#حجة_البانيو تتصدر الترند بعد وعود التحول الرقمي في ليبيا

مزيج من الغضب والسخرية على مواقع التواصل بسبب مشاهد قرعة الحج الصادمة.
الاثنين 2025/02/10
رحلة العمر

أثار تنظيم قرعة الحج بطريقة بدائية في ليبيا انتقادات وسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب استخدام حوض غسيل وأوراق متناثرة، في حين أن الحكومة تروج للتحول الرقمي والتقنيات الحديثة في الإدارة وهو ما صدم المتابعين للقرعة.

طرابلس - تحول إعلان نتائج قرعة الحج لعام 2025، في ليبيا إلى مادة للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب الطريقة التي أجريت بها القرعة داخل حوض بلاستيكي يستخدم للغسيل يطلق عليه “بانيو”، وأوراق مختلطة تسقط خارجه، وهو ما أثار تندر الليبيين وسخريتهم إلى درجة أنهم أطلقوا هاشتاغ #حجة_البانيو.

وتعود الانتقادات بالدرجة الأولى إلى أن الدولة الليبية أنفقت أكثر من 300 مليون دينار على مشاريع التحول الرقمي، ليجد المواطنون أنفسهم أمام مشهد بدائي غير متوقع؛ بقرعة تجري في وعاء غسيل. وسخر عضو مجلس النواب جاب الله الشيباني مما حدث في قرعة الحج، مشيرا إلى أن “أهلنا سيؤرخون بعام حجة البانيو”.

وقال الشيباني، في منشور عبر فيسبوك، “كان أهلنا يؤرخون بأحداث مهمة أو مثيرة تحصل لهم مثل عام الزينقو، عام الصابة، عام خشو الطليان، عام الهجة وغيرها، يبدو أن هذه الحادثة ستفرض نفسها على تاريخنا وسنؤرخ ‘عام حجة البانيو’، هي صارت صارت وليبيا طاحت طاحت. اللهم ولي علينا خيارنا”.

وكانت الهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة استخدمت حوض بلاستيك أزرق اللون مملوءا بالأوراق لإجراء عملية السحب، رغم أن التسجيل تم إلكترونيا ضمن خطة التحول الرقمي التي أطلقتها حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة.

وانتشرت مشاهد صادمة للقرعة، حيث تولت بعض اللجان المشرفة وضع قصاصات الورق التي تحمل أسماء المسجلين في القرعة داخل الحوض البلاستيكي، بينما لجأ آخرون إلى أكياس قمامة. في حين رمى آخرون الأوراق مباشرة على الأرض، ليتم في مرحلة ثانية خلط الأوراق يدويا، ثم سحب الأسماء الفائزة.

وتداول الليبيون مشاهد قرعة الحج عام 2025 غير المتوقعة على الشبكات الاجتماعية، وسط موجة من التعليقات الساخرة بين الليبيين، الذين اعتبروا أن استخدام أدوات بسيطة يتنافى مع أهداف الرقمنة والتطور التكنولوجي، وقال أحدهم:

analyzer_zig@

وسخر آخر:

AnisAbdaljawad@

وكتب آخر:
ALYASHOR2@

وجاء في تعليق ساخر:
moataz2016727@

وتساءل العديد من الناشطين حول المعايير التي تم اتباعها في اختيار بعثة الحج، وكتب مدون:
Mohaeljazwey@

القصة مش في البانيو الأزرق، القصة في اختيار بعثة ليبيا للحجاج. هل هناك معايير واضحة؟ أم أن الاختيار مبني على العلاقات الشخصية؟ المفروض البعثة تساعد الحجاج، لكن اختيارها لا يزال سرا من أسرار الدولة العميقة. #حجة_البانيو.

وأبدى البعض انزعاجهم من السخرية التي اجتاحت المنصات، مؤكدين أنه يجب احترام مشاعر الحجاج وعدم التهكم على فوزهم الذي انتظروه أعواما طويلة، وكتب أحدهم:
alsonusy22@

وتزايدت الأصوات المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذه الخطوة، التي اعتبرها كثيرون انتكاسة في مسار التحول الرقمي في ليبيا. ورأى متابعون أن منذ سنوات، كان الحديث عن التحول الرقمي أحد العناوين العريضة في تصريحات المسؤولين الليبيين، حيث وُعد المواطنون بمنظومات حديثة وخدمات إلكترونية تُضاهي الدول المتقدمة.

