حراك السويداء يربك سلطة الأسد وسط تحذيرات من أن القادم أسوأ

الاحتجاجات في السويداء تشكل تحديا كبيرا لنظام الرئيس بشار الأسد، الذي كان يراهن على أن تجاهلها قد يفضي إلى انحسارها مع الوقت.
الخميس 2024/02/29
صمود لافت

السويداء (سوريا)- تتجه الأوضاع في محافظة السويداء بجنوب سوريا نحو المزيد من التصعيد، مع سقوط أول متظاهر منذ بدء الحراك الشعبي المناهض للنظام قبل نحو ستة أشهر، وفي ظل تحذيرات أممية من أن القادم أسوأ في سوريا.

وتشكل الاحتجاجات في السويداء تحديا كبيرا لنظام الرئيس بشار الأسد، الذي كان يراهن على أن تجاهلها قد يفضي إلى انحسارها مع الوقت، لكن المحتجين أظهروا صمودا لافتا مع تطوير أشكال تحركهم التي لم تعد تقتصر على التظاهر في ساحة الكرامة وسط المدينة، حيث امتدت مؤخرا إلى المؤسسات الحكومية.

وقتل جواد توفيق الباروكي (54 عاما)، بطلقة نارية طائشة خلال محاولات عناصر الأمن السوري تفريق محتجين كانوا يريدون اقتحام “صالة السابع من نيسان”، التي اتخذتها السلطات الأسبوع الماضي مركزا لإجراء تسويات تهم المتخلفين عن أداء الخدمة الإلزامية أو المتهمين بالتورط في قضايا أمنية.

حكمت الهجري الباروكي: الأيادي التي قامت بإطلاق النار أيادي غادرة
حكمت الهجري الباروكي: الأيادي التي قامت بإطلاق النار أيادي غادرة

وقال مدير تحرير شبكة “السويداء 24” الإخبارية، ريان معروف إن المركز الذي اقتحمه المتظاهرون كان النظام قد استأنف فيه عمليات “التسوية” الأسبوع الماضي. وأوضح معروف “عندما دخل المتظاهرون إلى ساحة مركز التسويات دخلوا بجدال لفظي مع القوات الأمنية المنتشرة هناك، وبعدما تطور الأمر لإطلاق نار، دخلت رصاصة بشكل مباشرة في صدر الباروكي”.

وصرح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن بأن القتيل “هو أول ضحية تسقط برصاص قوات الأمن السورية وموالين لها منذ انطلاق التظاهرات الاحتجاجية في المدينة”.

وتداعى عدد كبير من نشطاء الحراك منذ الثلاثاء الماضي للاحتجاج على إعادة فتح مركز التسويات الأمنية، الذي توقف منذ عدة أشهر بسبب الحراك الشعبي.

ويعتقد النشطاء أن استئناف المركز لنشاطه الأربعاء الماضي يستهدف تسجيل أسماء المشاركين في الحراك الشعبي لملاحقتهم في مرحلة لاحقة.

ووصف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في السويداء الشيخ حكمت الهجري الباروكي بـ”شهيد الواجب”، وأن “الأيادي التي قامت بإطلاق النار أيادي غادرة”.

وأكد الهجري في بيان له على ضرورة الحفاظ على المسار السلمي للحراك، حاثا المتظاهرين على ضبط النفس وعدم الانجرار خلف مخططات النظام.

واندلعت الاحتجاجات في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية في أغسطس الماضي ردا على تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية، لكنها سرعان ما تحولت إلى المطالبة برحيل نظام الرئيس بشار الأسد وتحقيق انتقال سياسي للسلطة وفق القرارات الأممية.

وقد اعتمد النظام عدة طرق لاحتواء الحراك من بينها التجاهل، مستبعدا المقاربة الأمنية، التي كانت تسببت له في العام 2011 في ثورة شعبية تحولت إلى تمرد مسلح ما يزال يعانيه من تبعاته في بعض المحافظات الواقعة في شمال غرب وشرق البلاد.

غير بيدرسن: هناك حاجة إلى  وقف عاجل للتصعيد داخل سوريا
غير بيدرسن: هناك حاجة إلى  وقف عاجل للتصعيد داخل سوريا

لكن المحتجين رفضوا التنازل عن مطابلهم، واتخذ الحراك زخما أكبر خلال الفترة الأخيرة مع انضمام مكونات مدنية ونقابية له، وبات الحراك الذي يحظى بتأييد المرجعية الروحية الدرزية، أكثر تنظيما. ولم تعد تقتصر الفعاليات على مجرد الاحتجاج في وسط المدينة بل امتدت إلى المؤسسات الحكومية بداعي تطهيرها من الفساد وتحريرها من هيمنة المسؤولين البعثيين. وفي أنحاء المحافظة، أجبر المحتجون عشرات الأفرع المحلية لحزب البعث الحاكم على الإغلاق ومزقوا صورا للرئيس ووالده الرئيس الراحل حافظ في استعراض نادر للتحدي في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة.

ويرى متابعون أن هناك مخاوف حقيقية من انفجار الوضع الأمني مجددا في سوريا، ودخول أطراف على خط الأزمة في ظل التوتر الذي تشهده المنطقة على خلفية حرب غزة، وإن كان المحتجون في السويداء يتمسكون بالطابع السلمي.

وأعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، عن قلق عميق إزاء الوضع على الأرض في سوريا والأثر المدمر الذي يخلفه على المدنيين، منبها إلى أن الوضع يسوء هناك وفقاً لجميع المؤشرات، وأن الوضع الراهن غير مستدام ولا يمكن السيطرة عليه.

ولفت بيدرسون في إحاطته أمام جلسة لمجلس الأمن بشأن الوضع في سوريا، عقدت مساء الثلاثاء، الانتباه إلى ما شهده هذا الشهر من المزيد من الآثار غير المباشرة الناجمة عن الصراع الإقليمي.

وأضاف بيدرسون “في الوقت نفسه، تستمر جميع العوامل الأخرى للصراع السوري نفسه، وتظل السبب الأكبر للضحايا المدنيين والنزوح”. وشدد على أن هناك حاجة إلى “وقف عاجل للتصعيد داخل سوريا”، والبناء على ترتيبات وقف إطلاق النار القائمة، وصولا إلى وقف لإطلاق النار على الصعيد الوطني بما يتماشى مع القرار 2254.

وتحدث المبعوث الأممي عن الاجتماع الذي عقده الشهر الجاري لمجموعة العمل المعنية بشؤون وقف إطلاق النار التابعة للمجموعة الدولية لدعم سوريا، حيث أكدت جميع الأصوات حول الطاولة أنه لا أحد يرغب في رؤية المزيد من التصعيد، مؤكداً أنه “من المهم أن يتصرف جميع أصحاب المصلحة وفقا لذلك”.

2