حراك الشارع الجزائري على إيقاع أغنيات يوتيوب

تفاعلت مجموعة من الفنانين الجزائريين المقيمين داخل وخارج البلاد مع الحراك الشعبي بإصدار أغان تعبر عن مطالبه وتشيد بالمظاهرات وسلميتها، وهي الأغاني التي لقيت رواجا كبيرا.
الجزائر - شكلت المظاهرات الشعبية بالجزائر محطة إلهام لمطربين جزائريين أطلقوا أغنيات تدعم الحراك ضد نظام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.
وتعيش الجزائر مظاهرات شعبية سلمية منذ 22 فبراير الماضي، وصفت بأنها الأكبر في تاريخ البلاد، للمطالبة بمغادرة بوتفليقة الحكم مع نهاية ولايته الرابعة ورحيل كل رموز نظامه.
طرح المغنيان إبراهيم حدرباش وحسين بلحاج، السبت الماضي، أغنية مصورة تحت عنوان “قولولو” (قولوا له) دعما للحراك الشعبي وإشادة بسلوكات الجزائريين في المظاهرات.
وحصدت الأغنية 278 ألف مشاهدة في غضون 7 أيام، على موقع يوتيوب لتبادل الفيديوهات.
وقال حدرباش “الأغنية ثنائية مع حسين بلحاج، وحصدت 278 ألف مشاهدة منذ إطلاقها السبت الماضي، ولا تزال المشاهدات مستمرة”. وأضاف “فكرتها تعود لزميلي الفنان حسين بلحاج الذي أراد أن يبرهن على حبه للوطن ودعمه للشعب عبر هذه الأغنية”.
وتابع قائلا “الأغنية تعبر عن الاعتزاز بالوطن، وفي الوقت نفسه تعبر عن استياء الشعب من السلطة والواقع المعيش”.
وأشار المطرب إلى أن “رسالة العمل تدعو إلى نبذ التفرقة والعنصرية وتدعو إلى وحدة الشعب وتشيد بالحراك السلمي الذي قام به”.
وتقول الأغنية في بعض مقاطعها “قولولو الحال ما خرجش علينا (أخبروه أنّ الوضع لم يعد يناسبنا)، رانا كرهنا ومليّنا (كرهنا ومللنا)، جدّي مات عليها (جدّي توفي من أجل البلاد). ما نسمح فيها والجهوية نمحيها (لا أسمح في بلدي وأمحو الجهوية والعنصرية)، جمهورية حضارية نخلي العالم يحكي عليّا (جمهورية حضارية وأترك العالم يتحدث عليّ)”.
وفي الـ14 من مارس الجاري، أطلق مغني الراب الجزائري المقيم في فرنسا سولكنيغ واسمه الحقيقي عبدالرؤوف دراجي، عبر قناته الرسمية على يوتيوب أغنية مصورة بعنوان “la liberté” (الحرية).
وحققت أغنية “الحرية” التي شاركت فيها فرقة “أولاد البهجة” الموسيقية، خلال 16 يوما، نحو 36 مليون مشاهدة على موقع يوتيوب.
وتفاعل الجزائريون مع أغنية “الحرية” بقوة، حيث اتخذوها كشعار لهم في المظاهرات الشعبية ضد نظام بوتفليقة.
وتقول بعض مقاطع الأغنية “الحرية، الحرية، الحرية هي في القلوب قبل كل شيء، الحرية لا تخيفنا، ونعتذر إن وجدنا، يظهر أنّ السلطة تشترى وما يبقى لنا سوى الحرية. إذا تكرر السيناريو فسنكون على موعد مع العرس، ارحلوا من فضلكم، أقولها لكم بلطف..”.
كما عبرت المطربة الجزائرية المقيمة بالتشيك رجاء مزيان عن رفضها ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وترجمت ذلك في أغنية عنوانها “ألو سيستام” (ألو النظام)، في 5 مارس الجاري. وحصدت الأغنية منذ إطلاقها أكثر من 15 مشاهدة.
وتحتوي الأغنية على عبارات ترفض الولاية الخامسة منها “جمهورية أردناها شعبية وليست ملكية”، و”ألو.. أيّها النظام هل تسمعني أم أنك أغلقت أذنيك..”.
