حبوب لقاح النباتات تضعف مقاومة جهاز المناعة لكورونا

معدلات الإصابة بوباء كورونا في المناطق التي لا يوجد بها إغلاق محلي ترتفع بمعدل 4 في المئة عندما يصل عدد حبوب لقاح النباتات إلى 100 في كل متر مكعب.
الخميس 2021/03/18
معاناة مزدوجة

سلّطت دراسة جديدة الضوء على مادة غير معروفة في حبوب اللقاح تساهم في إضعاف خط الدفاع الأول ضد فايروسات الجهاز التنفسي، وذلك بغض النظر عمّا إذا كان الشخص يعاني من الحساسية أم لا.

برلين- حذرت دراسة أجراها علماء في ألمانيا من أن ارتفاع عدد حبوب اللقاح الخاصة بالنباتات، يمكن أن يؤدي إلى خطر أكبر للعدوى بكوفيد – 19.

ولاحظ فريق من جامعة ميونخ التقنية أن ارتفاع عدد حبوب اللقاح يرتبط بارتفاع أعداد الإصابة بفايروس كورونا، وفقا للدراسة المنشورة في الأكاديمية الوطنية للعلوم. ووفقا للدراسة، فإن معدلات الإصابة في المناطق التي لا يوجد بها إغلاق محلي ترتفع بمعدل 4 في المئة عندما يصل عدد حبوب اللقاح إلى 100 في كل متر مكعب.

وفي بيانات من بعض المدن الألمانية التي تم تحليلها في الدراسة، ارتفعت معدلات حبوب اللقاح إلى 500 لكل متر مكعب، وارتفعت معدلات الإصابة بنسبة 20 في المئة. وارتبطت أعداد حبوب اللقاح ومعدلات الإصابة اليومية بالعدوى في كل من المناطق التي توجد بها تدابير إغلاق والتي من دون إغلاق.

الإصابات زادت

ستيفاني جيلس: لا نعلم بعد أي مكون في حبوب اللقاح هو المضر

لكن إذا كان السكان يمكثون في منازلهم، فإن الإصابات زادت بنصف المعدل الذي تم تسجيله عندما تمكن السكان من التنقل بحرية. واستندت الدراسة التي أجريت إلى بيانات من حوالي 248 موقعا من أنحاء كرة الأرضية، والعديد منها في إسبانيا.

وأكد الباحثون المشرفون على الدراسة أن حبوب اللقاح تضعف خط الدفاع الأول ضد فايروسات الجهاز التنفسي، وهذا بغض النظر عما إذا كان الشخص يعاني من الحساسية أم لا. وقالت ماريا ديل مار تريغو، الخبيرة في علم النبات ووظائف الأعضاء من جامعة مالقة والمشاركة في الدراسة “كلما ازدادت حبوب اللقاح، ازدادت العدوى”.

ودرست الباحثة مع الفريق المشارك في البحث الكمية اليومية للحبوب في 248 محطة بيولوجية هوائية توجد بـ31 دولة وعدد الإصابات في أقرب منطقة (محلية وإقليمية ووطنية)، فعلى سبيل المثال، في حالة مدينة مالقة الإسبانية، ركزت الإحصائيات على المنطقة الحضرية للمدينة الأندلسية.

وتلتقط هذه المحطات الجزيئات الموجودة في الهواء سواء كانت حبوب اللقاح أو البكتيريا أو الغبار غير العضوي، وبمجرد جمعها يتم التعرف عليها في المختبر. وثبُتت العلاقة بين حبوب اللقاح والعدوى في جميع المناطق المدروسة تقريبا، ومعظمها أوروبية، حتى إن الدراسة أعطت نسبا ملموسة.

وكانت عشر محطات فقط في نصف الكرة الجنوبي، خارج نطاق البحث عند إجراء القياسات التي تم تضمينها في الدراسة. وكان الهدف الأولي يكمن في جمع المزيد من البيانات، لكن الوباء وإجراءات الإغلاق عطّلا التجارب. وأضافت تريغو موضحة “لقد حصلنا على تصريح للمواصلة، وقررنا إحضار المجاهر إلى المنزل لتحديد تركيز حبوب اللقاح ونوعها”.

وكان أثناسيوس دامياليس، وهو رئيس قسم علم الأحياء الهوائية في جامعة ميونخ التقنية (ألمانيا)، قد تلقى بيانات حول تركيز حبوب اللقاح أرسلها أكثر من مئة زميل له من جميع أنحاء العالم.

وأرسل الزملاء من نصف الكرة الجنوبي بيانات لدامياليس مع بداية الربيع الأسترالي، ورغم أنه لم يتم تضمينها في النتائج النهائية، لكنهم وجدوا صلة بين حبوب اللقاح وفايروس كورونا.

