضيّق هو الإطار التنسيقي وآخر موسّع هو تحالف إدارة الدولة الذي ضمّ إلى جانب الأحزاب والفصائل الشيعية أحزابا سنية وكردية.

وقدم النائب عامر عبدالجبار، مقترح قانون "الحوافز الانتخابية" موقعاً من عشرة نواب، إلى رئيس البرلمان، الذي وافق بدوره على المقترح وأحاله إلى اللجنة القانونية.

ونصّ مقترح القانون على أن يُمنح الموظفون من المدنيين والعسكريين المشاركون في التصويت كتاب شكر مع احتساب خدمة إضافية لمدة ستة أشهر، أما المواطنون الذين يشاركون في الانتخابات ويدلون بأصواتهم فستُمنح لهم الأولوية في التعيين ضمن الوظائف الحكومية.

ويشمل المقترح منح كل مُصوّت من المشمولين بالالتزامات الضريبية من العاملين في القطاع الخاص بمختلف القطاعات إعفاءً ضريبياً يصل إلى مليون دينار عراقي للمشاركين في التصويت مما يخفف العبء المالي عليهم، وبالنسبة للمواطنين المشمولين بدفعات الضمان الاجتماعي المقدمة من وزارة العمل، فسيتم منحهم أولوية في إنجاز معاملاتهم الرسمية في الوزارة.

وكان عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد عنوز، أكد في يناير الماضي أن "الحديث عن نية مجلس النواب تعديل قانون الانتخابات لا يتعدى كونه تصريحات فردية وليس له وجود داخل المجلس أو اللجنة القانونية النيابية لغاية الآن”، مبينا أن “اللجنة لم يصل لها أي مقترح حول ذلك، وبحال وجود قرار سياسي أو اتجاه للتعديل، فبالتأكيد سيمر عبر اللجنة القانونية أولا، ثم يتم رفعه لرئاسة البرلمان ليوضع على جدول الأعمال".

وشهد العراق تشريع ستة قوانين انتخابية منذ عام 2003، الأول كان في مرحلة الدولة الانتقالية، حيث كان العراق كله دائرة انتخابية واحدة، مع إقرار قوائم انتخابية مغلقة.

وبالرغم من اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة 2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلا تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.

وفي 2014 أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.

وشهد القانون تغييرا جذريا عام 2020، استجابة لمطالب احتجاجات تشرين (خريف 2019)، إذ اعتمد على الأكثرية بدلا من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية، ما أسهمت بفوز عشرات المستقلين لأول مرة، وتراجع في حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من تحقيق الأغلبية، الأمر الذي دفع الأحزاب التقليدية للسعي إلى تغيير القانون، وهو ما حدث بالفعل في 27 مارس 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بشهور.

وكان مجلس النواب العراقي قد صوت خلال جلسته التي عقدت في الـ27 من مارس 2023 بحضور 218 نائبا على قانون "التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لعام 2018".

وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات أكتوبر 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.

وبحسب سياسيين، فإن الأحزاب الناشئة والمرشحين المستقلين استفادوا من قانون الدوائر المتعددة، الذي يمنح المرشح فوزه المباشر من خلال أعداد المصوتين له، لكن نظام الدائرة الواحدة يعطي للقائمة الانتخابية أصوات الناخبين للمرشحين ضمن هذه القائمة، لكن في المقابل رأى مراقبون للشأن العراقي أن التعديلات الأخيرة تعزز هيمنة الأحزاب التقليدية على حساب القوى الناشئة.