"حرائق سياسية" بمناسبة عيد الفطر في تونس

تونس – أثارت موجة من الحرائق شهدتها مناطق متفرقة في تونس بمناسبة عطلة عيد الفطر تساؤلات عن وجود “أياد سياسية” وراءها في ضوء التوتر القائم بين الرئيس قيس سعيد من ناحية وحركة النهضة الإسلامية وحلفائها من ناحية ثانية.
وشهد اليوم الأول من عيد الفطر اندلاع حرائق متزامنة في عدد من محافظات البلاد، على غرار الحريق الذي نشب في سوق الحنة بقابس والحريق الآخر في مصنع “الفريب” (الملابس المستعملة) في بن عروس، تلاه حريق آخر في نزل بمحافظة نابل وحريق في مستودع للحافلات بمحافظة بنزرت.
وأكد الناطق الرسمي للحماية المدنية العميد معز تريعة الاثنين أنّ الحماية تدخلت في أوّل أيام عيد الفطر لإخماد 23 حريقًا متفاوتة الخطورة في مختلف مناطق البلاد، فيما تمّ التدخّل لإطفاء 36 حريقًا قبل ذلك بيوم.
وقالت أوساط سياسية تونسية إن تزامن العشرات من الحرائق يحمل بصمات سياسية شبيهة بتلك التي حصلت في سنوات ماضية، حيث كان يتم صرف الأنظار عن التوتر السياسي بمجموعة من الحرائق التي تطال في أغلب الأحيان الجبال وحقول القمح وبعض المنشآت العامة والخاصة، وهو ما يمكّن من توجيه اهتمام الناس إلى الحرائق والحوار الإعلامي حولها.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن البعد السياسي لهذه الحرائق بدا واضحا في بيان حركة النهضة الإسلامية حين قللت من أهمية التدخل الحكومي في حريق السوق التقليدية بمحافظة قابس (جنوبا) وربطته بالفراغ الحاصل في مستوى أعلى هرم المحافظة.
واعتبرت الحركة في بيانها أن “حجم التدخل كان بسيطا جدا بالقياس إلى ضخامة الحريق”، كما “كان للفراغ في السلطة الجهوية أثر كبير، وذلك بعدم وجود وال (محافظ) للجهة”، وأنه “لولا التدخل الفاعل الذي قام به رئيس البلدية (محسوب على النهضة) لكان الخطب أشد”.
وتابعت النهضة “قلوبنا في يوم عيدنا ملتاعة على المصاب الجلل لأهلنا في قابس الحبيبة، ندعو الجهات الرسمية والأهلية إلى المسارعة بالتعبير عن التضامن مع المصابين”.

محسن النابتي: بيان النهضة زاد في الشكوك حول أسباب الحرائق
واعتبر مراقبون أن سرعة إصدار البيان، وبمضمون يهدف إلى استثمار هذا الحدث المأساوي لتحصيل نتائج سياسية عاجلة ضد الحكومة الحالية والرئيس سعيد، تظهر أن النهضة التي كانت تتهم خصومها في السابق بافتعال الحرائق والأزمات لإرباك حكوماتها قد وقعت في نفس اللعبة وأنها تعمل على إخراجها من بعدها الجنائي المباشر إلى قضية سياسية.
وقال الناطق باسم حزب التيار الشعبي محسن النابتي إن الجزم في موضوع الحرائق يبقى بيد القضاء والأجهزة الأمنية، لكن الشارع التونسي متوجس خاصة أن هذا الفصل ليس بفصل حرائق في تونس.
وتابع النابتي في تصريح لـ”العرب” أن “تونس تشهد أحيانا حرائق عندما تسجل درجات حرارة قياسية، لكن الآن نحن في فصل الربيع، وأن تكون يوم العيد وهو يوم عطلة لا يوجد فيه نشاط ومتزامنة في وقت تكاد تكون فيه الحركة معدومة في البلاد فذلك يعتبر مدعاة للريبة”.
وأضاف أن “بيان النهضة أيضا زاد في الشكوك حيث يعد بيانا مريبا جدا، خاصة أنهم تحدثوا عن دور البلدية وهي بلدية ليست لها أي إمكانيات وهي معطلة في قابس وغير قادرة على رفع الفضلات فما بالك بإخماد حريق، ثم استثمار الحريق بعد دقائق من اندلاعه من أجل تبييض ساحة رئيس البلدية” الذي يتبع النهضة.
وشدد الناطق الرسمي للحماية المدنية على استعدادات الحماية المدنية لمجابهة موسم الحرائق القادم، والذي يتزامن مع فترة الحصاد، وقال “الحماية مسؤولية الجميع بدءًا من كل مواطن”.
وعن أبرز هذه التدخلات للإطفاء في اليوم الأول من أيام عيد الفطر ذكر تريعة أن فرق الإطفاء التابعة للإدارة الجهوية للحماية المدنية في بن عروس تولت التدخل لإطفاء حريق اندلع بمعمل للملابس المستعملة في المنطقة الصناعية من المحافظة.
وقال “هذا المعمل متوقف عن النشاط منذ سنتين، وقد تحوّل إلى مستودع يحتوي على كمية هامة من الملابس، وبدأ في الاحتراق عند الساعة 7.30 صباحًا، قبل أن نوجّه إليه 9 شاحنات إطفاء، لنتمكن من تطويقه”.