كما تقول رجاء مزيان في الأغنية “خرجنا للشارع لنقول كفى وأنتم خائفون، تحبون الفوضى، انهزمتم وربحنا هذه المرة، لقد حلفتم أن تتركوا البلد في محنة سوداء ثم تفرّون..”.
وفي الـ11 من مارس الحالي أعلن بوتفليقة (82 عاما) سحب ترشحه لولاية رئاسية خامسة وتأجيل انتخابات الرئاسة التي كانت مقررة في 18 أبريل المقبل.
وعقب يوم واحد من المظاهرات الحاشدة التي شهدتها جمعة الـ8 من مارس تزامنا وعيد المرأة، أطلقت المغنية الجزائرية أمال زان أغنية بعنوان “حرّة” تكريما للمرأة الجزائرية التي سجلت حضورها بقوة في الحراك. وحصدت الأغنية حتى الآن 145 ألف مشاهدة.
وبعد بدء الحراك في الـ22 من فبراير الماضي، انتعشت أغاني الحراك، حيث نشر في الـ10 من مارس الجاري مغني الراب الجزائري المقيم في فرنسا لطفي دوبل كانون واسمه الحقيقي لطفي بلعمري على قناته بيوتيوب أغنية حملت عنوان “ضد العهدة الخامسة”. وحصدت الأغنية منذ إطلاقها نحو 3 ملايين و300 ألف مشاهدة. وفي أغنيته، ينتقد دوبل كانون ترشح بوتفليقة لولاية خامسة قبل أن يسحب ترشحه.
وأول مارس الحالي أصدرت مجموعة من الفنانين (لم يذكروا أسماءهم) باللغات العربية والفرنسية والأمازيغية أغنية “يوم الشعب” تدعم فيها الحراك الشعبي وترفض استمرار بوتفليقة. وتقول الأغنية، التي حصدت الملايين من المشاهدات، “أمي أولادك متحضرين طالبين ديمقراطية، خذي الورد والياسمين في مسيرة سلمية”. وتضيف “الشعب يقول حرروا الجزائر والنظام لم يفهمه، عشرون سنة وما شبعتوش (لم تشبعوا)، حرروا الجزائر”.
تقول الإعلامية الجزائرية المختصة في الشأن الفني دليلة مالك إنّ “الأغنية الناقدة للنظام في الجزائر اقترنت بالمغني الأمازيغي معطوب الوناس (1956-1998) الذي أفنى حياته في سبيل قول كلمة الحق ونقل صوت الشعب ومعاناته”. وأضافت مالك “وقتها لم تكن حرية التعبير متاحة على منابر مواقع التواصل الاجتماعي مثلما هي عليه اليوم”. وتابعت قائلة “الأغاني التي أطلقها مؤخرا فنانون أضحت نشيدا للجزائريين يعبّرون من خلالها عن وضعهم ومطالبهم السياسية”.
وأشارت المتحدثة إلى أنّ “أغاني الحراك الشعبي تنتقد السلطة وتطالبها بالرحيل والاستجابة لمطالب الشعب”.
ولفتت المتحدثة إلى أنّ هذه الأغاني مثل “الحرية”، و”يوم الشعب” وغيرهما تحمل في طياتها رسالة عن تحضر الشعبي الجزائري وسلميته التي تجلت في المظاهرات الحاشدة.
يشار إلى أنّ هؤلاء الفنانين سواء داخل البلاد أو في الخارج خرجوا إلى الشارع وشاركوا في المظاهرات الشعبية الرافضة لاستمرار حكم بوتفليقة.
والثلاثاء، دعا قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، إلى تطبيق مادة دستورية تنص على شغور منصب رئيس البلاد كحل “توافقي” يحفظ سيادة الدولة ويستجيب لمطالب الشعب.
وتنص المادة 102 من الدستور على أنه في حالة استقالة الرئيس أو وفاته أو عجزه يخلفه رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، لمدة 90 يوما، تنظم خلالها انتخابات.
وبينما اعتبرت أغلب قوى المعارضة في البلاد الدعوة خطوة غير كافية لتلبية مطالب الشعب، أعلنت أحزاب من الموالاة دعمها للخطوة، في وقت يلتزم فيه حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم الذي يرأسه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الصمت إزاء الدعوة.