حديث "ودي" بين وزيري خارجية السعودية وإيران دون انتظارات كثيرة

الرياض - أعلن وزير الخارجية الإيراني الأربعاء أنه أجرى “حديثا وديا” مع نظيره السعودي على هامش قمة إقليمية عقدت في الأردن، لكنّ مراقبين يشككون في إمكانية عقد انتظارات كبيرة على هذا اللقاء، لاسيما وأن الخلافات بين الجانبين جد عميقة ولا تحل بمجرد حديث عابر.
ويشكل اللقاء أعلى مستوى للقاءات عقدت بين مسؤولي البلدين منذ أن قطعا العلاقات في العام 2016، ويأتي بعد اتهامات ساقتها طهران بلعب الرياض دورا في الاحتجاجات التي تشهدها منذ أشهر.
واندلعت في إيران اعتبارا من السادس عشر من سبتمبر احتجاجات في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق. وقضى العشرات، بينهم عناصر من قوات الأمن، على هامش الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات.
واتهم مسؤولون إيرانيون “أعداء” الجمهورية الإسلامية، تتقدمهم الولايات المتحدة، بالضلوع في الاحتجاجات. كذلك، تحدّثوا عن دور للسعودية، الخصم الإقليمي للجمهورية الإسلامية، خصوصا عبر وسائل إعلام ناطقة بالفارسية خارج إيران، تعتبرها طهران “معادية” وتتهمها بتلقّي تمويل من الرياض.
وكتب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان عبر تويتر “حضرت مؤتمر بغداد 2 في الأردن لنؤكد دعمنا للعراق، وعلى هامش الاجتماع أتيحت لي الفرصة أيضا للحديث الودي مع بعض نظرائي ومنهم وزراء خارجية عمان، قطر، العراق، الكويت والسعودية”.
وأضاف عبداللهيان في تغريدته المنشورة بالعربية “أكد لي الوزير السعودي الأمير فيصل بن فرحان استعداد بلاده لاستمرار الحوار مع إيران”.
ومثّل عبداللهيان وبن فرحان بلده في مؤتمر “بغداد 2” الذي استضافه الأردن بمشاركة العراق ودول الجوار، إضافة الى فرنسا.
وبدأ الخصمان الإقليميان عقد حوار في بغداد اعتبارا من أبريل 2021، سعيا لتحسين العلاقات المقطوعة بينهما منذ مطلع 2016. إلا أن الحوار الذي لم يتعد الجانب الأمني دخل في حال من المراوحة في الأشهر الماضية، وأجريت آخر جولة معلنة منه في أبريل 2022.
وعلى الرغم من إعلان بغداد في يوليو التحضير للقاء علني بين وزيري الخارجية الإيراني والعراقي، لم يتم إلى الآن تحديد موعد للقاء كهذا، أو الكشف علنا عن جولات حوار إضافية.
ولم تعلق السعودية على تصريحات وزير الخارجية الإيراني سلبا أو إيجابا. وهناك خلافات عميقة بين إيران والسعودية بسبب سياسات طهران التوسعية، ومحاولتها محاصرة المملكة من خلال الدعم العسكري واللوجستي اللامحدود الذي تقدمه لاسيما للمتمردين الحوثيين في اليمن.
ويرى مراقبون أنه بعيدا عن ازدواجية الخطاب الذي تعتمده إيران في التعاطي مع الرياض والذي يتأرجح بين التهدئة والتصعيد، فإنه من غير المحتمل رؤية أي تحول في العلاقة بينهما طالما لم تعالج طهران هواجس الرياض.
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني دعا السعودية في نوفمبر إلى تغيير سلوكها “غير الودي” حيال بلاده، مؤكدا أن طهران ستواصل اتباع المسار الدبلوماسي مع الرياض. وكرر مسؤولون إيرانيون انتقاد السعودية منذ بدء الاحتجاجات.
وقال وزير الأمن (الاستخبارات) إسماعيل خطيب إن في الاحتجاجات “كانت يد النظام السعودي تُشاهد بوضوح إنفاق الأموال”، وذلك في حوار مع موقع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي نشر في التاسع من نوفمبر.
وأضاف بشأن السعودية “إنّ مصيرنا وسائر دول المنطقة مترابط”، محذرا من أن “أي انعدام للاستقرار في دول المنطقة يُمكن أن يسري إلى الدول الأخرى، وأنّ أي زعزعة للاستقرار في إيران قد تسري إلى دول المنطقة”.
كذلك، وجّه قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي أواخر أكتوبر تحذيرا إلى “آل سعود ووسائل الإعلام تحت سيطرتهم”، مضيفا “أنتم الذين تحرّضون الناس وتزرعون بذار الفتنة… فكروا بما يمكن أن يحصل لكم”.