وأضافوا أن ما حدث في قرعة الحج لهذا العام جاء ليكذب كل هذه الوعود، ويكشف عن مستوى التراجع الفعلي. ففي عصر الذكاء الاصطناعي والمنصات الرقمية، كان الحل الذي لجأت إليه الهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة هو استخدام معدات منزلية بدائية، وكأن ليبيا تعيش في القرن الماضي.

وفقا للتصريحات الرسمية، فإن عدد المسجلين في قرعة الحج لهذا العام تجاوز المليون ومئة ألف شخص، بينما لم تتجاوز حصة ليبيا الرسمية 7800 حاج. وكانت الأنظار تتجه إلى كيفية تنظيم هذا العدد الهائل عبر منظومات إلكترونية شفافة، الأمر الذي دفع العديد من الشخصيات السياسية والحقوقية إلى التعبير عن غضبهم، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذا الفشل الذريع في تنظيم القرعة البدائية أمام الرأي العام ووسائل الإعلام.

◙ أصوات تطالب بمحاسبة المسؤولين عن تنظيم القرعة البدائية التي اعتبرها كثيرون انتكاسة في مسار التحول الرقمي

ووصف النائب بالخير الشعاب ما حدث بأنه “غير حضاري”، مشيرا إلى أن استخدام “بانيو غسيل” وخلط الأوراق باليد أمر غير مقبول. أما الناشط الحقوقي ناصر الهواري فقد كان أكثر حدة في انتقاده، متسائلا “277 مليون دينار صُرفت لهيئة الأوقاف عام 2024، وفي النهاية نُجري القرعة داخل بانيو؟”

وقال آخرون إن ما جرى في قرعة الحج يعيد إلى الواجهة الأسئلة التي طالما طرحها المواطنون: أين ذهبت أموال التحول الرقمي؟ ولماذا تتعطل المشاريع التي يُفترض أنها ستقود ليبيا إلى المستقبل؟ وهل هناك فساد وراء هذه الإخفاقات المتكررة؟

في المقابل، دافع الناشط جمال الكفالي عن طريقة سحب الأسماء الفائزة يدويا، وكتب ” لو لم تجر القرعة هكذا، وشاهدها الجميع، لن يقبل بها الشعب”.

وأكد ناشطون أن الفجوة بين الخطاب الرسمي والتطبيق الفعلي باتت واضحة، حيث تتكدس المشاريع الورقية بينما يظل المواطن ضحية لوعود لا تُنفذ. فالتحول الرقمي ليس شعارات رنانة أو تصريحات إعلامية، بل هو مشاريع فعلية توفر حلولا عملية وشفافة، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.

وكان الجدل حول الحج قد بدأ منذ إعلان رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة للعام الثاني على التوالي أن الدولة ستتكفل بكامل تكاليف الحج لمواطنيها في الموسم المقبل، مشيرا إلى أن هذا القرار يأتي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الكثير من الليبيين.

وقال الدبيبة إن الدولة ستتحمل الكلفة كاملة، والتي تقدر بأكثر من 50 ألف دينار (9 آلاف دولار) ليبي للحاج الواحد، مع إعطاء المواطنين الراغبين في تحمل هذه الكلفة بأنفسهم حرية القيام بذلك، بينما بدأ الحديث عن الدوافع الحقيقية وراء هذا القرار، وما إذا كان يدخل في إطار البحث عن دعم لشرعيته السياسية المترهلة أم أنه يهدف إلى اكتساب شعبية قد يحتاج إليها في أي موعد انتخابي قادم.

وتقدمت الهيئة العامة للحج بلائحة التكاليف إلى الدبيبة الذي انتقد أداء اللجان المرافقة للحجاج في الأعوام السابقة، مؤكدا على ضرورة اختيار الكفاءات للجان هذا العام وفق ضوابط صارمة، ومحذرا من المحسوبية والوساطة.

5