بالإضافة إلى ذلك تم فح الكثير من البيانات الخاصة ببعض المواقع المختارة، مثل منطقة آوغسبورغ (ألمانيا)، ومناطق من هولندا وكذلك مناخات البحر المتوسط ​​مثل سالونيك في اليونان، وجميعها أكدت وجود علاقة متسقة بين حبوب اللقاح وعدد الإصابات بكورونا. وعلق دامياليس عن ذلك بقوله “في إسبانيا، كانت الفترة التي تم تحليلها 28 يوما. ومن الناحية الإحصائية تكفي هذه العينات المؤقتة اليومية لاستخلاص استنتاجات موثوقة”.

وأكد دامياليس أنه خلال الأشهر القادمة ليس من الممكن دعم الدراسة بالمزيد من البيانات، خاصة بسبب فصل الصيف، لأنه في المناطق المتوسطية ​​مثل إسبانيا، “يمكن أن تقضي درجات الحرارة المرتفعة والجفاف على تأثير الفايروس بغض النظر عن العوامل الأخرى مثل حبوب اللقاح”. وأشار دامياليس إلى أنه في نهاية الصيف وبداية الخريف الماضيين، ظهرت الموجة الثانية من الوباء، لكن مع أدنى تركيز لحبوب اللقاح.

عنصر ثانوي

أعداد حبوب اللقاح ومعدلات الإصابة اليومية ارتبطت بالعدوى في كل من المناطق التي توجد بها تدابير إغلاق والتي من دون إغلاق
أعداد حبوب اللقاح ومعدلات الإصابة اليومية ارتبطت بالعدوى في كل من المناطق التي توجد بها تدابير إغلاق والتي من دون إغلاق

كما عملت الأقنعة التي أوصى بها أخصائيو الحساسية لسنوات كأداة دفاعية فعالة، مما جعل استخدامها على نطاق واسع بعد الموجة الأولى من فايروس كورونا يخفي تأثير حبوب اللقاح. كما ذكر مؤلفو الدراسة أن العامل الرئيسي كان الاتصال بين الأشخاص، لكن تركيز حبوب اللقاح يظل عنصرا ثانويا في العدوى بكوفيد – 19.

ويراهن الباحثون على احتمال أن تساهم حبوب اللقاح في إضعاف جهاز المناعة، مما يسهّل مهمة انتقال الفايروس. وفي سبتمبر 2019 نشرت العالمة ستيفاني جيلس مقالا عن العلاقة بين تركيز حبوب اللقاح وفايروسات الجهاز التنفسي، المسببة لنزلات البرد الفايروس المخلوي التنفسي (RSV).

ورصدت الباحثة 20 ألف شخص لمدة ثلاث سنوات، وذلك عبر قياس تعرضهم لحبوب اللقاح وحالات الإصابة بالفايروسات الأنفية. وقالت جيلس “إذا رششنا مستخلص حبوب لقاح على أنوف الأشخاص غير المصابين بالحساسية، فسيعطّل ذلك العديد من الآليات الدفاعية ضد الفايروسات”.

وأضافت “تُعرف حبوب اللقاح بأنها مادة مسببة للحساسية، ولكننا أبرزنا أنها تؤثر على الأفراد غير المصابين بالحساسية أيضا. نعلم، على سبيل المثال، أنه إذا رششنا مستخلص حبوب اللقاح على أنوف الأشخاص غير المصابين بالحساسية، ستتضاءل استجابتهم المناعية المضادة للفايروسات”. وتابعت “لا نعلم بعد أي مكون في حبوب اللقاح هو المضر، لكننا نعلم أنه ليس هو نفسه الذي يسبب الحساسية”.

وأكدت أن هذا العنصر غير المعروف يعمل على “إضعاف قدرة جهاز المناعة على إنتاج مضاد للفايروسات أثناء العدوى الفايروسية”، مشددة على أنه من غير المعروف إن كان نفس الأمر ينطبق على الفايروس المستجد.

4 في المئة يرتفع معدل الإصابة بكوفيد – 19 عندما يصل عدد حبوب اللقاح  إلى 100 في كل متر مكعب

لكن بالنسبة لعالم الحساسية أنجل مورال، يثير هذا البحث الكثير من الشكوك وخاصة بسبب التسلسل الزمني. وقال مورال “في النصف الشمالي من الكرة الأرضية يكون أعلى تركيز حبوب اللقاح في أشهر الربيع وقد أجريت الدراسة في الشتاء، وسُجّل تحسن خلال الموجة الأولى للوباء في مايو، رغم وجود المزيد من حبوب اللقاح”، غير أن زميله الدكتور خافيير سوبيزا يرى أن الدراسة لها أهمية كبيرة.

وقال سوبيزا “كنا نعلم أنه في مواسم حبوب اللقاح قد يصاب المرضى بنزلات برد أكثر، وكان هذا يُعتبر أحد الآثار الجانبية لرد الفعل التحسسي، إلا أن هذه الدراسة كشفت أن حبوب اللقاح تقضي على خط دفاعنا الأول، سواء كان المرء يعاني من الحساسية أم لا”.

17