حاكم مصرف لبنان بالوكالة يحث الحكومة على إصلاحات طال انتظارها

بيروت – حثّ النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري الحكومة على إجراء إصلاحات طال انتظارها، وذلك خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن توليه مهام القائم بأعمال حاكم مصرف لبنان غدا الثلاثاء ليحل محل رياض سلامة الذي ظل في المنصب ثلاثة عقود.
ومن المقرر أن يتولى منصوري مؤقتا منصب الحاكم بعدما لم تفلح الفصائل السياسية الشديدة الانقسام في تعيين خليفة لسلامة على الرغم من أن البلاد تمر بأسوأ أزمة مالية منذ أربع سنوات.
وتنتهي اليوم الاثنين فترة ولاية سلامة (73 عاما) بعد 30 عاما قضاها في المنصب شابها في السنوات الأخيرة انهيار مالي أسقط الكثير من اللبنانيين في براثن الفقر، إلى جانب تهم فساد وجهت إليه في الداخل والخارج، وهي التهم التي ينفيها.
وأخفق مجلس الوزراء الخميس الماضي في عقد جلسة لتسمية حاكم جديد للمصرف بسبب عدم اكتمال النصاب، في ظل غياب وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر والمردة والحزب الديمقراطي.
ويعارض كل من حزب الله والتيار الوطني الحر تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، بينما يقود رئيس البرلمان، نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، جهود تعيين خلف لسلامة.
وقال منصوري في المؤتمر الصحافي الذي عقده بمقر مصرف لبنان إن القيادة الجديدة للبنك المركزي تخطط لفرض قيود صارمة على متى يمكن للبنك المركزي إقراض الحكومة، وإن هذا التمويل يجب أن يتوقف تدريجيا.
وقال إنه يتعين على السلطات أيضا التخلص التدريجي من منصة تداول مثيرة للجدل تعرف باسم صيرفة ورفع ربط العملة المحلية.
وأكد "نحن أمام مفترق طرق"، مضيفا "أؤكد لكم... لن يتم توقيع على أي صرف بتمويل الحكومة إطلاقا خارج قناعاتي وخارج الإطار القانوني المناسب لذلك".
والإخفاق في تعيين محافظ جديد صورة من صور عجز أوسع نطاقا جعل لبنان بلا حكومة كاملة الصلاحيات ولا رئيس، ليزيد الفراغ في دولة تعاني حالة من الشلل بسبب الانهيار المالي المستمر منذ أربع سنوات.
ولم يتخذ السياسيون في الحكم إجراءات تذكر للبدء في معالجة الانهيار المالي الذي جاء بعد عقود من الهدر في الإنفاق والفساد.
وقال صندوق النقد الدولي في يونيو إن الأزمة تفاقمت بسبب تعارض مصالح خاصة مع إصلاحات هامة.
ودعا المنصوري (51 عاما) الحكومة إلى تنفيذ إصلاحات تشكل قانون لمراقبة رأس المال وقانون لإعادة الهيكلة المالية وميزانية الدولة لعام 2023 في غضون ستة أشهر، قائلا إن هذه هي "الفرصة الأخيرة" للبنان لسن التغييرات.
وتطرّق منصوري إلى خطة المجلس المركزي لمصرف لبنان في المرحلة المقبلة والتي تتطلب تعاونا من قبل الحكومة والمجلس النيابي، الذي من خلاله يمكن رسم سياسة جديدة، "إذ لا قدرة على التغيير من دون خطة متكاملة"، داعياً الطبقة السياسية إلى إخراج كل ما يتعلق بالسياسة النقدية من التجاذبات السياسية.
وشدد على أنه لا يجوز المسّ بالتوظيفات الإلزامية تحت أي مسمّى أو ذريعة، في حين اعتبر أن سياسة الدعم كانت تكلف 800 مليون دولار شهرياً من احتياطات المصرف المركزي ولم تكن سياسة صحيحة ومستدامة.
وتحدث منصوري ضمن الخطة عن تحديد آلية توحيد وتحرير سعر الصرف والعمل على استقراره، قائلاً إن "تحرير سعر الصرف وتوحيده يعني أن سعر الدولار المقوّم على الليرة يتم تحديده بحسب عمليات السوق ومن دون كلفة أو تدخل من المصرف المركزي، على أن يتم ذلك بالتدرج حفاظاً على الاستقرار وبالتوافق بين الحكومة ومصرف لبنان".
جاء تعيين منصوري، وهو شيعي، مع ثلاثة نواب آخرين للحاكم في يونيو حزيران 2020. ويتم اختيار قيادات المصرف المركزي من خلال نظام لتقاسم السلطة بين الطوائف، والذي يحكم اختيارات المناصب العليا الأخرى في لبنان.
ويجب أن يكون حاكم المصرف من الطائفة المارونية في حين ينتمي نوابه للطوائف الشيعية والسنية والدرزية والأرمنية، وتتعين موافقة الزعماء السياسيين الذين يمثلون طائفة كل منهم على اختيارهم.
وجاء ترشيح منصوري في 2020 من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتزعم حركة أمل الشيعية. والمنصوري تربطه ببري صلة قرابة عائلية من درجة بعيدة.
وتشير سيرته الذاتية المنشورة على موقع المصرف المركزي إلى أنه تلقى تدريبا في المحاماة وعمل مستشارا قانونيا لوزارة المالية والبرلمان في السنوات الأخيرة.